يجد أعداء اليمن فرصة سانحة لبث الادعاءات ونشر الشائعات، والقول بأن اتجاه الأحداث يشي باقتراب الحل الذي تدل كل المؤشرات في خيالهم، على أنه لن يكون إلّا لصالح تحالف الحوثيين وصالح، ويشيعون أن سير المعارك يميل لصالحهم، في حين تؤكد التقارير أن الشرعية تتقدم وتحاصر المدن الكبري، بما فيها العاصمة.
إن مآل هذه الحرب، لن يكون في نتائجه النهائية إلّا لصالح القادر على الاستمرار في إدارتها.
وما يدعيه الحوثيون من قصص الانتصار مجرد خيال سخيف لا يعبر عن سير المعارك، إلّا أن الدعاية الحوثية والإيرانية تتكئ على عكازين:
الأول، يرتكز على موقف بعض الدول بقيادة الولايات المتحدة، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، حيث نجحت في تسويق البعد الإنساني للحرب، وأوهمت بعض قطاعات الرأي العام بأن استبعاد المعارضين من المشاركة في إدارة الدولة الجديدة خطأ، وأن الحوثيين جزء مهم في الكيان اليمني، ولا ينبغي استثناؤهم من الحل، وأن القطاع الذي يخضع لصالح ينبغي أن يكون له موقع في الترتيبات النهائية لحل الأزمة اليمنية، وتشكيل الحكومة الانتقالية. وفي أكثر من مناسبة كانت الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها يعمدون إلى تجاوز الشرعية الدولية ويتجاهلون بنود المبادرة الخليجية التي اتفق عليها اليمنيون، وعلى قاعدتها جرى انتخاب رئيس جديد للدولة، وتشكيل جمهورية جديدة بمؤسسات سياسية جديدة، وهي النتائج التي انقلب عليها الحوثيون وصالح.
كما أن الحل الأمريكي يتجاهل بنود قرار مجلس الأمن الذي حدد شروطاً قاطعة لحل الأزمة تؤكد ضرورة إعادة الأوضاع التي كانت قبل الانقلاب إلى حالتها الأولى، أي عودة الحوثيين إلى صعدة، وتسليم الأسلحة المنهوبة من معسكرات الجيش وعودة هادي وحكومته إلى صنعاء وعودة صالح إلى مسكنه مجرداً من كل الصلاحيات، سواء كان ذلك في الدولة أو في الجيش، لأنه في حقيقة الأمر العقل المدبر للانقلاب، فضلاًَ عن كونه وراء كل الإخفاقات التي يعانيها اليمن، ويحترق بنارها اليمنيون.
الثاني، أن مؤشرات الحرب وعبر امتدادها لأكثر من عام لا تبشر بنهاية قريبة، ولكنها ستكون بالتأكيد انتصاراً للشرعية، فالحروب شرور لا تخضع للأهواء ولا تُدار بالطلاسم أو التمنيات، فإذا بدأت استمرت واستفحلت وأكلت الأخضر واليابس. وإذا استمرت المعارك فإن الغلبة تكون لمن يملك القدرة على الصمود، والصمود لا يتأتى إلّا بوفرة الجيش عالي التدريب والتمويل السخي والمستمر والسلاح الحديث، والجماهير التي تؤمن بأن النصر يجب أن يكون لصالح الفريق الذي بمقدوره تحقيق السعادة والأمن والاستقرار بشقيه الاقتصادي والاجتماعي. النصر يجب أن يذهب لطرف الحرب الذي يمتلك مشروعاً لإنقاذ اليمن ليس من الحرب وفوضى الحرب الأهلية فقط، إنما أيضاً الطرف الذي باستطاعته قيادة مشروع «مارشال خليجي عربي» ينقذ اليمن من الانهيار والإفلاس وسقوط الدولة والصوملة.
وعليه فإن النصر لن يكون لمن يتسول المعونة من بلدٍ عدوة للعرب على مدى التاريخ، مثل إيران، الدولة التي ترفع شعار الخليج فارسي، متجاهلة بذلك حقيقة أن الخليج يمتد في أحضان سبع دول عربية، وأن الخليج من الوجهة التاريخية شكل مورداً للدخل الأكثر أهمية لإنسان الخليج حيث الصيد، واستخراج اللؤلؤ والطريق التجاري.
حتى الأساطيل الأوروبية التي جابت العالم شرقاً وغرباً لم تكن تستعمل الشواطئ الإيرانية لانعدام الأمن فيها، ولعدم أهميتها التجارية، وكانت تفضل السواحل والموانئ العربية دون سواها.
فهل يُعقل أن يرتبط مستقبل اليمن بدولة معادية للعرب تتربص بهم، وتتبجح بأن الحدود الإيرانية تصل إلى عدن جنوباً، وإلى لبنان وسوريا والعراق شمالاً؟
إن انتصار الانفصاليين هو من سابع المستحيلات فهل يستطيع الانفصاليون توفير الغذاء ل25 مليون يمني؟ وهل تكفي ثروة صالح التي هي أساساً حق لليمنيين في توفير احتياجات تلك الملايين! وإذا افترضنا أن إيران هي البديل، فكيف تطعم إيران سكان اليمن وهي عاجزة عن إطعام شعبها المحروم من ثروته الوطنية التي تتعرض للنهب والتبديد من قبل نظام الملالي؟
يكفي القول بأن الجنوب هو النموذج الجاهز لتجربة التأهيل التي تقوم بها دولة الإمارات منفردة، وربما تتسع التجربة فتشمل دولاً خليجية أخرى مقدراً لها أن تتكفل بتأهيل أقاليم يمنية أخرى يتم تحريرها.
وسوف تنجح المعادلة التي تقول وباللغة العسكرية «العرب: إلى اليمن در، اليمن: إلى الأمام سر»، فالزمن لم يعد كما كان، وإيران ومعها الانقلابيون بحاجة إلى صفعة قوية توقظهم من سباتهم الطويل وأحلام اليقظة.
(نقلا عن الخليج)