صالح يتوارى خلف «المرض» مع تنامي جهود إنعاش الحل السياسي

- ‎فيأخبار اليمن

تزامن الاعلان عن خطوات لانعاش مسار الحل السياسي في الأزمة اليمنية، وصدور تصريحات من أطراف فيها، مع أنباء عن تدهور الحالة الصحية للمخلوع صالح، في إيحاء لافت إلى موقف ما، يتشكل بشأن وضع حد للحالة المأساوية التي وصلت إليها البلاد.
ورغم الغموض الذي يلف الأنباء التي تحدثت عن حال صالح، والمفترض أن يكون له موقف معلن من خطوات، تبدو محاولة أخيرة لإعادة مسار الحل السياسي إلى السكة، والدعوة المراوغة لحوار يمني يمني من قبل الناطق باسم جماعة الحوثي، برزت في الأيام القليلة الماضية مؤشرات حول نزوع جاد للعودة إلى مسار الحل السياسي، رغم مواصلة قوات الشرعية التقدم في جبهات القتال وخاصة في محيط العاصمة اليمنية صنعاء.
ولم تبد جماعة الحوثي أي قدر كاف من التجاوب، لهذا مثل ما قاله محمد عبد السلام الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي المتحالفة مع المخلوع صالح في انقلابها على الشرعية، ان «البلد بحاجة لحوار سياسي يمني يمني يأخذ على عاتقه بصدق وإخلاص وضع خريطة طريق تصل بالبلاد إلى شاطئ الأمان وفق رؤى وطنية محددة وواضحة»، موقفاً مفاجئاً.

وكان المخلوع علي صالح في خطاباته الأخيرة يطالب بحوار يمني مع السعودية، بشأن الأزمة، بينما هو الآن مطالب بأن يعي أن لعبته الانقلابية باتت قرب نهايتها، وعليه ان يقلل من حجم خسائر إضافية مفترضة، إذا ما استمر مسار الحل العسكري، الذي يقترب رويدا من مرحلة الحسم لصالح الشرعية في اليمن.

جهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ والتصريحات المختلفة للحكومة الشرعية والأطراف المعنية بالوضع في البلاد، عكست مدى المساعي الدولية ونتائج الجهود الأخيرة التي أفضت إلى اتفاق على توجه نحو مفاوضات سياسية مباشرة بين الشرعية والانقلابيين منتصف الشهر الجاري.
وفي المقابل وعلى نحو تعوزه تأكيدات قاطعة بشأن المفاوضات المرتقبة، ما زال طرفا التمرد والانقلاب يمارسان لعبة المراوغة، ففي حين أفصح ناطق الحوثيين عن «حاجة البلد لحوار سياسي يمني يمني»، يتوارى المخلوع صالح خلف أنباء غامضة حول تدهور حالته الصحية، فيما التزم حزب المؤتمر التابع لصالح الصمت حيال هذا التطور الجديد في الأزمة اليمنية.

وهنا لا يمكن إغفال ما رمى إليه التصريح المفاجئ للسكرتير الإعلامي لصالح، بشأن تدهور صحته، والذي مُرر عبر «وكالة اليمن الإخبارية» على الإنترنت، التي يملكها ويديرها القيادي الحوثي المنشق علي البخيتي، فمثل هذا التصريح يمكن ان يفهم بأن الرجل يترك، مجبرا، الأمر لمحاولة إنعاش الحل السياسي، وهو الذي يبدو انه شعر بعدم جدوى «مناطحة» قوات الشرعية اليمنية وقوات وطيران دول التحالف.

أحمد الصوفي سكرتير المخلوع قال إن زعيمه صالح: «صحيح إن صالح مريض، لكن ما يثار أنه توفى مجرد أحاديث ولم يتم نقله إلى أي دولة ولا يزال في منزله بصنعاء»، وكانت مواقع إخبارية إلكترونية يمنية أوردت السبت، أن «صالح أصيب بجلطة دماغية، وهو في حالة موت سريري، ويرقد في العناية المركزة بأفضل المستشفيات في السويد».

وتناقلت وسائل إعلام يمنية ومواقع التواصل الاجتماعي بتحفظ وإيجاز الأنباء التي تحدثت عن تدهور الحالة الصحية للمخلوع صالح، حيث أكدت بعضها «تعرضه لنزلة برد قوية منتصف الأسبوع الماضي، تطورت إلى التهابات بالحنجرة، فضلاً عن مضاعفات تسببت في سوء وضعه الصحي، جراء إصابته السابقة خلال تفجير دار الرئاسة في 3 يونيو/حزيران 2011».

وذكرت وسائل إعلام أخرى إن مصادر مقربة من صالح قالت إنه يخضع حالياً للعلاج من جانب طبيب يمني وممرضين اثنين، بعد فشل وصول طاقم طبي إيراني إليه. وأشارت إلى أن الطاقم الطبي اليمني وصل إلى مكان تواجده في منطقة حدة قرب مقر حزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء الجمعة الماضية.
وأوضحت المصادر أن طاقماً طبياً مكوناً من 4 أطباء أوروبيين وإيرانيين، كانوا في طريقهم لعلاج صالح وقيادات حوثية، الأسبوع الماضي، على متن سفينة، قبل أن تضبطها قوات «التحالف العربي» في عرض البحر، حد تعبير تلك المصادر.
وبقدر ما يرى بعض المحللين أن الحديث عن مرض صالح يدخل في إطار الحرب النفسية التي تشن للنيل من عزيمة الموالين لصالح، هناك من يرى أن ذلك يصب في التمهيد لانتقال صالح إلى موقف جديد، يستوعب هزيمته وميليشياته الانقلابية.
وبغض النظر عن صحة الأمر من عدمه، وهذه الفرضية، إلا أن لعبة كهذه باتت معهودة في المسار المضطرب والمتقلب للمخلوع صالح ومؤشر على متغير ما، يتماهى مع التطورات الأخيرة، وليس بالضرورة أن ينحو ايجابياً، كعهد الرجل طوال مسيرة حياته السياسية في السلطة لأكثر من ثلاثة عقود.
وطالما تردد أن صالح يرغب في الخروج من اليمن شرط أن يجد ضمانات كافية له وتسهيلات تتعلق بالطريقة التي سيخرج بها وعائلته، وتقديم ضمانات بسلامة جميع أملاكه وأمواله الموجودة، وبغيابه أو تغييبه عن المشهد السياسي وأجواء الحرب في البلاد بالمرض أو الوفاة أو ادعاء ذلك، فحتما سيدخل الوضع فيها منعطفاً جديداً، وربما تضع الحرب نهايتها بتسوية أو صفقة سياسية أو عبر الحسم العسكري، غير أن بروز أمر مفاجئ آخر من المخلوع، يقلب تلك التكهنات، أمر وارد. ويُبدي الرأي العام تفاؤلاً حذراً تجاه أي خطوات تنحو باتجاه المسار السياسي لحل الأزمة، مع تطلع شديد لوضع حد للحرب التي أنهكت اليمنيين والمستمرة منذ قرابة عام، رغم أنه لا ضمانات قاطعة لنجاح المفاوضات المرتقبة منتصف الشهر الجاري.