26سبتمبر.. الثورة التي سُرقت

- ‎فيكتابات

هل كان حال اليمن عشية سبتمبر 1962 يتطلب ثورة أو ما يشبه؟ الإجابة بالتأكيد نعم،  ولكن هل كانت ظروف اليمن حينها مواتية و مهيأة لإنجاح الثورة؟ الحقيقة، لا والدليل احتياج الثورة إلى تدخل خارجي كبير، تمثل في دعم مصر حينها، ودخول البلد في حرب أهلية استمرت ثماني سنوات.
 
يحدث الآن أن مقاومي الانقلاب يقولون إنهم يريدون استعادة الجمهورية؟ والسؤال، ما هي الجمهورية التي يراد استعادتها؟ هل هي تلك الجمهورية المسخ التي حكمها صالح بتحالفات القبيلة وسلطة العشيرة وأراد توريثها لبنيه وعائلته.
 
ولو تخيلنا استمرار حكم البدر التي قامت ثورة سبتمبر 1962 ضده، لما كانت، على الأرجح، بسوء وفساد وخفة وبؤس وفوضوية الدولة التي حكمها طويلا علي عبد الله صالح.. ربما تكمن مشكلة اليمن وثورته وجمهوريته ودولته أنه آل حكمها إلى مثل علي عبد الله صالح وتحالفاته القبلية المافوية الفاسدة.
 
ومرة أخرى، هل علي عبد الله صالح ، بدون مزايا؟ وللمرة العشرين، كلا  لكن ليس من بين مزايا صالح كونه رجل الدولة العظيم الذي يدير ويدبر شأن أمة وتبقى مآثره على مر العصور.
 
سمعت مرة القائد المصري صلاح الدين المحرزي الذي عمل في اليمن أثناء الحرب الأهلية وآخر عهد الإمام أحمد، يقول إن الثورة اليمنية سُرقت، وسنة إثر أخرى، كانت تترسخ حقيقة أن الثورة اليمنية قد سرقت فعلا.. وتحدثت عن ذلك حتى في مجلس النواب.
 
والحقيقة فإن سرقة الثورة اليمنية بدأت مبكرا عندما انزلقت اليمن بعد سبتمبر 1962 إلى حرب أهلية وبرز فيها الكثير من أمراء الحرب، لكن عهد صالح رسخ حقيقة السرقة، وقال أحد زملائنا البارزين في 2007، اليمن سيكون أفضل في عهد احمد علي، كان الترويج لأحمد علي يأتي في إطار وبرغبة استمرار سرقة الثورة والثروة، أكثر مما كان عليه الحال في عهد والده.
 
يعيب البدر وربما كان يعيقه أنه سليل أئمة يرون حقهم في الحكم إلهيا وأزليا، وأنهم يمتازون على غيرهم بعنصرية سلالية أرقى وأجدر وأحق، ولا شك إن مثل ذلك يتطلب ثورة أو ثورات حتى يستقيم الأمر والمنطق يتحقق مبدأ العدل، هل كان يمكن أن يتم ذلك بالإصلاح؟ سيقول الذين يعانون الآن من أدعياء الولاية ودعاويها وعنفها إن ذلك غير ممكن وغير يسير.
 
أما جدلية الملكية والجمهورية فهي عقيمة من حيث المبدأ والتجربة، ولا تستطيع أي من الجمهورية الفرنسية أو الجمهورية الإيطالية أن تفاخر بنفسها على المملكة المتحدة أو مملكة السويد، ورحم الله القائد الحمدي الذي قال ذات مرة: لا يهم اسم النظام أو شكله ، لكن ما يهم هو الجوهر.
 
وفِي حالة اليمن، فالحوثي لا يمانع من بقاء جمهورية يتحكم فيها مثل تلك تحكم فيها صالح، ثم إن تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران مع مرشدها الأعلى المؤله المقدس ماثلة، ولا يمانع الحوثي صاحب المسيرة القرآنية من قيام جمهورية يمانية على غرار تلك الإيرانية، يُبايَع فيها الحوثي إماما انطلاقا من عقيدة الولاية التي يروج لها بهمة وكثافة ونشاط هذه الأيام.
 
المهمة أكبر من استعادة الجمهورية الشكلية ، التي مسختها المافيا في عهد صالح وأجهزت عليها المليشيا الإمامية بعد اجتياح صنعاء، المهمة إذن هي استعادة بلد ودولة، ودحض دعاوى إمامة زائفة وولاية باطلة إلى الأبد.