إخفاء الحوثيين هوياتهم.. تكتيك غير مجد للإفلات من المحاسبة

بلقيس احمد2 يونيو 2016
إخفاء الحوثيين هوياتهم.. تكتيك غير مجد للإفلات من المحاسبة

تتسم الجماعات غير النظامية بكونها غير معروفة، أو على الأقل تخفي قدراً كبيراً من هويتها عن بقية الناس، وهو أسلوب تستخدمه حتى العصابات الإجرامية، وتلك التي تنوي تنفيذ مجازر والهروب منها، وإن كان الأسلوب ذاته تستخدمه قوات نظامية، كالذي يندرج في إطار العمل الاستخباري.

في اليمن دأبت جماعة الحوثي على انتهاج سلوك إخفاء الهوية عن عامة الناس، فبالإضافة إلى المستوى العالي من الحيطة والحذر الأمني، وانتهاج أسلوب الهجوم للدفاع عن بقائهم، اعتمد الحوثيون سلوك المليشيا والعصابات، بدءاً بالقتل، والسلب، والنهب، والترهيب، وانتهاء بإخفاء هوياتهم الشخصية، حيث يحمل جميعهم كنية “أبو…”، وهي صفة يتعامل بها حتى أولئك الذين قدموا أنفسهم بأسمائهم الحقيقية للوسط السياسي.

وفيما يتخوف البعض من الأسلوب الذي تتحرك به المليشيا في اليمن، وإمكانية الوصول لاحقاً إلى أولئك الذين ارتكبوا جرائم بحق المواطنين، يطمئن النشطاء والحقوقيون المتخوفين أن مرتكبي الجرائم في البلاد يصعب عليهم الهرب من المحاكمة، وإن نجحوا في تأجيل الأمر.

– ليس وليد المصادفة

الكاتب والصحفي خالد العلواني، أشار إلى أن هذا “السلوك هو محاولة للهروب من عواقب ما يقومون به من أعمال عنف، لا تقرها الشرائع، ولا القوانين، ولا القيم الإنسانية”.

وأضاف العلواني في تصريح خاص لـ “الخليج أونلاين”: “إن جماعة الحوثي يتخفون وراء الأسماء المستعارة؛ لمعرفتهم الجيدة أن ما يقومون به له عواقب وخيمة، ومن ثم فهم يحاولون التخفي وراء هذه الأساليب، مثلهم مثل أي مجرم”، مشيراً إلى أنه “قناع من نوع آخر تفرضه عليهم طبيعة الجريمة التي يقترفونها في حق الشعب”.

وبشأن تنظيم حركتها في الميدان يقول العلواني: إنه “ليس وليد المصادفة، فهي حركة ولدت منذ البداية لأداء مهام معينة لحساب المشروع الإيراني في المنطقة، ومنذ لحظة ميلادها من فوهة البندقية جرى تعليم المنتمين إليها فنون الحركة والقتال، واستغلال الخلافات، وتوظيف العاطفة الدينية، وحب آل البيت؛ تمهيداً للانقضاض على السلطة، والتحكم في رقاب الناس، باسم الحق الإلهي الذي يزعمونه”.

وتابع: “في الوزارات التي سيطر الحوثيون عليها، ومؤسسات الدولة التي بسطوا نفوذهم عليها، لا تجد سوى كنية من يدير تلك المؤسسات، وفي أقسام الشرطة، والمحاكم، والنيابات، وفي الطرقات العامة، وفي كل مكاتب الخدمة، يصعب عليك معرفة من الذي تتعامل معه”.

وانطلاقاً من هذا الأسلوب ترتكب تلك الجماعات جرائم بحق الإنسانية على مختلف المستويات، وهي تدرك أن بإمكانها الهروب من المساءلة؛ لأنه لا أحد غيرهم يعرف هوياتهم وبياناتهم الحقيقية، وهم يرون أنه ما لم يقبض على أحدهم فإنه يصعب الوصول إليه، ولذلك دائماً ما تتصف جرائمهم بالبشاعة في قتل الضحية، واستدعاء الإعلام المأجور لتلفيق التهم الكاذبة، وتسويقها للرأي العام، على أمل تصديقها، أو “الهروب المؤقت” من القانون.

العلواني أشار إلى أن “الجرائم التي اقترفتها المليشيات الانقلابية في حق الشعب هي جرائم جسيمة، لا تسقط بالتقادم، وأما عن مقاضاة المجرم فهناك ما يسمى بالمسؤولية السياسية، ومسؤولية سلطة الأمر الواقع، أو بالأصح سلطة الظلم الواقع”.

وتابع: “هذا المجرم حتى إن لم يتم التعرف عليه، فمن واجب الجهة التي تتحمل المسؤولية السياسية، وهي جماعة الحوثي، أن تأتي به، أو تتحمل هي وزر ذلك، فما يجري في حق الشعب من انتهاكات وجرائم عظيم، ولا يمكن تقييدها ضد مجهول”.

– لا مجال للهرب

ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تمكن المواطن العادي من توثيق مئات الجرائم التي ارتكبتها المليشيا، وشاهد الملايين على شاشات التلفزيون، وتلقوا، صوراً فوتوغرافية، ووثق البعض شهادات من ضحايا يصعب على مرتكبيها التخفي بأي كنية أو أسماء وهمية.

كما تمكنت بعض المراكز الحقوقية من رصد وتوثيق آلاف الانتهاكات في مختلف المحافظات، على مدى أكثر من سنة ونصف من الانقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية.

المحامي والناشط الحقوقي، عبد الله العمري، أكد أنه لا مجال لتلك الجماعات للهرب من جرائمها التي ارتكبتها ضد الآلاف من المواطنين.

وأضاف لـ “الخليج أونلاين”: “حتى وإن أخفت تلك الجماعات أسماءها الحقيقية، فهي لن تتمكن من الهرب من المساءلة القانونية، التي تستطيع الوصول إليهم بمختلف الدلائل التي يتركونها، بل وهناك جرائم عدة موثقة”.

وأضاف: “في حين تعتقد تلك الجماعات أنها تتخذ أسلوباً ذكياً في التخفي، فهي بقدر عالٍ من الغباء أمام القانون والقضاء والمساءلة، وقبل ذلك أيضاً هناك المساءلة الاجتماعية والشعبية، حيث يستحيل عليهم إخفاء جرائمهم عن أعين العامة من الناس، في حين أنه من الصعب الهروب من الدوائر القانونية والحقوقية”.

وأشار العمري إلى أن “تلك الأساليب قد تكون ناجحة مع العصابات التي تنفذ جرائم في وقت محدد وتفر بسرعة دون الاحتكاك أكثر بالمجتمع”.

ولفت إلى أنه “لا يمكن لهؤلاء أن يفروا من العقاب، فحتى إن تخفوا، فهم يعيشون وسط مجتمع بات يعرف عنهم القدر الكافي لتقديمهم للقضاء العادل بأدلة كافية لإدانتهم، ولن يكونوا أذكى من القضاء، ورجال القانون، ونشطاء حقوق الإنسان، والمجتمع الذي فطن إلى أساليبهم”.

No more posts

No more posts

Breaking News
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept