قبل الحرب في اليمن، كانت دول الخليج والعراق ولبنان والسودان تفرض تأشيرات على اليمنيين. أما مصر وسورية والأردن وليبيا وعدد آخر من الدول العربية فلم تكن تفرضها. لكنّ الحرب غيّرت كلّ شيء وبات اليمني ممنوعاً من دخول معظم الدول العربية من دون الحصول على تأشيرة مسبقة، بالإضافة إلى ما يتعرض له من مضايقات في السفر من صنعاء.
في 15 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قررت السلطات الأردنية تطبيق نظام التأشيرة والإقامة على المواطنين اليمنيين. بهذا الإجراء أغلق آخر منفذ كان متاحاً في وجه اليمنيين الذين يتوجهون إلى الأردن بالآلاف بهدف العلاج، فضلاً عن كونها محطة “ترانزيت” للطلاب في الخارج ورجال الأعمال.
سبق خطوة الأردن إصدار وزارة الداخلية المصرية تعليمات إلى كافة الموانئ والمطارات، في مارس/ آذار 2015 بعدم دخول اليمنيين الآتين من أي دولة في العالم، وليس من اليمن فقط، إلا بعد الحصول على تأشيرة مسبقة تتضمن موافقة الجهات الأمنية، نظراً للأوضاع الأمنية في اليمن. ومثل ذلك فعلت ليبيا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي ومنعت أي مواطن يمني يرغب في زيارتها أو الاستقرار فيها حتى تهدأ الأوضاع في بلاده كلياً. أما سورية فالأوضاع فيها لا تسمح بالسفر إليها أساساً.
الحرب الدائرة في اليمن ساهمت في تكريس ظاهرة التعامل مع الجواز اليمني بقلق وريبة من قبل الأجهزة الأمنية في مطارات الدول العربية. وبات معظم اليمنيين ممن يرغبون بالسفر بغرض العلاج وغيره، عالقين في عدة دول عربية. أبرز تلك الدول مصر والأردن. كما يتعرض هؤلاء إلى إجراءات استجواب من قبل الأجهزة الأمنية في مطارات تلك الدول، تُسفر أحياناً عن الاحتجاز بصورة غير إنسانية. وهو ما يؤكده مصدر سياسي يمني، يتواجد في مصر، في حديثه مع “العربي الجديد”. يشير إلى أنّ “شركة الطيران اليمنية تضيف على كلّ تذكرة سفر 100 دولار أميركي تحت مسمى التأمين، وهذا المبلغ لا يردّ، فضلاً عن فرض غرامة 100 دولار على التذكرة في حال طلب المسافر تغبير موعد السفر، أو تخلّف عن الحضور، وذلك بعكس شركات الطيران الأخرى التي تفرض 5 في المائة فقط عن كلّ تعديل”. إلى ذلك، قلصت شركة الطيران اليمنية، الوزن المسموح به إلى 30 كيلوغراماً، وأيّ زيادة حتى بكيلوغرام واحد تفرض عليها 10 دولارات، في حين أن شركات الطيران الأخرى تسمح بـ54 كيلوغراماً. ويؤكد المصدر أنّ “هذه الأموال المفروضة من قبل شركة “اليمنية” تذهب إلى المليشيات التابعة لأنصار الله الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح كمجهود حربي”.
في هذا السياق، يقول نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، عبد الملك المخلافي لـ”العربي الجديد” عبر الهاتف: “اليمنيون ضحايا جريمة الانقلاب (سيطرة الحوثيين وصالح على البلاد) ولا يجب أن نغفل ذلك، وعلينا واجب أن نسعى قدر المستطاع لتخفيفها. على شعبنا أن يصبر ويبذل الجهد لاستعادة الدولة”.
يوضح أنّ “الحكومة اليمنية تحاول التخفيف من الإجراءات التي تعترض اليمنيين في بعض الدول. لكن لا يمكن أن تقتنع أي دولة بإنهاء هذه الإجراءات، الا اذا استعدنا الدولة”. يتابع: “أبذل كلّ يوم جهوداً كبيرة من أجل التخفيف من المعاناة عن اليمنيين في الدول العربية، وهذا يأتي في إطار الواجب والمسؤولية تجاه الشعب اليمني”. يشير إلى أنّ حكومة هادي على تواصل مستمر مع وزراء خارجية معظم البلدان، بشأن قضايا المواطنين ومعاناتهم، لا سيما تلك التي تتعلق بموضوع الإجراءات التي تتخذ ضد اليمنيين.
يؤكد المخلافي، في هذا الإطار، أنّه تحدث مع وزيري خارجية الجزائر والأردن، قبل أيام في إسطنبول بهذا الخصوص، مؤكداً أنّ الرئيس هادي سيزور الأردن ويتحدث مع عاهله عبد الله الثاني في الشأن نفسه. كما يلفت إلى أنّ “المشكلة هي في سيطرة المليشيات على العاصمة صنعاء، والمطار ودائرة الجوازات”.
يشير المخلافي إلى أنّ معظم الدول التي تشددت في إجراءات دخول اليمنيين إلى أراضيها، أكدت للحكومة التي يمثلها أنّها إجراءات أمنية موقته وليست سياسية. ويعلق: “يذكر مسؤولو تلك الدول وقائع يطول شرحها حول ممارسات الانقلاب في اليمن وما يمثله من انفلات للأوضاع الأمنية وغياب للدولة”. يتابع أنّ مسؤولين في هونغ كونغ أوضحوا له أنّ “مواطنيهم في مطار صنعاء، تعرضوا لمعاملة سيئة منذ بداية عام 2015، من قبل الحوثيين، وفرضت تأشيرة عليهم بالرغم من اتفاق إلغاء التأشيرة بين البلدين”.
إلى ذلك، يذكر المخلافي أنه تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول التأشيرة المفروضة على دخول اليمنيين إلى مصر. وينقل عن السيسي قوله إنّه “حريص على الشعب اليمني. ومصر ستبقى مفتوحة أمام اليمنيين. وسيعمل على التخفيف عنهم بقدر الإمكان. أما فرض التأشيرة فقد جاء ضمن سلسلة إجراءات أمنية موقتة إلى أن تستعيد الحكومة الشرعية السيطرة على الدولة”.