ما هو بالضبط، الشيء الذي يراهن عليه المبعوث الدولي في اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وهو يطرح خطته الجديدة لإنهاء النزاع بين كافة الأطراف في يمنهم السعيد؟!
إن ولد الشيخ يقول، إن الخطة الجديدة، خطة شاملة، وإنها مقرونة بمراحل، وإن مع المراحل جدولاً زمنيًا، وإنها تحظى بدعم دولي، غير مسبوق!
وهو يقول أيضًا، في معرض تقديمه للخطة، إن الأطراف كافة، مدعوة إلى أن يقدم كل طرف منها تنازلاً من ناحيته، لأن الحل في اليمن، حل سياسي، ولن يكون إلا سياسيًا!
ثم هو يقول، إنه قدم الخطة مكتوبة، إلى الجماعة الحوثية، وإلى حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وإنه، أي ولد الشيخ، سوف ينتظر ردًا منهما خلال الأيام المقبلة!
وعندما أراد أن يضيف شيئًا عن تفاصيل ما يطرحه، فإنه أضاف أن الخطة في سعيها لإنهاء النزاع في اليمن، تتكئ فيما تتكئ، على مقررات مشاورات الكويت، التي دامت صيف هذا العام، لثلاثة أشهر كاملة وعند هذه النقطة تحديدًا، أريد أن أستأذن في التوقف قليلاً، لأن المشاورات التي يستند إلى مقرراتها المبعوث الدولي، كانت قد طالت الصيف كله، ولأن الكويت كانت كلما استنفد المتشاورون، الفترة الزمنية الممنوحة لهم، منحتهم فترة جديدة، وكانت كلما اختلفوا، أعلنت عن فرصة أخرى، لعلهم يتوافقون!
وعندما لاح للكويت شيء ما، فيما وراء مشاورات الأطراف على أرضها، فإنها منحت فرصة أخيرة، بحيث لا تكون هناك فرصة أخرى بعدها، لأنها لاحظت فيما يبدو، أن هناك من بين المتشاورين، من يستهلك الوقت.. لا أكثر!
وحين كنت في الكويت، أول سبتمبر (أيلول) الماضي، سألت مسؤولاً كويتيًا عن تقديره لحصيلة مشاورات التسعين يومًا، فقال فيما يشبه الأسى، إن الحصيلة كانت دون الطموح عند حكومته، رغم طول صبر بلاده، ورغم حرصها الشديد على أن يخرج المتشاورون من بلده، وفي أيديهم شيء حقيقي يقدمونه لكل يمني كان يتطلع إليهم، وكان يرجوهم أن يكونوا عند مستوى المسؤولية تجاه اليمن كله، لا تجاه فصيل فيه!
عدت أسأله: لماذا؟!.. قال: لأن طرفًا بعينه من أطراف النزاع، كان يفاوض، ويتكلم، ويرتبط بأشياء محددة في نهاية كل يوم، فإذا أشرقت شمس اليوم التالي، اكتشفنا أنه تحلل من كل ما كان قد ارتبط به في اليوم السابق!.. وهكذا كان الحال على الدوام!.. ولم نكن في حاجة إلى جهد كبير، لندرك، أن هذا التراجع المتكرر عما كان يجري الاتفاق عليه، مرجعه بالأساس، إلى أن قرار الطرف الذي يرتبط، ثم يتراجع، ليس من رأسه، وإنما من مكان آخر!
وإذا كان المسؤول الكويتي، قد لمح في كلامه، ولم يصرح، وإذا كان قد استحى أن يبين أكثر، فالواضح أن الجماعة الحوثية هي المقصودة في كلامه بالطرف المتراجع عن تعهداته دومًا، وأن المكان الذي كان قرارها فيه، هو طهران، ولا عاصمة غيرها، وأن هذه الجماعة لو أنصفت نفسها، وبلدها، لكان قرارها من رأسها هي، لا من أي رأس، من رؤوس ملالي إيران!
لو أنصفت الجماعة الحوثية، لتشبثت بالخطة الجديدة التي يطرحها ولد الشيخ، لأنها تنصح الأطراف جميعًا، لا الجماعة وحدها، بأن تقدم تنازلاتها، وليس مطلوبًا من جماعة الحوثيين شيء، سوى أن تكون يمنية خالصة، لا إيرانية هجينة، وسوى أن تنتبه إلى أن ولد الشيخ، وهو يطرح خطته، لا يريد أن يُقصيها، كجماعة، ولا أن ينفيها، لأنها في النهاية جماعة يمنية، شأنها شأن غيرها على أرض اليمن.. وكل ما هو عليها أن تفعله، أن تفهم، أن اليمن لغيرها من اليمنيين، بمثل ما لها تمامًا، وأن تنتبه إلى أن هذا المعنى تحديدًا، هو ما فات جماعة الإخوان في القاهرة أن تدركه مبكرًا، فكان من أمرها ما كان!. الشرق الاوسط