تحتفل دول العالم هذا اليوم بعيد العمال الذي يصادف الأول من مايو من كل عام، في الوقت الذي تعاني فيه اليمن أوضاعا معيشية صعبة، أثرت بشكل سلبي على حياة معظم العاملين في البلاد، بعد أن نقلتهم الحرب التي اشعلها الانقلابيون إلى رصيف البطالة.
وبدأ الاحتفال بهذه المناسبة في أستراليا في نيسان/أبريل 1856، إلى أن أقرت الولايات المتحدة الأمريكية تاريخ الأول من مايو/أيار عيدا للعمال وبشكل رسمي.
ويستغل العمال هذه المناسبة للمطالبة بحقوقهم، لكن ذلك بعيدا للغاية في اليمن، بعد أن بات العمل بمثابة الحلم وزيادة نسبة البطالة بشكل كبير عقب انقلاب 2014، والذي أثر على مختلف مناحي الحياة.
وبحسب آخر إحصائية للبنك الدولي فإن نسبة البطالة في اليمن ارتفعت إلى 56 بالمائة نهاية العام 2016، فيما يقدر خبراء اقتصاديون ارتفاع الرقم إلى 68% مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية جراء الحرب.
وفي أواخر 2013 كانت نسبة البطالة تبلغ 31.8 بالمائة، حتى بلغت عقب أواخر 2014 قرابة 37 بالمائة.
وأدى ذلك الوضع إلى حاجة أثكر من 82% من اليمنيين للمساعدات الإنسانية، بعد أن أصبح العديد منهم على شفا المجاعة.
تحت أشعة الشمس
يخرج المواطن ناجي مرشد علي يوميا مع عدة البناء عقب صلاة الفجر، ينتظر مع غيره من اليمنيين تحت أشعة الشمس الحارقة حتى وقت الظهيرة، على أمل أن يجد فرصة عمل يوفر بها احتياجات أسرته، لكن دون جدوى.
ويذكر وبوجع شديد لـ”الموقع بوست” أنه يعود إلى منزله خائبا، ويضطر لأن يستلف قوت يومه وأسرته من بعض من يتعاونون معه، لافتا إلى أن وجبتهم المعتادة غالبا ما تكون الرغيف والزبادي.
صعوبة توفير متطلبات الحياة
محمود ناشر هو الآخر ضاقت عليه الدنيا بما رحبت، فعمل كسباك برغم أنه يحمل شهادة بكالوريوس تجارة تخصص إدارة أعمال.
يوضح لـ”الموقع بوست” أنه وفي ظل الحرب بات عاجزا عن الحصول العمل في مجال تخصصه، فاتجه إلى مهنة “السباك” التي اشتغل كذلك فيها والده.
وحول ما اذا كانت تلك المهنة توفر له متطلبات العيش الضروري، قال إنه لا يحصل على فرص عمل كافية، مبينا أنه خلال شهر كامل يجد فرصتين أو ثلاث فقط، وذلك لا يكفيه حتى للحصول على وجبتين متتاليتين، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار.
غياب حقوقهم
عقب اندلاع الحرب في اليمن قبل أكثر من عامين نال المواطن محمد عبدالحميد نصيبه من المعاناة، بعد أن فقد عمله كموزع في إحدى شركات المتخصصة بمجال المواد الغذائية.
وروى لـ”الموقع بوست” أن الشركة قامت بالتخلي عن العاملين دون الحصول على حقوقهم، مشيرا إلى عدم قدرته وزملائه على مقاضاة تلك الجهة، نتيجة لغياب مؤسسات الدولة خاصة في المحافظات التي ما تزال خاضعة لسيطرة الانقلابيين.
البطالة تطارده
واضطر انقطاع المرتبات وانهيار الوضع الاقتصادي، الأكاديمي المتخصص في مجال الإدارة التربوية (ج.د) إلى النزوح إلى محافظة أخرى جراء استمرار الحرب في تعز.
وبيَّن لـ”الموقع بوست” أنه تنقل بين الجامعات والمعاهد والمدارس، يعرض عليهم شهادته التي تعب كثيرا حتى وصل لها، لكنه لم يحصل على أي عمل ليوفر به احتياجات أسرته.
واضطر الأكاديمي اليمني لبيع مدخراته ومجوهرات زوجته لتوفير متطلبات أسرتهم، ليضاعف ذلك من معاناته بعد أن أوشكت أن تنفد.
مخاطر الانهيار الاقتصادي
وانهار الاقتصاد اليمني بشكل كبير وألقى بظلاله على كثير من الجوانب، وحول ذلك يقول الباحث بالشأن الاقتصادي نبيل الشرعبي، إن ارتفاع نسبة البطالة فتحت ابواب التجارة الممنوعة والمحرمة وفق القوانين والشرع، كالدعارة، وتجارة الأعضاء، والاتجار بالبشر الذي قد يقود إلى عودة تجارة الرقيق التي ستكون الحديدة الساحلية بوابة لها.
وذكر لـ”الموقع بوست” أن مخاطر الانهيار الاقتصادي تتمثل كذلك بتهدم كل اللبنات التي كانت بدأت تتشكل وتؤسس لاقتصاد فعلي في البلاد، وبالذات ما يخص المشروعات الصغيرة والأصغر.
وأضاف الشرعبي أن المدخرات الشخصية والفردية والأسرية تآكلت، حتى عجز كثير من الناس عن توفير كثير من مقومات الحياة العادية.
وتتوسع قاعدة التسرب من التعليم وتفشي الامية بشكل حاد، إضافة إلى الدخول في خارطة الامراض والأوبئة جراء العجز عن مواجهة النفقات الصحية، وكذا هجرة العقول إلى الخارج، نتيجة لمعاناة المواطن جراء انهيار اقتصاد البلد، كما أردف الشرعبي.
وأشار الباحث الاقتصادي إلى هجرة رأس المال الوطني، وإفلاس شركات وعديد من المشروعات والدخول في حالة من العجز عن سداد حقوق الغير، وفقدان البنوك للمنح والقروض التي قدمتها خلال السنوات الماضية.
ونوه الشرعبي في ختام حديثه إلى أن استمرار الوضع الاقتصادي في اليمن بالانهيار، سيؤدي إلى تجميد أنشطة البنوك وكذا شركات التامين.
عمال اليوم في عيدهم العالمي.. بطالة ومعاناة وبطون خاوية
No more posts
No more posts