تعود الذكرى السنوية للثورة الشبابية الشعبية السلمية في اليمن يوم 11 فبراير/شباط من عام 2017م، وبذلك يصبح قد مر على الثورة ست سنوات منذ انطلاقة شرارتها الأولى في 11 فبراير 2011م، وتمكن ثوار اليمن من كتابة أهداف الثورة ورسم ملامح النضال السلمي، والغاية من الخروج إلى ساحات التغيير وميادين الحرية في جميع مدن اليمن، وحقق الثائرون مرادهم الأعظم، وغيروا نظام الحكم المستبد، وأسقطوا رأس الفساد، وآلية حكمه الجائر.
أهداف الثورة:
الأهداف التي خُطت من قِبَل شباب ثورة فبراير هي التي جعلت الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه على صعيد قلب رجل واحد، والتي تعد من أسمى الغايات التي تحاكي طموح الشعب اليمني، لإيجاد الحلول لإشكاليات ومعاناة المواطن اليمني في كل المحافظات، وأهم تلك الأهداف وأبرزها على الإطلاق، هو القضاء على الحكم المستبد الذي جثم على صدور اليمنيين لأكثر من ثلاثة عقود، وعلى رأس ذلك المخلوع علي صالح، الذي استأثر بحكم البلاد لوحده ولأفراد عائلته، الذين لم يكونوا إلا أشخاصاً من ذات النسيج الضلالي لأبيهم صالح، فتمكن الثوار من زعزعة النظام الفاسد ورأسه من سدة الحكم اليمني وخلعه عن كرسيه غير مأسوف عليه.
مقومات الثورة:
سلمية الثوار التي انتهجوها كطريقة راقية في التعبير عن رفضهم وسخطهم على النظام السابق ورئيسه، وعدم الانجرار إلى مربع العنف، مع محاولة المخلوع وأتباعه شد الحبل ليوصل الثورة إلى حمل السلاح، ولم يحقق الثوار لهم ذلك، وتحملوا أصناف التهكم والقتل والتعدي عليهم، وفي مخيماتهم التي شيدوها في ساحات التغيير وميادين الحرية، وبالإضافة إلى الترابط المجتمعي بين مختلف شرائح الوطن ومشاركة جميع فئات البلد، ولم يكن هناك فرق بين كبير وصغير، أو ذكر وأنثى، أو مدني وقبلي، فخرج الجميع إلى الشارع ينشدون وطناً حراً يدعم ركائز الدولة المدنية الحديثة، ويتوفر من خلاله الحكم الديمقراطي الأساسي في عملية التداول السلمي للسلطة.
تحقيق أهداف الثورة:
القضاء على المخلوع صالح وأعضاء حزبه التابع له، وكذا على الميليشيات الحوثية الذين كانوا ضمن المشاركين في ثورة فبراير، وبعد ذلك انقلبوا على الثورة وإرادة الشعب برمته، فلن تتحقق أهداف ثورتي سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول وابنتيهما ثورة فبراير إلا بالتخلص أولاً وأخيراً من التحالف الميليشاوي الانقلابي للحوثي والمخلوع، وإخراجهم من خارطة اليمن المستقبلية، لبناء دولة مدنية حديثة، ولرؤية أهداف فبراير ملموسة على أرض الواقع.
وعي الثوار:
استطاعت ثورة فبراير المباركة جعل الشعب اليمني أكثر وعياً وإدراكاً من ذي قبل، خصوصاً أن صانعي الثورة والمنخرطين فيها من فئة الجيل الجديد، وخصوصاً الشباب، فتمكنت الثورة من جعل المواطن اليمني صاحب رؤية واضحة، ويمتلك روحاً حرة توضح له كشف خبايا الأمور، ونزع الخوف عن صدره، وعدم القبول بالذل والهوان، وقراءة الأحداث بشكل أوسع، وذلك ساعد كثيراً في فضح التحالف الإمامي الحوثي مع المخلوع صالح، وأن من يتنفس رحيق الحرية من الصعب عليه القبول بغير ذلك.
ثقافة الدولة:
الشعب اليمني جسد ثقافة الدولة بشكل فعلي خلال الحرب من قِبل المتمردين الذين انقلبوا على الحكم الشرعي للبلد، والكل انتفض مجابهاً لتعدياتهم، فقاتل الجميع دفاعاً عن الدين أولاً، ومن ثَم الوطن اليمني ثانياً، ولم يأبه المقاتلون من أبناء اليمن أكان القتال في مدينة ليست مدينتهم، ورأينا كيف أن المقاومة الجنوبية تقاتل المنقلبين جنباً إلى جنب مع إخوتهم من أبناء المقاومة في الشمال، فالحرب جسَّدت وعي المجتمع والشعب بشكل ظاهر لهيبة الدولة اليمنية، وفي الذود عن قداسة وثقافة الدولة الحقة، دون الحاجة إلى بذل مجهود لتعزيز ذلك، وكانت الثورة الشبابية الشعبية السلمية في فبراير 2011م هي من زرعت ذلك في أذهان وعقول وقلوب اليمنيين، وما يتم سماعه من نعرات خارجة عن إطار الدولة الواحدة سينتهي بمجرد الانتهاء من الحرب والقضاء على الميليشيات الانقلابية، ورؤية الوطن آمناً ومستقراً.(هافينغتون بوست عربي)