أعلن في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن يوم الخميس كما كان متوقعا، عن تشكيل “مجلس سياسي انتقالي” في جنوب اليمن، برئاسة المحافظ المقال عيدروس الزبيدي ونيابة وزير الدولة المقال أيضا والمحال لتحقيق هاني بن بريك.
لم تكد تمر ساعات قليلة حتى بدأ التصدع في جدار مجلس “ضرار” الذي أعلنه الانقلابي الجديد عيدروس الزبيدي والمتمرد على الشرعية بعد انقلاب وتمرد الحوثيين وصالح في صنعاء اليوم في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن.
مراقبون أكدوا ان المحافظ المقال عيدروس الزبيدي يتعرض لانتكاسة سياسية واجتماعية في إطار الإعلان عن مواقف عدد من الأعضاء الذين تضمنهم اعلان عيدروس لما أطلق عليه “المجلس الانتقالي السياسي” في عدن يوم الخميس كما تباينت ردود الأفعال بين مؤيدين ومعارضين ومنتقدين للمجلس واخرين لم تتضح حتى الان مواقفهم بالرفض او القبول.
لكن التشظي الذي لحق بالمجلس “الوليد” أفسد على منظموه فرحتهم ولم يتأخر كثيرا فقد سارع عدد ممن وردت أسمائهم في بيان الإعلان الى رفض هذا الكيان الذي وصفه بعضهم “بالهزيل” وغير المتزن كما وصفه اخرون “بالطعن من الخلف” والتمرد على الشرعية الدستورية وغيرها من الصفات التي دلت على رفض قاطع لهذا المجلس.
فما يربو على 40 شخصية من قيادات ووجاهات اجتماعية وسياسيون ومثقفون من أبناء الجنوب أبدوا رفضهم للمجلس الذي رفضته ايضا الحكومة اليمنية الشرعية وذلك تزامناً مع تجاوب شخصيات أخرى مع دعوة بيان الرئاسة اليمنية لمن وردت أسماؤهم في قائمة المجلس إلى تبيان مواقفهم.
أذرع الامارات
في ال 4 من مايو وقف محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي مخاطبا بعض من حضر حينها الى ساحة العروض بعدن قائلًا إنه “سيعمل بكل جهده على إعلان جنوب اليمن دولة مستقلة وهو ما تم بالفعل بعد اعلان المجلس الانتقالي الذي ضم في قائمته شخصيات محسوبة على دولة الأمارات العربية المتحدة كما ان هؤلاء يشكلون أذرع الإمارات في اليمن، والذين بدون دعم الإمارات لما تمكنوا من اتخاذ هذه الخطوة الانقلابية الجديدة.
بدا الموقف الاماراتي مؤيدا لهذه الخطوة وظهر ذلك جليلا من خلال تصريحات مسؤولين إماراتيين في وسائل التواصل الاجتماعي فقد كتب ضاحي خلفان تغريدة على تويتر قائلاً:” كل من يحاول ان يقف ضد إرادة الجنوب سيجد نفسه في الشمال”. في إشارة واضحة لتأييد إماراتي للمجلس المذكور.
وأكد خلفان في تغريدات جديدة نشرها على حسابه في تويتر اليوم الجمعة 12مايو2017م ان “بيان المجلس الانتقالي الجنوبي كله حكمة وقمة الحلول الايجابية لمشكلة اليمن …فيه عمق سياسي وليس تخبطا.. حكمة يمنية فيه”.
وكان خلفان قد ذهب ابعد من ذلك بتطاوله على رئيس الجمهوري حينما كتب في تغريدة على حسابه بتويتر قائلا ” “اسمحوا لي بأن أقول كلمة حق، شرعية اليمن أثارت الشمال قلنا معها حق، لكن ما رأيكم بإثارتها للجنوب؟ والله إن هادي لم يعد مقبولًا شمالًا وجنوبًا”.
وأضاف في تغريدة أخرى “لا يجوز أن يعطل هادي المنطقة بأسرها لجهل فيه”.
تغطية إعلامية مظللة
إضافة الى ذلك فقد عملت وسائل الاعلام الإماراتية على تغطية اعلان المجلس الانتقالي في عدن بصورة كبيرة كما انها مارست أسلوب تظليل واسع للقارئ وما زالت حتى اللحظة رغم تهاوي المجلس واستقالة معظم أعضائه ورفض شريحة كبيرة من القيادات السياسية والعسكرية الجنوبية لهذا المجلس فقد عمدت الى تجنب ردود الافعال الرافضة للإعلان رغم زخمها فيما ضخمت بشكل ملفت ردود الأفعال المؤيدة وان كانت ضعيفة.
الرئاسة اليمنية ترفض المجلس الانتقالي
الرئاسة اليمنية كانت حاضرة وبقوة في رفضها القاطع لما سمي بالمجلس الانتقالي الجنوبي واعتبرت وجوده يتنافى كليا مع المرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا وإقليميا ودوليا والمتمثلة في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والقرارات ذات الصلة.
وأكدت الرئاسة اليمنية بعد اجتماع طارئ عقده رئيس الجمهورية بمستشاريه للوقوف على احداث عدن ان هذه الأعمال لن تكون محل قبول مطلقا باعتبارها تستهدف مصلحة البلد ومستقبله ونسيجه الاجتماعي ومعركته الفاصلة مع المليشيات الانقلابية للحوثي وصالح، ولا تخدم الا الانقلابيين ومن يقف خلفهم، وتضع القضية الجنوبية العادلة موضعا لا يليق بها وهي التي ناضل الشرفاء من أجلها ووضع مؤتمر الحوار الوطني الحلول الناجعة والمرضية لها، مطالبة كافة الذين عملوا على ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي و من يقف خلفهم إلى مراجعة مواقفهم و الانخراط الكامل في إطار الشرعية وتوحيد الجهود لتحقيق تطلعات الشعب اليمني.
مجلس التعاون يرفض تقسيم اليمن
مجلس التعاون لدول الخليج العربي جدد مواقفه الثابتة تجاه وحدة وسيادة الجمهورية اليمنية والحفاظ على أمنها واستقرارها٬ كما جدد دعمه لجهود الأمم للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
وأكد المجلس على لسان امينه العام الدكتور عبد اللطيف الزياني “أن دول المجلس تدعو جميع مكونات الشعب اليمني الشقيق في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ اليمن إلى نبذ دعوات الفرقة والانفصال٬ والالتفاف حول الشرعية لبسط سلطة الدولة وسيادتها واستعادة الأمن والاستقرار في جميع مناطق اليمن٬ وإعادة الأمور إلى نصابها حتى يتسنى للشعب اليمني استكمال تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل التي عالجت كل القضايا اليمنية٬ بما في ذلك القضية الجنوبية٬ مؤكداً أن جميع التحركات لحل هذه القضية يجب أن تتم من خلال الشرعية اليمنية والتوافق اليمني الذي مثلته مخرجات الحوار الوطني الشامل.
ما حدث لا تعالجه الانفعالات الوقتية
الدكتور احمد عبيد بن دغر رئيس الحكومة الشرعية من جهته قال “إن ما حدث ويحدث في عدن لا تعالجه الانفعالات الوقتية والتي استدعت خطاب المظلومية الجنوبية بصورة لافتة للإنتباه، هذه المرة تبرز المظلومية مع انبعاث جديد لصراعات مناطقية محلية لم تمت جذورها بعد. استدعاء المظلومية الجنوبية لن يقدم حلولاً كافية وشافية للأزمة العامة، وإن كان يرفع عالياً صوت المقهورين، المسحوقين بفعل الإقصاء والإلغاء ومصادرة الحقوق لربع قرن من الزمن هو عمر الوحدة. نحن في اليمن نحتاج إلى بعض الوقت لالتقاط الأنفاس والتفكير بعمق فيما نحن فيه، وللأسف العدو لا يسمح لنا بذلك”.
وأضاف بن دغر “في تقديري ستبقى الدولة الاتحادية المدنية هي الإطار السياسي والتنظيمي المؤهل لجعل المواطنة المتساوية ممكنة التحقق، والمانع لمزيد من التفكك، والضامن للحقوق والحريات، كما أنها ومن وحي التجربة الإنسانية تقدم الأسلوب الأمثل في توزيع السلطة والثروة. التي يتمحور خلافنا عليها الآن وفي كل حين”.
وشدد بن دغر على “أن سقوط مشروع الدولة اليمنية الاتحادية والتي توافقنا على شكلها ومضمونها في مؤتمر الحوار الوطني، أو استبدال الشرعية عنوة بأية شرعية غير شرعية الانتخاب وصناديق الاقتراع، سوف تغير مسار الأحداث والحرب في بلادنا وجذرياً لصالح العدو، كما ستعصف بموازين القوى على كل المستويات المحلية والإقليمية، الكثير من عناصر وقوى الصراع على الأرض سوف تفقد حججيتها، وسيضغط المجتمع الدولي نحو حلول لا تنهي الإنقلاب، بقدر ما تؤدي إلى التصالح معه، فهذا العالم محكوم بقوانينه ونظمه وليس بإراداتنا حتى وإن بدت عادلة”.
أنهم يلعبون بنار ستحرق المنطقة كلها
الدكتور عبده سعيد المغلس ان “اللحظة التي صدر بها بيان عدن والمجلس الانتقالي “الداعي إدارة وتمثيل الجنوب داخلياً وخارجياً” مثلت هذه اللحظة إنقلاباً إختفى فيه المشروع الوطني باليمن الإتحادي وثوابته وما قدمه للقضية الجنوبية وعُميت الأبصار بنظارة العرطة والفيد والعصبية ، فغاب الوطن وبرزت المصلحة الشخصية والعصبية المناطقية التي تلبست لبوس الوطن، هذا الإعلان الذي حمل من التناقضات والزيف الكثير فهو بالمبتدأ لا يمثل الحراك كله ولا الجنوب كله وهو ضد التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية لأنه انقلب على الشرعية التي أسست للتحالف وبها تم التفويض الدولي لدور التحالف وأهدافه المتمثلة باستعادة الشرعية والقضاء على الإنقلاب وفق المرجعيات الثلاث ومحاربة الإرهاب. وكيف يَدَّعون الوقوف والاستمرار مع التحالف وهم ينقلبون على الشرعية التي أسست له”.
وأشار المغلس الى ان الانقلابيين لم يفكروا بأمرين: الأول: “إن استقلال وسيادة ووحدة اليمن وسلامة أراضيه” نَصٌ في كل مراجع القضية اليمنية وطنياً وعربياً ودولياً مما يعني التزام الجميع به ولا يمكن الخروج عليه كونه الثابت الأساس للحل.
والامر الثاني: انقلابهم على الشرعية الوطنية والإقليمية والدولية وقراراتها والتحالف الحامي والمنفذ لهذه الشرعيات الثلاث وعملهم يُشرعن لإنقلاب صنعاء ودعواه ويضعهم بنفس المربع.
كما انهم راهنوا على أمرين الأول: على زعم اعتقدوه بدعم الإمارات العربية المتحدة وهي حليف أساسي بالتحالف تدرك تماماً لماذا a قام التحالف وما هي أهدافه، وبروح المسؤولية لديها والفهم القانوني والسياسي لتبعات أي عمل ضد الشرعية والتحالف، لن تسند أو تدعم أي عمل مخالف لذلك.
والامر الثاني: على وهم اعتقدوه أنهم يمثلون الجنوب كله ،واهمين بأن مظاهرة أو مجموعة أفراد تستطيع تغيير واقع دول وتحالفات وقوانين دولية ناظمة وضابطة لأي عمل يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي.
ونوه الدكتور المغلس الى ان “عليهم أن يدركوا أنهم يلعبون بنار ستحرق المنطقة كلها وتهدد السلم والأمن الإقليمي والعالمي وهذا أمر لن يسمح به عقلاء المنطقة والعالم كما لم يسمحوا به لإنقلاب مليشيا الحوثي وصالح”
محاولة تكرار سيناريو 21سبتمبر
وربط الكاتب نبيل البكيري بين ما حدث في عدن بالأمس وبين انقلاب صنعاء فقال “محاولة تكرار سيناريو 21 سبتمبر الفاشل بصنعاء ومحاولة تحقيقه بعدن وذلك باتباع نفس الخطوات التي سار عليها الانقلاب بصنعاء مع فارق بسيط ووحيد وهو الغطاء الطائفي والمذهبي للتحشيد الذي قامت به جماعة الحوثي وتفتقر له جماعة الحراك الانفصالي لانقساماتها الدائمة، لكن يجمعهما عراب واحد ومخطط واحد وهو العقل الإيراني الذي يتغلغل جنوباً بنفس حضوره شمالاً، مع فارق طبيعية البيئة الحاضنة لكلا الجماعتين.
واضاف البكيري ان ما حدث في عدن ” من انقلاب غير معلن من قبل فصيل واضح التوجه والأهداف، ليس سوى استكمال للخطة “ب” من مشروع الضاحية الجنوبية في اليمن والذي ابتدأت بالمشروع الانقلابي ” أ” بصنعاء ولهذا رأينا حجم الاحتفاء الذي لم يخف نفسه من قبل سلطة صنعاء الانقلابية بما سمي إعلان عدن التاريخي، وسارعت شخصيات قريبة من الانقلاب بالترحيب والاحتفاء بهذا الإعلان، في دلالة واضحة على تواصل وتنسيق على مستوى عالي وبطرف ثالث راعي لكلا الانقلابين”.
خلط الأوراق الخاصة بأوراق الوطن
الدكتور عبدالحي قاسم نصح الزبيدي بعدم الاستمرار في ” لعبة خلط أوراقك بأوراق الجنوب، مجلس سياسي أم مجلس انفعالي، ثمة فرقا كبير، الجنوب أكبر منك أو أي سياسي آخر، الجنوب يتطلع أبعد مما تراه، وأنت في وضع يستخدم البعض تشنجك بصورة تستنزف معها كامل رصيدك السياسي أنتبه!!!”.
وأضاف ان “جزء من المجلس السياسي المشلول لا يدري بأي وادي أنت تغرد، فكيف بوطن لا يعير مشروعك اهتمام يذكر؟ ما عليك معرفته أن ردة إعلان المجلس السياسي ليست في الزمان ولا المكان المناسب، وأن مفردات تكوينها قد تجاوزتها متغيرات الوضع الداخلي والإقليمي والدولي”.
مخطط كبير يرمي لإلتهام المنطقة
بدوره قال الكاتب والسياسي عبدالعزيز المجيدي ان الحراك الجنوبي بنى قضيته بالتضحيات وأطلق شرارة أول ثورة سلمية في المنطقة، وبأن هناك قضية سياسية راسخة لم تعد قابلة للنقاش ومن حق الجنوب أن يقرر مصيره بواسطة إرادة شعبية حرة.
وتساءل المجيدي هل التوقيت والطريقة التي يجري بها التعاطي مع القضية تخدم الجنوب ومكوناته؟ واضاف: كيف سيجلب هذا التحالف العجيب النصر في مواجهة مخطط كبير يرمي لإلتهام المنطقة وتقسيمها دولة بعد الأخرى، بهكذا حماقات وهو مازال في قلب المعركة؟
سقوط الشرعية لن تمنح الزبيري دولة
اما الكاتب غمدان ابو اصبع فيقول ” ان مشروع فك الارتباط الذي تبناه عيدروس ” لا يمكن أن يتم إذا فقد التحالف وهادي سر تواجدهم في اليمن تحت غطاء الشرعية المتمثلة بهادي وحكومة بن دغر” مشيرا الى ان سقوط الشرعية ” لن يمنح الزبيدي دولة كما يتخيل بل سيعيده إلى كهوف الجبال لمقاتلة من اقصوه في الماضي ولن يهزمهم في ظل انقسام الجنوب واشتعال الحرب على أطرافه “.
وأضاف أبو اصبع ان “جحافل صالح والحوثي لم تزال على مشارف الشريجة وفي أطراف أبين وشبوة كما عليه أن لا ينسى أن شرعية هادي هي من تعيق وصول الحوثي إلى قلب الضالع بسبب مقاتلة أبنائها في دمت وسناح والعود ولن تكون كذلك إذا غابت تلك الشرعية التي هي نفسها من تمنح الزبيدي حرية الحركة في عدن وغيرها “.