فبراير ميلاد مستقبل المرأة اليمنية

- ‎فيأخبار اليمن, كتابات
في الذكرى السادسة لثورة 11 فبراير تحتفل المرأة اليمنية في كل اليمن بذكرى ثورة مثلت منعطفًا تاريخيًا في حياتها، الثورة التي عبرت عن تطلعات وأحلام المرأة اليمنية، البسيطة والنقية كنقاء الثورة الباحثة عن فرصة للحياة. لقد تحملت المرأة اليمنية في عهد علي عبد الله صالح من الأوجاع والحرمان ما لا طاقة لها به ذبلت رويدًا رويدًا مع كل حلم تكسره العادات أو يصادره الفقر أو تكبله التقاليد.

معاناة المرأة اليمنية لم تكن وليدة اللحظة بل هي تراكمات ثلاثة عقود أو يزيد من سياسات التجويع والتجهيل لتجد نفسها تصارع قسوة الحياة مهدورة القيمة. قسوة الحياة وانتشار الفقر والذي تجاوز  85% في إحدى الدراسات وتدني الخدمات كبلت المرأة وسرقت معظم حقوقها، وحرمانها من التعليم كان الأكثر بطشًا بحقها وحق مجتمعنا فلا يمكن لمجتمع أن يرتقي ما لم ترتقِ وتتحرر المرأة. انتشرت الأمية في أوساط النساء بصورة مفزعة حيث إن نسبة الأمية في أواخر عام 2011 بلغت 64% وفي أواخر 2014 ارتفعت حتى 70% والنصيب الأوفر من هذه النسبة كان للنساء. تدني المستوى التعليمي وعدم لمس مخرجات التعليم وظروف الحياة القاسية والفقر كانوا سببًا جوهريًا لمنع الفتيات من الالتحاق بالعملية التعليمية والفتيان كذلك دفعهم الفقر إلى البحث عن أعمال يكسبون منها مالًا بقدر ما يبقيهم على قيد الحياة. أما المرأة فتكمل مشوار حياتها بالزواج المبكر والذي قالت إحدى الدراسات لمركز الرصد والحماية في منظمة سياج للطفولة إن انتشاره تجاوز نسبة 60% لتنجب الصغيرة بعدها أطفالًا تشاركهم تعاستها وجهلها.

أعطت المرأة اليمنية كل ما تستطيع الجود به لتحظى بنسمة من فبراير تنسيها مرارة الأيام الماضية وتفتح أمامها بوابات اليمن الجديد والسعيد.

لقد تعلمت المرأة اليمنية كيف يمكنها العيش بتعاسة دون أن تكون لديها الجرأة على البوح بآلامها. كل شيء كان ينحدر إلى الهاوية، حيث كشف تقرير نشره المنتدى الاقتصادي العالمي، حول أوضاع النساء في 142 دولة من الناحية الاقتصادية والأكاديمية والسياسية والعنف والرعاية الطبية، احتلال اليمن للمركز الأخير في العالم، فيما يتعلق بحقوق المرأة، ونسب إليها لقب أسوأ دولة يمكن أن تولد فيها النساء.
واعتبر التقرير الدولي أن اليمن من بين الدول التي فشلت في توفير فرص التعليم للنساء. بدأ الألم يكبر شيئًا فشيئًا، أنهك روحها ومزق أحلامها وهد قواها، لم يعد القلب يقوى على حمله، كان لا بد من البوح به في وجه من أرغمها على كل هذا الشقاء، وصوتها «العورة» آن له أن يصدح ليعبر عن وجع السنين الذي مزق أحشاءها.
لم تكن رياح التغير لتذهب دون أن تلامس تلك الجراح، وكان فبراير الحلم الأوحد الذي لامس دفئه روحها البائسة، الباب الذي تدلت عبره كل أحلامها، الشمس التي بزغت على كل ما هو بائس لتهديه شعاع أمل.
لقد عاشت من العمر وخاضت تجارب وسمعت وعودًا ما يكفي ليخبرها أنها تسير في طريق الهاوية. المرأة الكادحة التي أمضت حياتها تواجه قسوة الحياة وتصارع الفقر وتتحمل زمهرير الجهل وتحلم بالحصول على حقوقها في مجتمع يضربها مع بزوغ كل حلم بسياط العادات والتقاليد أصبحت ثائرة.
الكل متقد ويحلم بالتغير ولأول مرة أرى المرأة اليمنية كما لم أعرفها من قبل أعلنت حالة التمرد وكأن الجميع كان على موعد مع الثورة. أستطيع أن أذكر كيف كانت أعين الثائرات تبرق في مشاركتهن في المسيرات كأنها نار متقدة، ما زلت أشعر بالحماس في نبرات أصواتهن أثناء ترديد الشعارات، البعض تخنقهن العبرات وكأنهن يبحن بوجعهن لأول مرة، أرادت التخلص من حمل أحنى ظهرها عقودًا من الزمن.
ارحلْ؛ كانت الكلمة التي أعلنت معها الاكتفاء من سياسة التجويع والتجهيل والفقر الذي مارسه عليها النظام السابق نظام (علي عبد الله صالح) لقد كان يوم البوح بهمومها يوم ولادتها، يوم من الدهر عاشته بكل تفاصيله. أرادت أن تروي أحلامها القاحلة بشعارات الأمل واليمن الجديد. لقد أعطت كل ما تستطيع الجود به لتحظى بنسمة من فبراير تنسيها مرارة الأيام الماضية وتفتح أمامها بوابات اليمن الجديد والسعيد، لقد صنعت الأعلام للثائرين والكعك المزين بعبارات الأمل. لقد نسجت القصائد وهزت الأرض بأقدامها في مسيرات النضال، ألهبت الثائرين بتغريدها في ساحات التغيير تصدح بأناشيدها العذبة، جادت بحليها ومالها وآمال كثيرة ودعاء ملتهب أكثر وأكثر. روت بدمها شحوب وطن اشتد به البؤس فجادت بـ(تفاحة، ياسمين، زينب، راوية وعزيزة) شهيدات تخلد دور المرأة الجلي في ثورة جفت أرواحنا ونحن في انتظار بزوغها.
حلم جميل عشنا معه فترة قصيرة سرعان ما بدأ ينهش فيه من كنا نظنهم شركاء الثورة ومعهم من كان بناء هذا الحلم سببًا في تلاشي أحلامه (المخلوع وزبانيته). أرادوا سحق أحلامنا التي أزهرت مع ربيع فبراير وأردنا لحلمنا البقاء وسيبقى ما بقينا ولا عودة للظلام.(ساسة بوست)