قالت صحيفة “القدس العربي”، إنها علمت من مصادر سياسية وأمنية يمنية، أن عاصمة اليمن المؤقتة عدن تعيش اليوم حالة من الغليان غير المسبوق منذ أن استعادت الحكومة الشرعية السيطرة عليها منتصف يوليو 2015، وتوحي كل المؤشرات بأن عدن تعيش في الوقت الراهن على صفيح ساخن، قابل للانفجار في أي لحظة.
وأضافت الصحيفة العربية، في تقرير لها، أن هذه المعطيات ربما كانت السبب الرئيس وراء اضطرار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى مغادرته لمدينة عدن نحو العاصمة السعودية الرياض، رغم أنه عاد منها نهاية الأسبوع الماضي.
وذكرت أن هذه المغادرة للرئيس هادي قد تطول، إثر شعوره بالاستهداف الأمني من قبل قوات «الحزام الأمني» لمدينة عدن المحسوبة على قوات الحكومة الشرعية، ولكنها موالية للقوات الإماراتية في عدن، والتي شكلتها عقب استعادتها من الميليشيا الحوثية والقوات التابعة للرئيس المخلوع علي صالح قبل قرابة العامين.
وأشارت إلى أن الوفد الرئاسي الذي بعثه الرئيس هادي إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي الأحد الماضي، برئاسة مدير مكتب رئاسة الجمهورية عبدالله العليمي وقائد ألوية الحماية الرئاسية ناصر عبدربه منصور هادي، نجل الرئيس هادي، عاد بخيبة أمل كبيرة إثر عدم استجابة السلطات الإماراتية لمطالب الرئيس هادي بعدم تدخل القوات الإماراتية في عدن في الشؤون الأمنية في عدن، والتي اضطر معها هادي إلى مغادرة عدن إلى الرياض قبل انفجار الوضع.
وظهر الرئيس هادي في أخبار الوسائل الإعلامية الحكومية اليمنية، أمس، وهو يمارس مهامه الرئاسية من الرياض على الرغم من أنه لم تعلن أخبار مغادرته للعاصمة المؤقتة عدن.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر ملاحية أن مطار عدن الدولي أغلق، أمس، أمام حركة الطيران الدولية إلى أجل غير مسمى، وأن جميع رحلات الطيران التي كانت تتوجه إلى مدينة عدن أو تغادر منها تم تحويلها إلى مدينة سيئون في محافظة حضرموت، والذي أصبح المطار الوحيد في اليمن الذي يستقبل الرحلات الجوية رغم بساطة إمكانياته.
وبحسب الصحيفة ذاتها، قال المحلل السياسي العدني “عبدالرقيب الهدياني”، إن «استخدام الإمارات للقوة في عدن دليل على أنها فشلت سياسيا على الأرض في إنجاح مخططها وكشفت عن حقيقتها ووجهها القبيح، وهذه كلها بحنكة هادي الذي استفزها واستطاع أن يوقعها في الفخ».
وأوضح أن التصرفات العسكرية الإماراتية في عدن «فيها إساءة كبيرة للسعودية وأن تفعل ذلك الإمارات وهي تحت مسؤوليتها في التحالف».
وأضاف “وأتوقع ان يسند هادي مسؤولية حماية مطار عدن ومينائها إلى قوات سعودية وهذه ضربة أخرى محرجة للإمارات التي يصعب عليها أن ترفض».
وأكد “الهدياني” أن هادي يتحرك في اتجاه تقليم أظافر الإمارات في اليمن، إثر انكشاف مخططها غير البريء، وقال «أرى أن الأمور مرتبطة ببعضها من البداية، وزياره هادي لقطر، ربما أغضبت الإمارات فأعقبتها حادثة عدن».
وأضاف أن وصول الرئيس هادي إلى الرياض في الوقت ذاته الذي وصل فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الرياض في جولة تشمل المملكة والبحرين وقطر «يشير إلى أن هناك ترتيبا قطريا للقاء غير معلن يمني قطري سعودي تركي ربما لبحث إمكانية قيام تركيا بدور عسكري في ظل الحديث عن تقليم أظافر الإمارات».
وأوضح أن «الفصيل العسكري الذي يتبع الإمارات في عدن يريد القيام بدور مشبوه لكنه فاشل وعاجز..أظن أن الأحداث بمجملها في عدن هدفها إزاحة القوات الإماراتية من المشهد».
مضيفا أنه «إذا حصل تغيير في قيادات المنطقة الخامسة في محافظة عدن وتحركت الجبهة لتحرير الحديدة بعيداً عن الإمارات من اتجاه مدينة حرض وميدي (شمال شرق) ستكون بمثابة صفعة قوية للإمارات، قد تجبرها على التعاطي مع الوضع كما تريد الحكومة الشرعية في اليمن».
ومن جانبه وصف الباحث والكاتب السياسي “نبيل البكيري” ما يجري في عدن بأنه «نتاج طبيعي للفشل الكبير في إعادة تشكيل المؤسستين الأمنية والعسكرية وفقا لاستراتيجية وطنية واضحة، وترك الأمر لبعض الأطراف في التحالف بتشكيل وحدات أمنية وعسكرية خارج إطار القرار السياسي الرسمي، الذي يمتلك وحده حق تشكيل هذه المؤسسات السيادية».
وأوضح ان «انعكاسات ما يجري في عدن خطيرة وكارثية على السيادة الوطنية وسيفتح الباب على مصراعيه لتمردات كبيرة على القرار السيادي الدستوري».