المكاسب الإستراتيجية والاقتصادية والجيوسياسية للخليج بانضمام اليمن لمجلس التعاون

- ‎فيأخبار اليمن, عربي ودولي

“اليمن السعيد”، “اليمن الجديد”، عبارة تلخص آمال الشعب اليمني، في انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي، بما يحمل من مكاسب إستراتيجية وجيوسياسية واقتصادية لليمن ودول الخليج معا، فدمج اليمن يعد جزءا من ضرورات حفظ أمن الخليج وعمقه الاستراتيجي، وحمايته من التدخلات الخارجية، ومخططات تقسيم اليمن وسيناريو الدولة الفاشلة، ويعد استقرار حكومة وطنية والقضاء على انقلاب “الحوثي- صالح” شرطا مهما للإقدام على هذه الخطوة، وسط تحديات يمكن مواجهتها بتوافر الإرادة السياسية.

انضمام اليمن بشروط

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كشف في مقابلة صحفية، أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وافق على انضمام اليمن مستقبلا إلى مجلس التعاون الخليجي لكن بشروط، وأكد في مقابلة  نشرت أمس الأربعاء أنه ناقش مسألة انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي مع الملك سلمان وأن الأخير وافق على انضمام اليمن مستقبلا شرط عدم وجود الحوثيين، والرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح.

مكاسب لمجلس التعاون

في رصد للمكاسب الإستراتيجية بانضمام اليمن لمجلس التعاون، أكد الكاتب “عبد الرحمن الراشد” في مقال بعنوان “ضم اليمن للمجلس الخليجي” في 26 أكتوبر 2016 بصحيفة “الشرق الأوسط”، أنه “سيبلغ عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي 70 مليون نسمة، لو ضمّ إليه اليمن بسكانه الـ 25 مليون شخص، وسيكون المجلس أقوى في جغرافيته السياسية، حيث يشرف على كل الممرات البحرية في ثلاثة بحار إستراتيجية. إضافة إلى أهمية الثقل الديموغرافي والنفوذ الجيوسياسي الذي يمنحها ضمه للمجلس، فإن الحرب الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، أن اليمن الشارد، يمكن أن يكون الباب الذي تهب منه رياح الفوضى والتدخلات الخارجية.”

ونبه “الراشد” إلى إن “رسم خريطة طريق لعلاقة اليمن بالدول الخليجية الست بعد الحرب، يفترض أن يدرس الآن حتى يكون جزءا من العمل السياسي المصاحب للترتيبات الحالية في عدن وصنعاء. والحقيقة أنه سبق للمجلس الخليجي أن درس خيارات متعددة لضم اليمن في السنوات الماضية، وكان وجود علي صالح في الحكم يمثل إشكالية كبيرة، بسبب عدم ثقة الحكومات الخليجية به، وهيامه بلعبة التحالفات. ثم هطلت مظاهرات الربيع العربي في مدن اليمن الرئيسية تطالب بإقصائه لتضع المشروع في الثلاجة، وأظن أن معظم التحفظات الأخرى على انضمامه ليست سياسية، مثل مشكلة معادلة العملة والفوارق الاقتصادية في حال تطبيق اتفاقيات المجلس مثل «الجمركية» وغيرها، وهذه جميعها لها حلول مختلفة، مثل التجربة الأوروبية التي قامت بتأهيل اقتصاديات الدول الأعضاء الأضعف. المهم هو الإرادة السياسية..اليمن يعطي الخليج ثقلا سكانيا واقتصاديا، بأيديه العاملة وأرضه، ونفوذا استراتيجيا.”

عمق استراتيجي

في سياق متصل ، دعا “إبراهيم آل مرعي”، المحلل العسكري السعودي في سلسلة تغريدات بحسابه في “تويتر” ، قادة دول الخليج إلى توسيع المجلس بضم اليمن إلى عضويته، في إطار تقويته وضمان تماسكه لمواجهة التحديات المتزايدة.

ويرى مراقبون أن انضمام اليمن بما يمثله من مخزون بشري وعمق استراتيجي، يعد مكسباً للخليج، ويعد النسيج اليمني بسبب التداخل القبلي والتاريخ المشترك نسيجاً ممتداً في شبه الجزيرة العربية، ويعكس هذا التداخل نفسه في الاغتراب، حيث يصل عدد المغتربين اليمنيين في السعودية وحدها إلى مليون ونصف المليون شخص.

تحديات على أرض الواقع

يعد الاستقرار ونشوء حكومة على أرض الواقع مسيطرة ومنسجمة مع الخليج، التحدي الأول في طريق انضمام اليمن في هذه المرحلة على الأقل، وهو أبرز التحديات بالنسبة للبلد الذي يعيش مرحلة استثنائية تكاد تصل فيه الدولة إلى الانهيار التام، وتحت هذا التحدي تنطوي مختلف التحديات المتعلقة بالأمن والاقتصاد والاستقرار السياسي، العائق الآخر، طبيعة النظام السياسي اليمني واختلافه عن الدول الخليجية، إذ إن نظام الحكم في اليمن جمهوري، إلا أنه أمر من الممكن تجاوزه إذا ما توفرت الشروط الأساسية في الأمن ووجود نظام منسجم مع الخليج، بحسب مراقبين.

تاريخيا، أسهم اليمنيون في تنمية السعودية في مرحلة «الطفرة»، وكان لليمنيين مزايا واستقلال في العمل والتجارة في السعودية لم تنتهي إلا بعد 1990 وانحياز علي عبدالله صالح إلى صدام حسين في غزوه للكويت، إذ تمت معاملة اليمنيين معاملة بقية الجنسيات الأخرى من حيث أنظمة العمل السفر وإنهاء الاستثناء اليمني في المملكة.

هذه التجربة تؤكد -بحسب محللين-أن “اختلال الاقتصاد الخليجي نتيجة القبول باليمن في دول مجلس التعاون” مخاوف متوهمة، فهناك ملايين الأجانب يعملون في منطقة الخليج وهم لا ينتمون إلى ثقافتها ولا نسيجها الاجتماعي، في مقابل أن اليمن جزء من المنطقة وسكانه من صميمها وليسوا قوماً عابرين، ولذلك اليمن أولى من أي دولة أخرى بأن يُدمج في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. وسيكون لهذه الخطوة نتائج مهمة على مستوى الاستقرار السياسي في اليمن والمنطقة.

فالاقتصاد مفتاح لضمان عودة الدولة للفاعلية في اليمن، إضافة إلى أنه خطوة نحو الحد من تشظي اليمنيين وانقسامهم في ظل الخوف والجوع، إذ لعب العامل الاقتصادي والخوف من عزل بعض الأقاليم في النظام الجديد الفيديرالي، وانقسام اليمن إلى أقاليم فقيرة وأخرى غنية، لعبت هذه المخاوف دوراً أساسياً في التشظي السياسي والشكوك حيال أي حل سياسي لرسم يمن ما بعد 2011.

الموقع الاستراتيجي

يقع اليمن في جنوب غرب آسيا بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية. ويشرف على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي عن طريق خليج عدن. يحدها من الشمال السعودية ويبلغ طول الشريط الحدودي بين البلدين 1,458 كم و 288 كم مع عُمان من جهة الشرق.

يتميز موقع اليمن البحري بأنه يتكون من جبهتين مائيتين بالإضافة إلى تحكمه بمضيق باب المندب أحد المضايق المائية المهمة باعتباره عنق الزجاجة بالنسبة للبحر الأحمر، والذي يتحكم بالطرق التجارية بين الشرق والغرب، ويمر عبره 3,3 مليون برميل نفط يوميا بما نسبته 4% من الطلب العالمي على النفط ، وتمر عبره 21 ألف سفينة سنويا وتمثل الشحنات التجارية التي تمر عبر الممر بما يعادل 10% من الشحنات التجارية العالمية مما يجعله يحتل المرتبة الثالثة عالميا بعد مضيق هرمز ومضيق ملقا من حيث كمية النفط التي تعبر منه يوميا، مما زاد أهميته الإستراتيجية ، وزاد من قيمته الاقتصادية.