أثارت مطالب رئيس وفد الحوثيين المشارك في المشاورات اليمنية الجارية الكويت، بوقف عمليات التحالف العربي وقوات الشرعية لتطهير المدن الجنوبية، من عناصر تنظيم القاعدة، واعتبار ذلك “استعماراً أجنبياً”، العديد من الاستفهامات حول طبيعة العلاقة بين المتمردين وعناصر تنظيم القاعدة.
واعتبر متابعون للشأن اليمني، أن مطالب وفدي التمرد هذه، ومقايضة وقفهما لخرق الهدنة وقصف المدن، بوقف العمليات ضد أوكار عناصر تنظيم القاعدة، بقدر ما تعتبر نوعا من المراوغة والتملص من التزاماتهما أمام الأمم المتحدة، فإنها تكشف خفايا علاقة ظلت ضبابية وغير مفهومة، لطرفين يظهر كل واحد منهما العداء للآخر في العلن، مؤكدين أن الموقف الأخير جعل الصورة الضبابية أكثر وضوحاً، وأنهما عبارة عن وجهين لذات العملة.
تناغم الأعداء
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، نبيل البكيري، إن “إسقاط الدولة وانهيار مؤسساتها، هي البيئة الفضلى والمثالية بحسب استراتيجية إدارة التوحش لتواجد وعمل وتعزيز سلطة دولة القاعدة في أي مكان كان”.
وأشار البكيري، في حديثه لـ”إرم نيوز”، إلى أن “الجديد في هذا السياق هو حالة التناغم والتكامل بين مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة هذه المرة، وتبين ذلك من خلال استمرار ضخ السلاح والوقود من الموانئ، التي كانت تحت سيطرة القاعدة لمليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، طيلة فترة الحرب”.
ونوه البكيري، أن “هذا التناغم يضع عدد من علامات استفهام حول العلاقة الخفية بين الطرفين، في ظل حالة العداء والتكفير المتبادل بين الجماعتين”.
كشف المستور
ويؤكد محللون عسكريون، “أن عمليات تحرير المدن اليمنية، وعودة الشرعية إلى سابق عهدها، لا يكتمل إلا بمحاربة الانقلابيين والتنظيمات الإرهابية، ولا يتأتى إلا إذا كان ذلك في آنٍ واحد”.
ويقول رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبد السلام محمد، “إن العمليات ضد تنظيم القاعدة في المناطق المحررة، تأتي في إطار استعادة الدولة من الانقلاب، الذي أحدث فراغا كبيرا تسبب في تمدد الميلشيات المسلحة بأنواعها”.
ويضيف محمد، في حديث خاص لـ”إرم نيوز”، “يعتقد تنظيم القاعدة أن غياب الدولة فرصة مواتية للتمدد”، موضحاً “القاعدة والحوثيون يمدون بعضهم البعض بعوامل البقاء، حيث أن القاعدة تستوعب المجتمعات المحلية في التجنيد تحت مبرر قتال الحوثيين، فيما يحشد الحوثي الدعم الدولي تحت مبرر مكافحة الإرهاب، وكلاهما يقتاتان من الدولة، فكلما تضعف الدولة تقوى الميلشيات”.
ويشير محمد، إلى أن “سخط الانقلابيين من عمليات ضرب القاعدة في المناطق المحررة، يأتي في إطار إنهاء مبرراتهم في التمدد وبقاء السيطرة تحت ذريعة مكافحة الارهاب”. ويتابع “فضرب الميلشيات الانقلابية والجماعات الإرهابية، سيصب في مصلحة الدولة واستعادة دورها وسيطرتها”.
انتصار على أكثر من خصم
ومن جانبه، يرى الصحفي والمحلل السياسي، فؤاد مسعد أن “الانتصار في اليمن واستعادة الدولة هو انتصار واحد على أكثر من خصم، وأبرز هؤلاء الخصوم هي الجماعات المسلحة ممثلة بجماعة الحوثي وحلفائها من جهة، وتنظيم القاعدة من جهة أخرى”.
وأوضح مسعد في تصرح خاص لـ”إرم نيوز”، أن “تحرير المحافظات اليمنية من سيطرة الحوثي يعني أيضا تحريرها من مسلحي القاعدة، كون كلا الطرفين يعملان لنفس الأهداف، وهي قتل اليمنيين وتدمير البلد وتمزيقه”.
وأشار مسعد، إلى أن “الفوضى وغياب الدولة والانفلات الأمني الذي شهدته كثير من محافظات اليمن، بلا شك جعل هذه الجماعات تتوسع وتقوي نفسها وصولا إلى أنها فرضت نفسها كأمر واقع، وهذا ما حدث في شمال البلاد مع الحوثي وفي بعض محافظات الجنوب مع تنظيم القاعدة”، منوها إلى “أنهم استفادوا من ضعف الدولة وعملوا بكل الوسائل لتدمير البلد بشكل نهائي”.
واستطرد مسعد، قائلاً: “لم نستغرب عندما صرح وفد الحوثي والرئيس المخلوع صالح في آخر جلسات الحوار في دولة الكويت، وأعلنوها بصريح العبارة أنهم يطالبون بوقف الأعمال العسكرية التي تستهدف مسلحي القاعدة”، مؤكداً أن “جماعات السلاح تلتقي أهدافها وتتقاطع مصالحها، وهو ما يجعل كثير من اليمنيين يجزمون أن جماعات العنف المسلح يقودها مركز واحد”.