اليمن بوابة واشنطن للحفاظ على ثقة السعوديين

- ‎فيأخبار اليمن

تحاول الإدارة الأميركية الحالية أن تحتفظ بحبل الود مع السعودية بالرغم من كل الخلافات التي طبعت الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما بانتظار حلول إدارة جديدة تعيد صياغة تحالفها مع الرياض بما يستجيب لمطالب واسعة لدى دوائر صنع القرار في واشنطن.

وعكست هذا التوجه إلى التهدئة زيارة قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال جوزف فوتل إلى السعودية ولقاؤه ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال فوتل لصحافيين يرافقونه إن “الأمر الأول الذي نحاول القيام به هو الاستماع لما يقوله لنا المسؤولون السعوديون، ومن المهم الحفاظ على الثقة في العلاقة”.

وواضح أن فوتل أراد التأكيد على أن بلاده حريصة على الاستماع لموقف حليفتها السعودية حول مختلف الملفات، وأنها حريصة على الاحتفاظ بثقة السعوديين في التحالف مع واشنطن بعد أن أظهرت الرياض رغبة في تنويع الحلفاء شرقا وغربا كردة فعل على اتجاه الأميركيين إلى إيران دون مراعاة مصالح المملكة وأمنها القومي.

وتحاول الولايات المتحدة أن تبدي تفهما لموقف السعودية تجاه اليمن، وهو ملف ترفض فيه الرياض أنصاف المواقف باعتباره جزءا من أمنها القومي. لكن التفهم الأميركي لم يرتق إلى درجة الوضوح الكامل بما يسمح لها باستعادة ثقة القيادة السعودية.

وتطمئن إدارة الرئيس أوباما السعوديين بكونها تتفهم دواعي إصرارهم على وضع ضوابط لأي حل في اليمن، من بينها رفض سيطرة إيران عليه بواسطة وكلائها. لكنها تفتح، بالتوازي، أبواب الحوار مع المتمردين الحوثيين وتبحث لهم عن مبررات، وتخضع لضغوط منظمات تطالبها بوقف صفقة أسلحة مع الرياض.

ولم يستبعد محللون أن تنجح زيارة فوتل في تعبيد الطريق أمام تهدئة مع السعودية، ولو كانت مؤقتة، تسهل على الإدارة الأميركية الجديدة مهمة ترميم ما هدمته إدارة أوباما.

وقال سيمون أندرسون، الزميل في معهد واشنطن والمتخصص في شؤون الخليج العربي، إن “السعوديين يريدون أن يشاهدوا رحيل أوباما عن الإدارة الأميركية، ولا يهمهم من سيأتي خليفة له سواء كان كلينتون أو ترامب، فالمهم بالنسبة إليهم أن يتخلصوا من عهد أوباما”.

واعتبر الباحث السياسي السعودي بدر البلوي أن زيارة الجنرال جوزف فوتل لها أبعاد أكثر من التنسيق الأمني والعسكري المعتاد.

وقال البلوي في تصريح لـ”العرب” إنه “رغم التباين العلني الذي شاب العلاقات السعودية الأميركية بخصوص موضوع الحرب في اليمن وملفات أخرى، إلا أن الطرفين لا يزالان متفقين على الخطوط العريضة والنقاط الرئيسة في ما يتعلق بضرورة إعادة الحكومة الشرعية في اليمن، وشرعية استخدام القوة العسكرية لمواجهة الميليشيات الحوثية”.

ولفت المحلل السعودي عوض الفياض، من جهته، إلى أن الأميركيين يدركون أن الحسم في اليمن هو الخيار الوحيد أمام التحالف، وأنه من الضروري للسعوديين ألا تتحول اليمن إلى حرب استنزاف.

واعتبر في تصريحات لـ”العرب” أن “الأميركيين يحتاجون إلى استيعاب مخاوف السعودية من تدخلات إيران على حدودها، وعليهم تفهم أن الرياض لن تسمح باستمرار الحرب طويلا وما يلزم ذلك من حسم عسكري”.

وقال الكاتب السعودي غازي الحارثي “إن التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين كان محور زيارة المسؤول الأميركي، لا سيما الوضع في اليمن وإن استهداف الحوثيين للبارجة الأميركية يتطلب مثل ذلك التنسيق”.

ولم يستبعد الحارثي في تصريحات لـ”العرب” أن يكون قد تم التعرض للحديث حول تبعات تصويت الكونغرس على قانون جاستا بما أنه يتصدر أولويات العلاقة بين البلدين اليوم ويهدد متانتها.

وأفصحت تصريحات مسؤولين أميركيين عن تباين في وجهات النظر بين الرياض وواشنطن في ما يتعلق بالأزمة اليمنية، والمسار السياسي.

وتبدي الخارجية الأميركية في مواقفها المعلنة تفهما أكبر تجاه القلق السعودي من الحوثيين وهو الأمر الذي عبر عنه غير مرة وزير الخارجية جون كيري والذي كرره في مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره السعودي عادل الجبير الخميس الماضي، حين قال إن للسعودية الحق في وقف الهجمات الصاروخية من اليمن، في إشارة إلى الصواريخ التي يطلقها الحوثيون.

وفي الجهة المقابلة تضغط وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” باتجاه عكسي للمرونة التي تبديها الخارجية الأميركية.

وأعلنت البحرية الأميركية في أغسطس الماضي عن سحب عدد من مستشاريها المشاركين في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، بينما وصفت وزارة الدفاع الأميركية الدعم الاستشاري الذي تقدمه للتحالف بأنه متواضع وليس “شيكا على بياض”.