موت صحفي يمني يكشف فساد مليشيا الحوثي في قطاع النفط

- ‎فيأخبار اليمن

: قبل وفاته بذبحة صدرية مفاجئة في صنعاء الأربعاء الماضي كان الصحفي محمد عبده العبسي قد اتصل بالإعلامي الساخر محمد الربع من رقم محدود الإنتشار وحدثه عن تحقيق يجريه ويتعلق بقضية فساد في سوق النفط ويكشف الضالعين في السوق السوداء والشركات التي استحوذت على الإستيراد.
الصحفي العبسي لم ينشر تحقيقه الذي كان قيد البحث، كما أنه لم يكن يريد أن ينشره بشكل شخصي، خشية على حياته لكنه قام بتسريب أبرز ما توصل إليه عبر إعلاميين وصحفيين خارج مناطق الحوثيين لكنهم لم ينشروا تلك المعلومات إلا بعد أن فارق الصحفي العبسي الحياة بشكل مفاجئ الأمر الذي أثار موجة شكوك واسعة عن تعرضه للإغتيال بالسم.
الصحفي العبسي أرسل بعضا من وثائق الفساد التي توصل لها وقضية الفساد التي يحقق فيها، وأخبر من راسلهم من الإعلاميين أنه أصبح يخشى على حياته وأن هناك من نصحه بعدم الخوض في هذه القضية خشية تسميمه.
وبحسب الإعلامي الساخر محمد الربع فإنه تلقى رسائل قبل ثلاثة أيام من وفاته من الصحفي العبسي أخبره بالتحقيق الذي يعمل فيه وأخبره بتورط قيادات جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء في السوق السوداء للنفط في اليمن.

 

الإستحواذ على شركة النفط
بعد وفاته بساعات ينشر الإعلامي محمد الربع ماجرى بينه وبين الصحفي محمد العبسي وينشر أيضا وثائق تتعلق باستحواذ الحوثيين على شركات استيراد الوقود، ويؤكد لـ”آي إن أي” أن نفس هذه الوثائق نشرها علي البخيتي إلا أنه استبعد أسماء التجار منها.
وفي حديثه مع “آي إن أي” كشف الربع عن سبب تأخير نشره لهذه الوثائق، وأكد أن الصحفي العبسي كان يطلب منه الإنتظار حتى يحصل على الوثيقة الخاصة بشركة النفط التي يملكها محمد عبدالسلام لكنه توفي قبل الوصول لها.
ويؤكد الربع أن الصحفي العبسي كان يبحث عن وثيقة أخرى تتعلق بقضية فساد ارتكبها القائد الميداني لجماعة الحوثي علي أبو الحاكم وتتمثل في صفقة فساد كبيرة في مجال النفط بحسب توضيحاته لـ”آي إن أي”.

احتكار النفط وارتفاع الدولار
في صفحته على الفيسبوك نشر الربع اتصالاته بالعبسي والتي كشف فيها عن (بحث استقصائي) توصل فيه إلى أن أكبر الشركات النفطية حاليا المحتكرة لإستيراد النفط هي كلها شركات تابعة لجماعة الحوثي.
وبحسب العبسي فإن الشركات هي “يمن لايف” و “أويل برايمر” و”الذهب الأسود” حيث يملك محمد عبدالسلام الناطق بإسم جماعة الحوثي الشركة الأولى التي يديرها أخوه، ويملك تاجر السلاح والمبيدات “دغسان محمد دغسان” الشركة الثانية فيما يملك عضو لجنة الوساطة بالحرب الخامسة علي قرشة الشركة الثالثة.
ويكشف الصحفي العبسي – قبل وفاته – عن إنشاء شركة في دبي كواجهه تقوم بشراء النفط بإسمها صورياً أو من فروعها بحيث لا تواجههم مشاكل في الحصول على تراخيص من قبل التحالف، حيث أكد العبسي أنه مازال يبحث عن إسم هذه الشركة ومن يديرها.
ونشر الربع معلومات تحدث بها العبسي إليه تتعلق بأسباب ارتفاع الدولار المفاجئ إلى 300 ريال. وقال: “إن سببه سحب العملة الصعبة من السوق وتحويلها للمتاجرة في استيراد النفط من الخارج، حيث تشكلت طبقة تجارية جديده من الحوثيين في فترة وجيزة وهذا مايفسر شرائهم للعقارات والمباني مع أن البلاد في حالة حرب ويفسر عزمهم فتح شركات اتصالات من الجيل الرابع وبنوك وغيرها، وهذا الشيئ هو أحد أسباب إفشال محمد عبدالسلام وفريقه المفاوض لأي حلول ولكل مفاوضات السلام، فهم يحاولون إبقاء الوضع الحالي كما هو لأطول وقت ممكن حتى يتمكنوا من تكوين ثروة تمكنهم من البقاء إقتصاديا”.
ويضيف العبسي – بحسب شهادة الإعلامي الربع – “آخر ماقام به الحوثيون هو إقصاء شركة استيراد لرجل الأعمال عمار توفيق وهو تاجر من تعز بسبب رفضه شراء نفط لشركاتهم بإسمه من الخارج، وتم حجز ست ناقلات نفط عليه في غطاس ميناء الحديدة حتى تراكمت عليه الغرامات بأكثر من قيمة الحمولة”.


تهديد العبسي وتكسير سيارته

وبحسب الإعلامي الربع فإن الصحفي العبسي أخبره أيضاً أنه “لم يعد بمقدوره النشر في صفحته وأنه يتعرض للتهديد وسبق أن قاموا بتكسير سيارته وأنه يتعرض لضغوط كبيرة، أما صديقه فتحي أبو النصر فكان ينصحه بالإحتراس وأنه قد يتعرض للتسميم لكنه كان يرد عليه أن الهوس الأمني زائد”.
وعن آخر رسائل الصحفي العبسي يقول الربع: “كانت آخر رسالة منه أنه تم اعتقال عمار بالامن القومي .. لم ألحق أستوضح منه من عمار الذي يقصده؟”
ونشر الربع بعضا من الوثائق التي أرسلها له الصحفي محمد العبسي، ومقاطع من المحادثات التي جرت بينهما، حيث تشير تلك إلى شركات النفط التي استطاع الحوثيون إنشاءها منذ سيطرتهم على صنعاء في 2014م.
البخيتي يؤكد
من جهته نشر علي البخيتي – القيادي السابق في جماعة الحوثي – على صفحته في الفيس بوك بعضا من مراسلاته مع الصحفي محمد العبسي قبل وفاته وجميعها أكدت ماذكره الإعلامي الربع بخصوص صفقات الفساد. ونشر وثائق أرسلها له العبسي بشأن شركات النفط إلا أن البخيتي حذف أسماء اصحاب تلك الشركات.
وبحسب البخيتي فإن العبسي أظهر من خلال محادثته خوفه على حياته وسعيه لمراسلته من أرقام جديدة ليست بإسمه، إضافة الى تأكيده له على أن لايذكر إسمه حتى في محادثاته معه حيث قال إنه في (صنعاهار)؛ مشبهاً صنعاء بقندهار أفغانستان.
وأكد البخيتي أن الصحفي العبسي طلب منه أن ينشر عن قضية فساد -دون ذكر مصدره – لكنه طلب منه أن يتمهل حتى يستكمل جمع الأدلة كما هي عادته ومهنيته الصحفية”.
وأثارت حادثة وفاة الصحفي محمد عبده العبسي المفاجئة موجة شكوك واسعة حول تعرضه للإغتيال بالسم نظرا لتناوله قضايا حساسة تمس فساد الحوثيين خصوصا في مجال النفط وهو الأمر الذي دفع نقابة الصحفيين اليمنيين لمنع دفن الجثة وطلبها تشريحها للتعرف على سبب الوفاة.(آي إن أي)