غموض حول سريان خطة وقف إطلاق النار باليمن

- ‎فيأخبار اليمن, تقارير

لازال الغموض يكتنف الخطة الأممية بوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في اليمن، والذي بدأ سريانه اليوم الأحد، تمهيداً لخوض جولة المباحثات المقبلة بالكويت في الثامن عشر من الشهر الجاري بين وفدي الحكومة الشرعية باليمن وميليشيا الحوثي تحت رعاية أممية.

كانت الأطراف اليمنية قد وافقت على هدنة تشمل وقف كافة الأعمال القتالية تبدأ من اليوم العاشر من إبريل ، وذلك بهدف تمهيد الأجواء لانطلاق محادثات سلام يمنية يمنية في الكويت تحت رعاية الأمم المتحدة في 18 إبريل بهدف التوصل إلى اتفاق شامل، ينهي الحرب ويسمح باستئناف حوار سياسي شامل.

فقد رجحت مصادر سياسية يمنية تأجيل عملية وقف إطلاق النار لأيام قادمة بما يعني في الوقت ذاته تأجيل موعد انطلاق مباحثات الكويت، وقالت المصادر: إن تأخر جماعة الحوثي في إبداء الموافقة النهائية على مسودة وقف إطلاق النار يقف وراء عدم سريان الهدنة.

وأشارت المصادر إلى أن جماعة الحوثي وصالح تشترط وقف تحليق طيران التحالف العربي، والذي نص الاتفاق على استمرار تحليقه خلال أيام الهدنة لمراقبة الأوضاع على الأرض، وأن تكون المفاوضات بين مكونات سياسية، وليس بين طرفين، حكومة شرعية، وطرف انقلابي وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية.

كان الناطق باسم جماعة الحوثي في اليمن محمد عبد السلام قد أعلن في وقت سابق أن جماعته تسلمت مسودة لوقف إطلاق النار في إطار الجهود المبذولة لإنهاء النزاع في البلاد،وقال في بيان صحافي يوم أمس الأول “تسلمنا من الأمم المتحدة مسودة اتفاق وقف إطلاق النار وسلمنا ملاحظاتنا على تلك المسودة للأمم المتحدة وما زال النقاش جاريا عليها ولم تتم الموافقة النهائية عليها بعد”.

وحول سريان وقف إطلاق النار أكد مصدر في لجنة التهدئة الحكومية أن وقف إطلاق النار سيسري أولا وبشكل تام في محافظة “تعز” جنوبي العاصمة صنعاء، والتي تتصاعد فيها المواجهات منذ أكثر من عام، وكذلك تفرض عليها ميليشيات الحوثيين وصالح حصارا خانقا من جميع المنافذ، بالإضافة إلى محافظة “حجة” شمال غرب اليمن، والتي تشهد معارك طاحنة في محيط مدينة “ميدي” فقط بالقرب من الحدود السعودية، فيما سيتم وقف التصعيد بحسب المصدر وتمركز كل طرف في المواقع التي يسيطر عليها قبيل سريان الهدنة مثل محافظتي مأرب والجوف، كما ستشرف الأمم المتحدة على نشر لجان محلية في مناطق المواجهات تتولى مراقبة الخروقات التي قد ترتكب أثناء سريان الهدنة.

وقال المصدر إن الهدنة المرتقبة ستوفر فرصة لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى جميع مناطق اليمن وخاصة محافظة تعز المحاصرة من قبل ميليشيات الحوثيين وصالح وفق تأكيدات مسؤولين في الأمم المتحدة .

كان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قد أعلن في الـ23 من شهر مارس الماضي أن أطراف الصراع في اليمن قد وافقت على وقف “الأعمال العدائية” بدءا من منتصف ليلة العاشر من إبريل ، وبيّن ولد الشيخ أحمد أن الاتفاق على إجراء محادثات السلام جاء نتيجة لمشاورات مكثفة مع جميع أطراف الأزمة خلال الفترة الماضية.

وبدأت الأمم المتحدة مع الأطراف اليمنية بالترتيب لإجراءات وقف إطلاق النار ، حيث وصلت إلى الكويت في الرابع من الشهر الجاري لجنة التهدئة والتواصلِ الحكومية المعنية بمراقبة وقف إطلاق النار وفق ما أعلنه مصدر حكومي يمني وأوضح المصدر أن الفريقَ الحكومي سلم مسودة ملاحظاته حول الورقة المقدمة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمتعلقة بترتيبات وقف إطلاق النار، كما سيقدم رؤيته للأجواء الملائمة لانطلاق المشاورات .

وقال مصدر في الجيش اليمني إن القوات الحكومية المدعومة بالمقاومة الشعبية ستظل في حالة تأهب قصوى للمضي في خيار الحسم العسكري لاستعادة مؤسسات الدولة ، في حال استمرت جماعة الحوثي وصالح في تعنتها وتلكئها عن تطبيق القرار الأممي الذي نص على ضرورة سحب ميليشياتها من كافة المدن وتسليم السلاح وإطلاق المعتقلين، مؤكدا أن قيادات الجيش دفعت خلال الأيام الماضية بتعزيزات ضخمة نحو مديرية نهم  التابعة لمحافظة صنعاء استعدادا لخيار الحسم العسكري والتقدم نحو العاصمة صنعاء لتحريرها في حال لم تتجاوب جماعة الحوثي وصالح مع المساعي الهادفة إلى إحلال السلام واستعادة الشرعية عبر الحل السياسي.

ومن المقرر أن تبحث المباحثات المقبلة بين الأطراف اليمنية بحسب ما أعلنه المبعوث الأممي في وقت سابق، خمس نقاط أساسية هي الانسحاب من المدن، وتسليم السلاح، والترتيبات الأمنية، والحل السياسي، وإنشاء لجنة لتحرير السجناء والأسرى، على أن تشمل النقطة الرابعة المتعلقة بالحل السياسي استعادة الدولة سيطرتها على جميع مؤسساتها، إلى جانب استئناف الحوار السياسي في البلاد، كما سترتكز المفاوضات على ثلاثة محددات هي : المبادرة الخليجية، ونتائج الحوار الوطني الشامل ، والقرارات الأممية ذات الصلة.

ورغم التأكيدات المتكررة التي أطلقها المبعوث الأممي على إنجاح المفاوضات ، وإعلانه عن موافقة جماعة الحوثي على تطبيق القرار الأممي “2216 ” ، فإن ما يجري على الأرض وخاصة في جبهات القتال يبدد التفاؤل بإمكانية الحل السياسي للأزمة اليمنية ويجعل خيار الحسم العسكري حاضرا وبقوة في أجندات الحكومة اليمنية، وخاصة بعد الكشف عن استمرار جماعة الحوثي وصالح في تهريب واستيراد الأسلحة ، وأيضا استمرارها في حشد مقاتليها إلى جبهات القتال.

وأبدت الحكومة اليمنية في أكثر من مناسبة خلال الأيام الماضية مواقف إيجابية حيال إنجاح المفاوضات المرتقبة ، وتمسكها بالحلول السلمية للأزمة الراهنة ، غير أن هذا الحرص لم يخل من توجس الحكومة اليمنية حيال المواقف المتذبذبة لجماعة الحوثي وصالح كما حدث خلال المشاورات السابقة التي جرت في العاصمة السويسرية ” جنيف ” ، كما لم يخل الحرص أيضا من تأكيد الحكومة اليمنية على ضرورة أن تلتزم جماعة الحوثي وصالح بالتنفيذ الكامل وغير المشروط للقرار الأممي رقم “2216 ” .

وفي هذا الصدد أكد رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر  موقف الحكومة اليمنية وحرصها لإحلال السلام في اليمن، وأن الحكومة جادة في تحقيق وقف إطلاق النار، وشدد خلال لقائه يوم الخميس الماضي سفير الولايات المتحدة لدى بلاده “ماتيو تيلر”، على الحرص الكبير الذي يوليه الرئيس عبد ربه منصور هادي وقيادات دول التحالف العربي، في البحث عن حلول لانفراج الأزمة.

وقال ابن دغر “نتمنى من المجتمع الدولي الضغط على الحوثيين من أجل تنفيذ الالتزامات التي يفرضها القرار الأممي 2216”.

وأضاف: “نحن جاهزون للسلام بينما الطرف الآخر حتى هذه اللحظة لا زال يعمل على تهريب الأسلحة إلى اليمن، وهذه مؤشرات لا تنبئ على رغبة حقيقية لديهم للسلام، كما أن تدفق سفن الأسلحة الإيرانية يؤكد استمرار التدخل الإيراني في الشأن اليمني ورغبتها لاستمرار الحرب وزعزعة استقرار المنطقة .

وكانت الأمم المتحدة قد رعت جولتين من المفاوضات بين الأطراف اليمنية، في مدينتي “جنيف ، وبازل ” بسويسرا خلال الأشهر الماضية، دون التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ نحو عام ونصف .

وتهدف المفاوضات التي ستعقد في دولة الكويت بموافقة من الأطراف إلى إيجاد حل للأزمة اليمنية ، وإيقاف رحى الحرب التي أشعلتها جماعة الحوثي وصالح منذ نحو تسعة أشهر، وأسفرت عن مقتل ما يزيد على ستة آلاف مدني وإصابة عشرات الآلاف إضافة إلى نزوح أكثر من مليوني يمني داخليا بحسب إحصائيات نشرتها منظمات تابعة للأمم المتحد في وقت سابق.