سلم الحوثيون الأسير السعودي وأوصلوه إلى مدينة أبها السعودية بخمسين سيارة مضاف لها اعتذار و50 قُبلة في رأس والده، والمعتقل السياسي الكبير ومحمد قحطان قالوا لا يعرفون مصيره… والألغام نزعوها من حدود السعودية، مقابل بعض تمور ودقيق وزيوت طبخ، وتعز وزعوا فيها -قبل خروجهم- متفجرات ضخمة على أشكال أحجار، وأحاطوها بالألغام من كل اتجاه، ومحافظة البيضاء حاصروها وحرموها حتى من مياه الشرب؛ باعتبار أهلها “دواعش”، فيما يتسابقون على مديح الإمارات وتقديم الاعتذار لها… باختصار نحن أمام جماعة نشأت مستعبدة في محاضن السلاح، ولن تُؤمن إلا بلغة العنف والقوة.. وهنا هي تحني رأسها للعاصفة، لاسترجاع أنفاسها وترتيب صفوفها، لتعاود كرة الهجوم في لحظة قادمة.
الجماعة الحوثية حركة دينية إرهابية متطرفة استطاعت أن تحتضن في صفوفها كل متعطش للدماء وراغب في الانتقام، خرجت من كهوف وجبال صعدة واستقطبت عدد كبير من أبناء الأسرة الهاشمية، الذين منّتهم بالوعد الإلهي في الحكم، وأقنعتهم بمظلوميتهم، واتساقا مع تاريخ أجدادهم الدموي حملوا السلاح في وجه مخالفيهم، حتى صار الفعل “اقتل” هو الأقرب لوجدان الجماعة.
وحركة لا تزال ترفع شعار “الموت” لن تبني الحياة، ولن تفكر بالتنمية والاستقرار.. ومن يطمئن لجماعة أول كلمتين في شعارها هي “الموت” وتأتي بعد “اللعنة”؟؟!
منذ نشأة الجماعة الحوثية تحت مسمى “منتدى الشباب المؤمن” في عام 1991 وظهورها العلني في أول حروب صعدة في يونيو 2004 وهي تبدو متحررة من أي التزام أخلاقي أو سياسي تجاه المجتمع؛ لذا لم ترد أي مفردة “تنمية” أو “استقرار” أو “تعليم” في خطاباتها.. تطلق عبارات جوفاء بالموت لأمريكا وإسرائيل وتلعن اليهود، في الوقت الذي يحرسون فيه السفارة الأمريكية وسفارات الغرب وبعثاته الدبلوماسية، بمقابل ضغط غربي لم يتوقف تقوده أمريكا لدعم بقاء الجماعة الحوثية حركة سياسية بذراع عسكرية، لتكون نسخة يمنية من حزب الله اللبناني.
منذ وقت مبكر كنت أصف “الحوثية” بأنها الخميرة المسمومة التي تحضرها أمريكا للخليج وتحديدا السعودية، هي حجر الزاوية في مشروع تفتيت الجزيرة العربية وإعادة هيكلتها، وبرعاية أمريكا امتلكت السلاح والعتاد وتوسعت في النفوذ، وهدمت دولة فوق رؤوس ساكنيها، وفعلت خلال سنة واحدة عشرات أضعاف ما فعلته “داعش” و”القاعدة”.. ولا تزال أمريكا تقف إلى جانبها.
دول الخليج اشترت الحبل من مالها، وربطته حول عنقها بإحكام، وسلمت طرفه الآخر لأمريكا، وطلبت منها أن تقودها، وفوق ذلك دفعت أموالا باهظة لاسترضاء أمريكا… وهذه هي النتيجة!!
قادتها أمريكا بإحكام إلى حافة الهاوية، وفككت أمنها القومي، وسلمت خاصرتها الجنوبية لذراع إيران العسكرية، وكادت تسقطها في قعر المشروع الأمريكي الإيراني لولا أن تداركها الله بإدارة الملك سلمان التي جاءت متنبهة ومستوعبة تماما لحجم الخطورة وضيق اللحظة الفاصلة التي تنتظرها، ولو تأخرت لستة أشهر فقط لكانت النتائج مختلفة وأكثر تعقيدا، إذ كانت “الحوثية” الفارسية ستحكم سيطرتها على كل #اليمن، وترتب لهدفها القادم وهو جنوب السعودية.
ما فعلته السعودية من ضربات مباغتة أنقذت اليمن ضمن تحالف عربي من عشر دول، تلاه تحالف إسلامي من عشرين دولة، أعقبه مناورة عسكرية هي “رعد الشمال” الأولى من نوعها في تاريخ الجزيرة العربية، هو تمرد واضح وعلني على رغبات الإدارة الأمريكية التي خانت حلفاءها الخليجيين، وانحازت كلية للمشروع الإيراني، وهذا ما جعل الرئيس الأمريكي أوباما يهاجم السعودية ودول الخليج ويعتبرها مصدرا للإرهاب.
مقابلة أوباما هذا لأسبوع مع مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية هي إيذان بفك الارتباط مع الخليج، وتحريض علني ضد السعودية والخليج التي يعتبر أموالها وفكرها ودينها مصدرا للإرهاب، وتهديد عسكري أمريكي واضح، إذ يقول أوباما: “دول الخليج لن تستطيع الحسم دون تدخلنا العسكري، ونحن لن نفعل ذلك”.. وفي فقرة أخرى يتوعد بسحب القوات الأمريكية من الخليج إلى “أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية حيث المستقبل”.. وكأنه يتوعد الخليج بجعله صحراء مكشوفة أمام أطماع لإيران!!
في هذه اللحظة إذا لم تتدخل يد أمريكا وتفكك دول التحالف الإسلامي كل على حدة، فهذا التحالف قادر على تغيير صيغة المعادلة في الشرق الأوسط كاملا، وليس في الخليج فقط.