ارتبط الحديث عن فساد مليشيا الحوثي بالفلل والعمائر التي اشتراها أو شيدها، أخيرًا، مشرفو وقادة الجماعة الانقلابية المتمردة، خصوصاً في العاصمة اليمنية صنعاء، رغم صعوبة البناء والشراء، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها البلد.
ورغم أن الجماعة بحاجة إلى إظهار ما يؤكد صدق مزاعمها حول محاربة الفساد، والذي كان مبررها الأول للانقلاب على السلطة الشرعية في اليمن أواخر العام 2014م، إلا أنها لم تتخذ أية إجراءات ضد ثراء مشرفيها وقادتها المفاجئ.
سيطرة مالية
ويذهب محللون، إلى أن لسياسة الجماعة المستقبلية علاقة بعملية الإثراء لمعظم المحسوبين عليها، خصوصاً المنتسبين إلى أسر هاشمية.
وبحسب هؤلاء المحللين، الذين تحدثوا إلى “المسار” ، فإن مليشيا الحوثي تدرك أنها لن تستمر في السيطرة العسكرية على مناطق نفوذها، وتحاول من خلال تمليك وشراء العقارات لأتباعها العقائديين أن تصبح مسيطرة مالياً في المستقبل.
ويضيف المحللون؛ ما يتحدث الناس عنه كفساد هو سياسة تتيح للجماعة إعادة إنتاج نفسها بصورة تمكنها، مستقبلاً من استغلال أية متغيرات إقليمية ودولية، لفرض مشروعها من جديد.
ويشير المحللون، إلى أن لهذه السياسة صوراً عدة، ولا تقتصر على شراء العقار.
ويتفق الكاتب الصحافي والناشط الحقوقي، محمد الأحمدي، مع هذا الطرح، مؤكدًا أن مليشيا الحوثي “في إطار مشروعها الكبير الهادف إلى تجريف خارطة الهوية اليمنية، عمدت إلى العديد من الخطوات، من بينها هذا السباق المحموم للنهب والإثراء من أجل إعادة تشكيل طبقة جديدة من رجال الأعمال الموالين للجماعة، الذين أثروا من خلال هذه الحرب، وتحولوا بين عشية وضحاها إلى مليارديرات دخلاء على قطاع رجال الأعمال اليمني، بحيث يتسنى لهم لاحقاً التحكم أو التأثير على القرار اليمني عبر الاقتصاد”.
ويضيف الأحمدي، في تصريح إلى “المسار” “في نفس الوقت عمدت الجماعة إلى البدء بعمليات تغيير ديمغرافي، بالتوازي مع إجراء تعيينات واسعة في مختلف أجهزة الدولة، بهدف حوثنة الدولة، وإقصاء كل المحسوبين على كل القوى الأخرى، بمن في ذلك حلفائها في حزب المؤتمر الشعبي العام”.
سيطرة ديموغرافية
وينسجم ما ذهب إليه المحللون مع المعلومات التي تؤكد أن المليشيات الانقلابية وزعت على كثير من أتباعها العقائديين أراضٍ واسعة في محيط صنعاء.
وبحسب المعلومات التي كشفت عنها مصادر خاصة لـ”المسار” ، فقد قامت الجماعة بتوزيع مساحات كبيرة من الأراضي في محيط صنعاء على عدد من أتباعها، باسم “دعم أسر الشهداء”.
وتسعى الجماعة من خلال مثل هذه الخطوات، إلى تطويق صنعاء بحزام طائفي يمتلك الأرض بدلاً من الحزام القبلي الذي يغيِّر ولاءه وفقاً لما تقتضيه مصالحه.
ويبدو أن الجماعة قد استفادت في هذا الجانب، من تجربة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، الذي زرع خلايا من علوي الساحل حول دمشق، بحجة أنهم موظفون أو عسكريون، ليفرض بذلك قوساً حول العاصمة، من منطقة قدسيا إلى دمر فالسومرية، مروراً بالمعظمية وداريا وكفر سوسة والقدم والميدان.
وقد كان لهذا القوس العلوي، دورٌ كبير في الحيلولة دون سقوط النظام في دمشق خلال الثورة الشعبية التي اندلعت عام 2011م.(المسار)