م تتعظ الشرعية اليمنية والتحالف العربي بما حدث في تعز سابقا؛ تركت المدينة تواجه مصيرها أمام جحافل الحوثي- صالح لتعيد الكرة الهمجية من جديد، وتطبق الحصار على المدينة، عقب أيام معدودة من كسر المقاومة الشعبية والجيش الوطني لهذا الحصار الظالم .
تساؤلات عدة تطرح بشأن تعاطي الشرعية والتحالف العربي تجاه نجدة تعز، ودعم مقاومتها ضد قوى الانقلاب. بعض هذه التساؤلات أوغل في نظرية المؤامرة، بأن تعز تواجه واقعها على مرأى ومسمع الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائبه رئيس الحكومة، خالد بحاح، تماهياً مع موقف ما لبعض دول التحالف العربي التي لم يرق لها تحقيق انتصارات في تعز لحساب فصيل سياسي، تبدو بعض قياداته في مقدمة الصفوف المقاومِة هناك.
صح هذا التفسير أم لا، فإن الثابت والواضح أن تعز تواجه خذلاناً من الصديق قبل العدو، وهو ما سيتكشف مع مرور الوقت بصورة أدق، تفاصيلها ستمثل ثقبا أسود في جسم الشرعية التي لم تكلف نفسها متابعة أوضاع الجرحى وأسر الشهداء، فضلا عن جوانب الحياة الإنسانية في تعز.
واقع تعز وموقف الحكومة الشرعية الضبابي تجاهها يحدث انطباعاً شعبياً لا يخدم مصلحة الشرعية ومواجهة الانقلاب، ويشي بشعور يأخذ في ملامحه بعداً مناطقيا أحيانا، أو على الأقل، هذا ما يفهمه المواطن العادي، يتعاظم هذا الشعور مع خيبة شعبيةٍ في تقلد الرئيس الحالي زمام الأمور، ويوماً ما لم يكن حازماً أو جاداً في إدراك مسؤولياته، وظروف المرحلة، هذا ما قاله مراقبون، وصولاً إلى أن يكتب وزير ثقافة يمني سابق محسوب على صف الشرعية “اليمنيون صابرون على هادي فقط، لأن الخيار الآخر أسوأ”.
لم تستطع قوى الحوثي-صالح استعادة السيطرة على مداخل تعز، وتحديداً منطقة الضباب، إلا بلواء عسكري كامل، هو اللواء العاشر حرس جمهوري الموالي لصالح، جيء به من الحديدة غربي البلاد، قاطعا عشرات الكيلو مترات، وصولاً إلى حيث يقاتل الآن، ألم يكن في مقدور الشرعية والتحالف العربي إمكانية اعتراض هذه القوة العسكرية، وهي ما زالت في طريقها إلى تعز! ثم لماذا أصلاً عدم مد المقاومة والجيش الوطني في المدينة بأسلحةٍ ثقيلةٍ، تمكنهما من مجابهة القوة التي بيد الطرف الانقلابي، للمحافظة على المناطق المحرّرة على الأقل.
مواقف تبدو محيرة، يطرح معها بعضهم أن أطرافاً ما في الشرعية استمرأت هذا الواقع، ووجدت فيه فرصةً لتحقيق مكاسب شخصية، وضربت مستقبل البلد عرض الحائط، تعزّزها تسريبات عن تحالفاتٍ وتكتلاتٍ في أروقة الشرعية اليمنية في الرياض، بينها أطراف حزبية ومنشقون عن صالح، لإبرام صفقات محاصصة جديدةٍ، قبيل تشكيلة حكومية جديدة محتملة، يرأسها شخصية مثيرة للجدل، شاركت في صف الحوثيين في إحدى جولات المفاوضات في مراحلها الأولى، وتتزعم حزباً سياسياً وليداً محسوباً على قوى الثورة.
إن حدث ذلك، فما هي إلا استمرار لتجزيء المجزأ، بدلا عن تصويب المسار وتوحيد الجهود في إنهاء الانقلاب، ووقف معاناة الشعب الذي لم يعد يفرق بين جبروت الانقلاب وخذلان الشرعية.