بعد أشهر من الجمود الذي غلب على جهود الأمم المتحدة الرامية لإحياء مسار السلام في اليمن، تمكن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من تحقيق اختراق محدود بالتوجه إلى العاصمة اليمنية صنعاء بعد أن رفضت سلطة الانقلابيين استقباله في وقت سابق واتهمته بعدم الحياد. وفي ما يعد إرساء هدنة في شهر رمضان، الذي يبدأ بعد أيام في مقدمة أولويات ولد الشيخ أحمد، تعد أزمة المرتبات أبرز التحديات التي تواجهه بعد وصوله صنعاء التي تواجه تهديد المجاعة وتفشي الكوليرا منذ انقطاع المرتبات الحكومية قبل ما يقارب من ثمانية أشهر.
وأكدت مصادر سياسية في العاصمة اليمنية وأخرى قريبة من الأمم المتحدة، لـ”العربي الجديد”، أن ولد الشيخ أحمد وخلال زيارته الجديدة إلى صنعاء، يسعى للقاء ممثلين عن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وحزب المؤتمر الذي يترأسه علي عبدالله صالح، لعرض مقترح بالاتفاق على وقف إطلاق النار، خلال شهر رمضان، الذي يفترض أن يبدأ يوم السبت المقبل، وبما يهيئ للعودة إلى طاولة المفاوضات، للوصول إلى حل سياسي للأزمة في البلاد.
وقد أشار ولد الشيخ أحمد، في حديث للصحافيين بمطار صنعاء، إلى أهداف زيارته، بقوله إنه “جاء من أجل 3 قضايا، أولها تجنب حدوث عملية عسكرية في مرفأ الحديدة، غربي البلاد، لما لها من تداعيات إنسانية”، آملاً أن توصله هذه النقطة إلى هدنة خلال شهر رمضان ومن ثم العودة لطاولة المفاوضات.
ووفقاً لوكالة “الأناضول”، ذكر المبعوث الأممي، أن “القضية الثالثة التي سيركز عليها في زيارته هي القضية الاقتصادية، والتي تتعلق برواتب موظفي الدولة المتوقفة وأزمة البنك المركزي”، مشدداً على ضرورة أن “يبقى البنك مستقلاً وأن تصل الرواتب لجميع اليمنيين”.
وكان الرئيس اليمني قد أقرّ في سبتمبر/أيلول العام الماضي، نقل مقر المصرف المركزي اليمني إلى مدينة عدن، وتعهدت الحكومة الشرعية بدفع مرتبات الموظفين الحكوميين في جميع المحافظات، بما فيها تلك الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم، واعترفت الأمم المتحدة بقرار الحكومة بنقل البنك، مقابل التعهد بإلزامها بدفع المرتبات، إلا أنه لم تدفع حتى اليوم، ما سبب أزمة إنسانية خانقة، وألقى الحوثيون وحلفاؤهم باللوم على المبعوث الأممي، الذي اتهموه في وقت سابق بالتواطؤ مع قرار الحكومة وطالبوا باستبداله.
ومع تزايد الاتهامات من قبل الحوثيين له بعدم الحياد، قال ولد الشيخ أحمد، أمس، “رسالتنا للشعب اليمني هي أننا سنبقى حياديين ونسعى وراء السلام … موقف الأمم المتحدة محايد ولسنا مع أي طرف مهما قيل وما سيقال”، فيما تعرض موكب المبعوث الأممي للرشق بعلب مياه فارغة من قبل متجمهرين حوثيين إثر خروجه من مطار صنعاء باتجاه مقر إقامته، بعد اتهامات له بالعجز عن رفع الحصار عن مطار صنعاء، والذي يفرض التحالف حظراً جوياً عليه منذ 9 أغسطس/آب الماضي.
وكان لافتاً أن شرط حل أزمة المرتبات قبل اللقاء، لم يعلن من قبل الوفد المشترك للجماعة وحزب صالح، بل جاء من قبل الحوثيين واعتباره “توجيهاً” من زعيم الجماعة، ما يعني عدم التوافق حول الموقف، مع فريق صالح، الذي أعلن بدوره في خطاب يوم 21 مايو/أيار الحالي، الترحيب بزيارة ولد الشيخ أحمد، وقدم مطالب/شروطاً أهمها “تصريح واضح من الأمم المتحدة بإيقاف الحرب وفك الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي”.
وفي السياق نفسه، قال المتحدث باسم الحوثيين، رئيس وفدهم التفاوضي، محمد عبدالسلام، أمس، إن “استمرار اللقاء مع الأمم المتحدة بات جزءاً من العبث”، وذلك قبيل ساعات من لقاء مرتقب سيجمعهم بالمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وتعد زيارة ولد الشيخ أحمد لصنعاء، هي الأولى منذ آخر زيارة له في يناير/كانون الثاني الماضي، إذ كان الحوثيون وحلفاؤهم يرفضون استقباله، بل رفضوا كذلك استقبال منسق سياسي للأمم المتحدة بصنعاء، على خلفية الاتهامات التي وجهوها للمنظمة الدولية بالتواطؤ مع قرار نقل “البنك المركزي”، وغيرها من الاتهامات، إلا أن الزيارة الجديدة تعد مؤشراً على تقدم طفيف على صعيد مسار الجهود التي تقودها الأمم المتحدة.
وسبق أن كشف المبعوث الأممي الذي تواجد في الرياض، منذ نحو أسبوع، عن أهداف جولته في المنطقة، وتتمثل بوقف الاستعدادات التي يقوم بها التحالف والحكومة الشرعية لعملية عسكرية في محافظة الحديدة غربي البلاد، وبالسعي إلى إبرام هدنة قبل أو خلال شهر رمضان، كخطوة تهيئ لاستئناف مشاورات السلام والوصول إلى حل سياسي للحرب الدائرة في البلاد، منذ أكثر من عامين.