لم تسلم الحيوانات في حديقة حيوان بمدينة تعز اليمنية من آثار القتال والقصف وحصار يضربه مقاتلون يمنعون الماء والغذاء خلّف مئات القتلى بالمدينة.
لكن بفضل حملة استغاثة ومساعي امرأة من عاشقي الحيوانات بعيدا في السويد أصبحت فرص الوحوش البرية في النجاة الآن أكبر.
فحيوانات الحديقة المحلية من ذوات الريش وذوات الفراء تعاني الموت البطيء أمام ناظري حراس لا حول لهم ولا قوة بسبب الجوع والعجز عن علاج جراحها في مشهد معاناة آخر لهذا البلد الفقير من حرب قارب عامها الأول على الاكتمال.
لم يعد الأسد هناك ملكا للغابة.. هناك يقبع أحد أسود الحديقة وقد بدا هزاله واضحا في بروز فقرات عموده الفقري وتقيحات تغطي معظم أجزاء جسده.
هناك كذلك الفهود العربية التي تواجه خطرا حقيقيا فتسقط ميتة بعد أن ينال منها الجوع وهي التي اعتادت يوما التجول في المرتفعات الوارفة. يسمح لها مشرفو الحديقة بالتهام الميتة من رفاقها الحيوانات.. أي شيء يساعدهم للبقاء على قيد الحياة.
ويتحدث متطوع يعمل في الحديقة عن مشهد مروع لدى وصوله للمكان فقال إن الحيوانات كانت تتناول الطعام يوما وتبقى بدونه لخمسة وإنها تنزف دما وتعاني الجوع وتقاتل بعضها بعضا على الفتات.
ووصف المتطوع المشهد بأنه صورة من الجحيم على الأرض.
وقال الرجل الذي رفض الكشف عن اسمه لدواع أمنية إن عدد الموظفين في الحديقة انخفض إلى 17 فقط لم يحصل أي منهم على راتبه منذ أشهر ويعملون فقط حبا في الحيوانات.
وأضاف الرجل لرويترز “يقومون بكل ما في وسعهم بالنظر للقصور الحاصل.”
وتتقاتل في تعز مجموعات من المقاتلين المحليين وآخرون من جماعة الحوثي يقول الكثير من السكان إنهم يمنعون دخول المساعدات ويقصفون أهدافا مدنية. وفي تعز واحدة من أسوأ جبهات القتال حيث يسعى مقاتلون موالون للحكومة التي أطاح بها الحوثيون في مارس آذار الماضي لاستعادة العاصمة صنعاء.
ويقول الحوثيون إنهم يقاتلون جماعات متشددة في تعز وفي مناطق أخرى من البلاد وينفون منع دخول إمدادات أساسية.
ويقول سكان إن الحوثيين دأبوا على قصف مستشفيات ومناطق مدنية بينما أجبرت نقاط التفتيش التي أقاموها حول المدينة السكان على تهريب غاز الطهي والخبز من خلال مسارات جبلية وعرة.
ويقصف التحالف الذي تتزعمه السعودية دعما لمقاتلي الحكومة اليمنية مواقع الحوثيين مرات عديدة كل يوم ويعيش السكان أجواء من الخوف.
ويقول مسعفون في المدينة إن 1600 شخص على الأقل قتلوا فيها منذ بداية الحرب. وتقدر الأمم المتحدة عدد قتلى الصراع في اليمن بستة آلاف على الأقل نصفهم من المدنيين.
* عشاق الحيوانات
وليست حيوانات الحديقة في تعز ببعيدة عن أضرار الصراع وبينها 20 أسدا -منها شبلان- و26 من الفهود العربية بالإضافة غزلان عربي وقرود وشياهم ووشق ونسور.
ونفق 11 أسدا وستة فهود. أما الناجون من رفاقها فتقبع في كهوفهم وقد كسى وجوهها الحزن والهم.
وفي وقت سابق هذا الشهر نشر عمال حديقة الحيوان صورا لهم على وسائل التواصل الاجتماعي أمام الحيوانات المبتلاة وكتبوا عليها “ساعدوا حديقة حيوان تعز… الحيوانات تتضور جوعا.”
وسُمع النداء بعيدا في مالمو بالسويد حيث حركت المشاهد قلب تشانتال يونكرجوو عاشقة الحيوانات فبدأت حملة على الإنترنت لجمع تبرعات لتوفير طعام ودواء للحيوانات الحزينة.
وجمعت مساعيها نحو 33 ألف دولار على موقع إلكتروني خلال أقل من أسبوعين استعملت بالفعل لدفع رواتب الموظفين وعلاج جراح أسود وإطعام قطط كبيرة وعدد كبير من القرود.
وقالت يونكرجوو لرويترز عبر الهاتف “أشعر بتأثر كلما شاهدت حيوانات داخل أقفاص تتعرض للاستغلال أو تعاني الجوع.”
وقبِلت يونكرجوو انتقادات بأن 240 ألفا من البشر في تعز يعانون أوضاعا مزرية وليست الحيوانات وحدها لكنها قالت إنها وفريقها من منظمي الحملة على الإنترنت لن يحيدوا عن مهمتهم.
وأضافت “الناس هم سبب الصراع. هناك بلا شك أبرياء يعانون أيضا لكن البشر قادرون على النزوح أو توفير بديل ما. هذا الخيار لا تملكه الحيوانات.. هذا ليس عدلا ونحن ملتزمون بمساعدتها.”