والملفت أن الحوثيين الذين استولوا على مؤسسات الدولة وحلوا مؤسساتها الدستورية ومن بينها مجلس النواب، أعادوا الاعتراف بشرعية الأخير، ولكن من باب إضفاء شرعية على ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الذي جاء نتيجة اتفاق بين حزب الرئيس المخلوع وجماعة الحوثي غير المعترف بها قانونيا وحزبيا بوصفها مكونا سياسيا.
ويقول الباحث السياسي ياسين التميمي إن “مجلس الانقلابيين لم يضف شيئا جديدا إلى المشهد اليمني المتأزم، سوى أنه عبر عن نزعة المخلوع صالح إلى وضع يده مجددا على مؤسسات الدولة التي خطط لإسقاطها عبر المليشيات الحوثية”.
رأى التميمي في حديث للجزيرة نت أن “هذا النوع من السعي لمأسسة الانقلاب لن يؤثر على مجرى الأحداث، ولكنه يؤشر على أن الانقلابيين لا يزالون مصرين على البقاء خارج الترتيبات المفترضة للحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث، وهي القرار رقم 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني”.
ومن وجهة نظر التميمي فإن تصرفات الحوثيين وصالح التي وصفها باليائسة، لن تغير من حقيقة أن هؤلاء “عصابة انقلابية مسلحة في مواجهة سلطة شرعية معترف بها دوليا ومدعومة من معظم مكونات الشعب، ومن أكبر تحالف عسكري عربي تقودهالسعودية”.
وقال رئيس مركز “أبعاد” للدراسات والأبحاث عبد السلام محمد إن المجلس السياسي الأعلى هو الوجه الآخر للانقلاب، و”هو عملية تبديل للوسائل لترتيب أوضاع الانقلابيين العسكرية والاقتصادية المنهارة”.
لا اعتراف
وأضاف محمد في حديث للجزيرة نت أن المجلس المذكور لا أهمية له خارجيا ولم تعترف به أي دولة، ولكن تحاول بعض الجهات الإقليمية والدولية أن يكون واجهة تفاوض سياسي في المرحلة القادمة.
وأشار إلى أن “مجلس الانقلابيين الذي حل مكان اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين واستلم منها مهام إدارة الدولة، لم يقم على أي قاعدة قانونية أو دستورية غير فرض واقع بالقوة”.
ويرى محمد أن إنشاء المجلس السياسي الأعلى “أغلق أي باب أمل لتراجعهم عن انقلابهم، وطالما فشلت المشاورات السياسية في الكويت وقبلها في سويسرا فإن الحل أمام الحكومة الشرعية هو استعادة مشروعية الدولة بالقوة”.
في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الوهاب الشرفي أن “تشكيل المجلس السياسي خطوة جيدة في سبيل تمتين العلاقة بين الحوثيين وصالح، وتعزيز جبهتهما في مواجهة العدوان ومن يقاتلون تحت لوائه”.
سلطة واقع
وقال الشرفي في حديث للجزيرة نت إن المجلس السياسي سيضيف للحوثيين وصالح “الكثير من ناحية تعزيز وتنسيق دورهما في مواجهة العدوان وفي تحملهما مسؤولية إدارة البلد كسلطة أمر واقع، وتوحيد موقفهما تجاه العملية السياسية وأيضا تجاه مخاطبة العالم بموقف وصوت واحد”.
ويعتقد أن المجلس لن تعترف به أي دولة، قائلا إن السبب وراء ذلك لا يرتبط بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإنما لاعتبارات متعلقة بعدم دستورية الرئيس كسلطة عامة في البلد، فهو ناتج عن اتفاق بين طرفين في ملف له أطراف أخرى يتعامل معهما المجتمع الدولي.
ووفق الشرفي فإن “القتال سيستمر، وكل طرف سيزيد من الاعتماد على العمل العسكري لتغيير معادلات الواقع، ولفرض معادلات جديدة تفرض الحل السياسي”.