ما الذي حمله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أفكار في الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى منطقة الخليج؟، وهل يمكن أن تساعد على حلحلة بعض القضايا المعلقة، مثل الحرب في اليمن وسوريا وليبيا، بخاصة أن هناك اجتماعات ثنائية عقدت بينه وبين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى بريطانيا والمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد؟
هناك أسئلة كثيرة تدور حول هذه الزيارة وأهدافها، وما إذا كانت قادرة على معالجة هذه الأزمات، لكن الأكثر حضوراً في الزيارة الأخيرة كانت القضية اليمنية، التي تعد واحدة من أكثر القضايا حساسية وأهمية لدول الخليج؛ لأنها على تماسّ مع أمن هذه الدول واستقرارها.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده كيري مع وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير تم الكشف عما يمكن أن يطلق عليه «خريطة طريق» لحل أزمة اليمن، وترتكز هذه الخارطة على ربط المسارين العسكري والسياسي، والذي كان العقدة في مشاورات جنيف والكويت بين الأطراف اليمنية المتحاورة.
تتمحور رؤية كيري لحل الأزمة اليمنية على انسحاب الميليشيات من المدن والبدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الأطراف كافة، وتسليم السلاح إلى طرف ثالث محايد، لم تحدده الرؤية أو «الخريطة الجديدة»، وإن كان على الأرجح الأمم المتحدة، وأن تتوقف المواجهات العسكرية بين المتحاربين في الداخل اليمني وعلى الحدود اليمنية- السعودية، على أن يتم بحث خطة لإجراء انتخابات رئاسية في فترة زمنية معينة تتفق عليها الأطراف.
خريطة الطريق، أو كما أسميت «مقاربة» لحلحلة الأزمة في اليمن تلتزم بالمرجعيات الثلاث التي تحدد مسار التسوية في اليمن، وتتمثل في المبادرة الخليجية التي تم وضعها في عام 2011 لحل الأزمة التي نتجت عن احتجاجات أدت إلى إخراج الرئيس السابق علي عبدالله صالح من السلطة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهي مرجعيات تتفق حولها الأطراف السياسية، ولكنها تختلف حول تفسيرها وتزمينها.
وجاءت المقاربة الأمريكية الجديدة للأزمة اليمنية لتمنح التسوية بعداً دولياً وليس فقط بعداً داخلياً وإقليمياً، ذلك أن هذه التسوية إذا لم يتم الأخذ بها فإن ذلك يمكن أن ينقلها إلى طور جديد، خارج البعد السياسي، وهو ما أشار إليه جون كيري، الذي أعلن صراحة أن هناك خيارات عدة، لكن أفضلها هو الخيار السياسي.
الأهم في هذه التسوية التي بدرت من الإدارة الأمريكية تكمن في استيعاب الأطراف اليمنية أن الوقت قد حان لعقد صفقة شاملة تجنب اليمن مزيداً من الدمار والخراب الذي يعم البلاد في الوقت الحاضر، فعلى الرغم من أن الجميع يتحدث عن خيارات السلام، نجد الحرب تتخذ منحى تصاعدياً كل يوم، والأزمة الإنسانية بدأت تتحدث عن نفسها في عموم البلاد، والخشية أن يعجز اليمنيون عن تدارك ما يمكن فعله اليوم من حلول متوفرة في اليد قد تصبح غداً مستحيلة.
(الخليج الاماراتية)