على نهج “المخلوع” الحوثيون يسيّسون الدين خدمة للمشروع الإيراني

- ‎فيأخبار اليمن

تفريخ الأحزاب والجمعيات والمنظمات والنقابات إحدى طرق إدارة البلاد في عهد نظام المخلوع صالح، ولم تسلم الجمعيات الدينية التي تجمع علماء وفقهاء اليمن من ذلك، فدفع ببعض المناصرين له لإنشاء كيانات موازية، فتوزع العلماء ما بين هيئة علماء اليمن التي كانت تجمع العلماء، ورابطة وجمعية واتحاد حاول بها نظام صالح خلط السياسة بالدين، ويقول اليمنيون إنه كلما ضاق به أمر لجأ إلى تلك الكيانات بهدف الحصول على “الدعم الديني”.

على السطح طفت قريباً “رابطة علماء اليمن” ببيانات وتصريحات ومؤتمرات صحفية، جميعها تهاجم المملكة العربية السعودية، وتزيف واقع ملف الحجاج اليمنيين، وتكيل التهم، وتحاول جاهدة لإقناع الرأي العام بأن الحوثيين ليسوا هم من عرقل الحياة في اليمن برمتها، وليس الحجاج فحسب.

ويرى المتابعون لتوقيت هذه البيانات ومصدرها، أنها تظهر للجميع اليد الإيرانية فيها؛ من طهران إلى بغداد وبيروت وصنعاء، وبأساليب التضليل والتزييف، ففي حين يمتنع نظام ولاية الفقيه عن الموافقة على تفاهمات لمشاركة الحجاج الإيرانيين، يصر إعلامهم على تسويق الأمر باتهام المملكة بعرقلة أداء فريضة الحج، وهو الأمر ذاته الذي جرى في صنعاء عبر منظمات وجمعيات تتبع سلطات الانقلاب ومنها ما تسمى رابطة علماء اليمن، وسعى الحوثيون عبر مختلف القنوات الدينية والشعبية إلى تسييس كل الحياة في اليمن واستخدام ما أتيح لهم من أصوات في سبيل الترويج لمشروعهم الطائفي.

الشيخ والداعية اليمني محمد عبد العزيز رد على بيانات ما تسمى “رابطة أبناء اليمن”، قائلاً: إنها بيانات سياسية تتبع سلطة الانقلاب ولا تعبر عن رأي علماء اليمن وفقهائه الذين يقولون كلمتهم ولا يخشون في الله لومة لائم وليس مجرد بيانات متوافقة مع سياسة إقليمية تتبعها إيران ويندفع خلفها من يسمون أنفسهم علماء في عدة عواصم عربية.

وأكد أن رأي العلماء الصارم والقوي والحق لا يباع ولا يشترى وفقاً لأهواء ورغبات من يتولون الأمر اليوم في صنعاء ويستخدمون الدين لأهداف دنيوية دنيئة لا تخدم الإسلام ولا المسلمين، وإنما لشق صف الأمة وإثارة الفوضى والالتفاف على واحدية الأمة المحمدية، مشيراً إلى أن طهران ومن ينفذون أجندتها يحاولون جعل فريضة الحج وبيت الله محوراً للخلاف وهو الذي وحّد المسلمين من كل حدبٍ وصوب ولونٍ ولسان.

واستغرب الشيخ محمد عبد العزيز من بيانٍ أصدرته “رابطة علماء اليمن” حاول تضليل الرأي العام، متسائلاً: لماذا لا يلتزم من أصدروا البيان وينصاعون للحقائق الواضحة والبينة وإن كانوا يحاولون عبثاً استنساخ هيئة علماء اليمن المخول لها مثل هذه الأمور والتي تجمع من هم حجة وأكثر علماً وفهماً، وتعرضوا للظلم من قِبل الحوثيين، وتعرض اليمنيون للقتل والتشريد ولم يتجرأ أحد من هذه الرابطة على إصدار بيان يحرِّم القتل الذي حرَّمه الله من فوق سبع سموات.

وحاولت ما تسمى “رابطة علماء اليمن” القفز على الواقع في بيانها بشأن الحجاج، بيد أنه ورغم الصعوبات التي واجهها الحجاج اليمنيون في منفذ الوديعة كونه المنفذ البري الوحيد إلى المملكة العربية السعودية، استكمل أكثر من 19 ألف حاج يمني على متن أكثر من 380 حافلة سياحة معاملاتهم وتمكنوا من الدخول إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج لهذا العام، في حين يصر الانقلابيون على تسييس ملف الحج؛ بل وذهب ما يسمى المجلس السياسي التابع للانقلابيين إلى “إدانة التعامل مع الحجاج اليمنيين”، وهو ما عده متابعون تضليلاً للرأي العام ومحاولة للمتاجرة بقضية ضيوف الرحمن أملاً في تحقيق مكاسب معنوية تصب في مصلحة من يحجون إلى كربلاء.

المحلل السياسي عماد الشرعبي رأى في تحركات “رابطة علماء اليمن” محاولة يائسة للتغطية على فشل المليشيا في التحكم في قوائم الحجاج الذين كانت وزارة الأوقاف قد أوكلت أمر تسجيلهم إلى وكالات مقابل أن تمارس الدور الإشرافي، لكن الحوثيين كانوا يحلمون بمنع الحجاج من أداء الفريضة إلا من يتبعهم.

وأضاف “الشرعبي”، في تصريح خاص لـ”الخليج أونلاين”، أن بيانات ومؤتمرات صحفية في صنعاء كشفت للمتابع خبث هذه الفئة، التي قال إنها دعت إلى رفع يد المملكة عن إدارة شؤون الحج وهي طريقة –يقول الشرعبي- إيرانية بدأتها طهران بمنع الحج على مواطنيها وحاول حزب الله تطبيقها في لبنان ومليشيا الحوثي في اليمن، وللعام الثاني على التوالي يفشل الحوثيون في تزييف الواقع وهم يصدون عن سبيل الله حجاج بيته الحرام من خلال كل ما اقترفته أيديهم في حق هذا الشعب من جرائم، والمعاناة التي يعانيها الحجاج اليوم نتيجة إيقاف الرحلات الجوية وإغلاق المنافذ ومشاق السفر براً هي بسبب جرمهم وانقلابهم المسلح.

وأشار “الشرعبي” إلى أن المخلوع صالح يجني اليوم ما كان زرعه بالأمس، إذ حرص على إنشاء كيانات مترهلة على مختلف الأصعدة السياسية والدينية والاقتصادية يطلب منها الدعم كلما احتاج إليه، وهذه الرابطة لا تقوم إلا برد الجميل للمخلوع الذي جعل من أعضاء هذه الرابطة أتباعاً له ولسياسته التدميرية.

ويحرص الانقلابيون في صنعاء على اعتبار ورقة الحج ملفاً يتاجرون به في السوق الإيرانية، التي قال صحفيون إن طهران تهدف من ذلك إلى عرقلة إقامة الركن الخامس للإسلام وتحاول جاهدة الحصول على دعم أجنحتها في المنطقة.

ودعا الشيخ محمد عبد العزيز اليمنيين إلى عدم الاكتراث لما يصدر عما تسمى “رابطة علماء اليمن” التي لم تكن لتنحاز إلى المواطن وحقه في الحياة الكريمة، وإنما فضلت أن تكون فصيلاً سياسياً هدفه إصدار البيانات الكاذبة والمزايدة على من يبذلون جهودهم لخدمة اليمنيين عامة والحجاج خاصة، مضيفاً أن هذه الرابطة لا تزيد في الأمر ولا تنقص مهما حاولت تغذية النزعة الطائفية وتفريق لحمة المجتمع اليمني الذي بات يعرف حقيقة الصادق من الكاذب.