مرارة الانقلاب الطائفي

- ‎فيكتابات

مر عام على انقلاب جماعة الحوثيين، أو من أطلقوا على جماعتهم أنصار الله، ووصفوا مسيرتهم الدموية التخريبية بالمسيرة القرآنية، وبدعم بلا حدودٍ من الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، من خلال قبضته العسكرية والأمنية التي سهلت لهم الدخول إلى عمران، ومن ثم صنعاء، وفتحت لهم معسكرات الدولة، ليستخدموها ضد ما اتفق عليه الجميع في مؤتمر الحوار الوطني.
تجلت مرارة الانقلاب بطائفيته النتنة، منذ الوهلة الأولى لإعلان لجنتهم الثورية العليا، وإعلان اسم رئيس اللجنة المدعو محمد علي الحوثي، وهو سجين سابق في فترة الحروب التي خاضها الحوثيون مع سلطة علي صالح وجيشه، كما أنه المشرف على توزيع القات في جبهات قتال الحوثيين، في حروبهم السابقة مع نظام علي صالح، حليفهم اليوم الذي قتل إخوانهم وآباءهم وأبنائهم في حروب ستة على مدار سنوات، فماذا حصدت الجماعة الحوثية وقوات صالح، بعد مرور سنة على انقلابهم الطائفي المشؤوم؟
خراب ودمار عمّ المدن اليمنية، وبالذات التي كانت سباقة إلى رفض انقلابهم، لعل أبرزها عدن وتعز والضالع والبيضاء ومأرب والجوف وأبين وشبوة، ضحايا بالآلاف من الرجال والنساء والأطفال، منهم من قتل، ومنهم من أصيب، كثير منهم قتل وهو آمن في بيته أو حارته، نتيجة سقوط صاروخ كاتيوشا أو قذيفة هاون أو قذيفة هاوزر أو رصاصة قناص لا يعرف الرحمة.
عندما قاموا بانقلابهم المشؤوم، أغلقت سفارات دول العالم، وبقيت إيران وحدها تمدّهم بالخبراء والأسلحة، عبر أربعة عشر رحلة في الأسبوع بين صنعاء وطهران، ولم يقتصر خطر الانقلاب على الشعب اليمني، بل وصل خطره إلى دول الجوار العربي، وامتد ليشكل خطراً على الملاحة في قناة السويس، من خلال سيطرة ميليشيات مجنونة على مضيق باب المندب.
يقاوم اليمنيون هذا الانقلاب بما يستطيعون، والتحالف العربي الذي تشكل عقب الانقلاب يضرب بقوة الانقلابيين في العمق. عام من الحرب والمرارة، بعضها سمٌ وبعضها علاج، سمٌ على هذه الجماعة تتجرّعه حتى تفيء وتعود إلى رشدها، أو حتى تنتهي وتعود السلطة للشعب، من خلال تحرير الوطن من سيطرة هذه الجماعة، وحليفها الدموي علي صالح، وعلاج للوطن من جيش عائلي ونظام فاسد، يكاد أن ينتهي ويطوي آخر سيرته وحكايته، ويبدأ بالتشكل جيش وطني جديد، غير خاضع لسيطرة أسرة، ولا قبيلة، ولاؤه لله وللوطن وللشعب، وها هو يمتد من مأرب وعدن وتعز وميدي والجوف وشبوة، ويمر بأبين والضالع وحرض، وقريباً يكون في صنعاء، لأجل الشعب، ودحراً لزمن المرارات الطائفية، وأكرّر مصطلح طائفية، لأن هذه الجماعة اعتمدت، في سلطتها، على كل من ينتمي لها، أو هو محسوبٌ عليها، مع بعض الشخصيات المعروفة بفسادها في عهد المخلوع علي صالح.
مرارات كثيرة نتجرعها في اليمن، لكننا صابرون، حتى يأتي غدٌ أجمل من خلف ركام الخراب والدمار، ومن تضحيات هذا الشعب الذي عُرف بجلده وشدته.