اليمن والخروج من الأزمة

- ‎فيأخبار اليمن, كتابات

على غير جولاته المكوكية بداعي حل الأزمة اليمنية والتي كانت تبدأ بضجة إعلانية وتصاحبه زفة إعلامية وتنتهي بردود أفعال ولا تؤتي نتيجة.
جاءت جولة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ إلى اليمن منذ أيام وشملت بلداناً عديدة في المنطقة إضافة إلى اليمن هادئة ولم تحظ إعلامياً بزفة دعائية.
قد يرى بعضهم أن الأمر يشير إلى أن حل الأزمة اليمنية دخل مرحلة جديدة تجري على نار هادئة ستقود إلى نتائج إيجابية.
يبدو أن هذا الاعتقاد يصطدم بواقع المواجهات العسكرية المستمرة من جهة ومن جهة ثانية جمود الأزمة وتصلبها وهذا ما عبر عنه ولد الشيخ عندما تحدث مجدداً عن خريطة الطريق ومرجعيات الحل المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات الشرعية الدولية.
إن هذا العبور الرمادي الذي أفضى إلى إعادة طرح التهدئة دون تهيئة لا يحتمل سوى تفسيرين: الأول أن تكون مهمة المبعوث الأممي تواجه مأزقاً من المفترض مواجهة أسبابه، والثاني أن تكون المهمة غير جدية بما يترتب عليها من نتائج سلبية.
وفي الحالتين بات دور الأمم المتحدة غير محتمل الاستمرار على هذا المنوال بعد أن بات أقرب إلى كذبة حل الأزمة اليمنية التي تتسارع تداعياتها وتتزايد تعقيداتها بسبب غياب مواجهتها بجدية والأخذ بمفتاح الأفق المتمثل بإنهاء الانقلاب بطبيعته وتداعياته.
لقد كان للأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها إلى اليمن دور قبل وأثناء مشاورات الكويت وهي كانت محطة مرشحة لإطلاق عملية التسوية بأولوياتها، لكن هذا الدور انتهى مع توقف المشاورات لتدخل عملية الحل دوامة المبادرات والخطط التي لا تأخذ بعين الاعتبار أن أساس حل الأزمة المتفجرة يبدأ من مواجهة السبب الذي قاد إلى ما حل بالبلاد من دمار وبالعباد من معاناة أليمة وحياة مأساوية وهو الانقلاب على الشرعية الدستورية والعملية السياسية للفترة الانتقالية التي تدعي الأمم المتحدة أنها ترعاها وعملياً فإن الادعاء يجافي الحقيقة.
ومما هو دال على هذا أن الانقلابيين لم يتراجعوا عن المضي بانقلابهم الذي ينسف أية تسوية ومن ذلك إعلان حكومتهم والدخول في طرح شروطهم على الأمم المتحدة ذاتها وقبول مبعوثها اللقاء مع تلك الحكومة التي تتحدى الشرعية الدولية.
كيف حدث هذا؟ الأمر ببساطة هونتيجة لطبيعة دور الأمم المتحدة غير الجدي والذي تحول إلى حالة تواطؤ مع الانقلاب ومع الأطراف التي وجدت في الانقلاب فرصة لعبتها لحسابات خاصة وهذا ما كشفته ما سميت المبادرة أو خطة وزير الخارجية الأمريكي السابق كيري التي برأت جريمة الانقلاب وساوت بين القاتل والضحية.
مشكلة الدور الأممي لا تعود إلى تصلب مواقف طرفي الشرعية والانقلابيين لأن ليس هناك ما هو مشترك في هذه المعادلة المتنافرة من الناحية المبدئية. بل المشكلة وقوع هذا الدور تحت وطأة التدخلات من أطراف دولية بدرجة أساسية.
الواقع أن هذا ما كان ليحدث وعلى الأقل لن يصل بالأمور إلى هذه الدوامة لولا إشكال التعامل الأممي الذي خلط بين التسوية السياسية بعمليتها الانتقالية ومرتكزاتها المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وبين الانقلاب الذي استهدف بالأساس هذه العملية.
إن الجولات المكوكية للمبعوث الأممي لليمن تحولت إلى حالة مثيرة لاستياء اليمنيين الذي يجدون في تزايد هذا التحرك الأممي دون نتيجة مزيداً من المعاناة وهذا الدور ظل بعيداً عن مواجهة حقيقة الأزمة ما قلب الأوضاع من اتجاه الحل إلى استمرارها.
ما المطلوب؟ المطلوب باختصار أن تتعامل الأمم المتحدة وفق مسؤولياتها وأن تبدأ بتنفيذ قراراتها وتستند إلى مواثيقها تجاه ما جرى ويجري في اليمن وفي شأن دورها لحل هذه الأزمة.
والأهم من ذلك خروج الأمم المتحدة من لعبة المقايضات والتجاذبات بين الأطراف التي تدير الأزمات المتفجرة في هذه المنطقة.دون ذلك فإن الدور الأممي في اليمن سيبقى حافزاً لاستمرار الأزمة.

(الخليج)