إنها “جمهورية” سلطة الامر الواقع الحوثية الكهنوتية في صنعاء. وهي في الواقع “جمهورية” أكثر سوءا وتخلفا من الحكم الامامي الصريح الذي أطيح بآخر نسخة منه قبل 55 عام.
بل إن موجبات ودواعي إسقاط “جمهورية” الكهنوت الجديدة ستكون أكثر وفرة ووضوحا إذا ما قارناها مع موجبات ودواعي إسقاط حكم بيت حميد الدين الملكي الامامي.
■ “جمهورية” 21 سبتمبر الحوثية المزعومة هي عبارة عن تركيبة “مسخ” تتكون من:
1) محاولة بائسة لدمج فكرتين متنافرتين بشكل حاد ولا يربطهما رابط هما: الإمامة والجمهورية.
2) محاولة إلحاق إحدى هاتين الفكرتين بالأخرى واستخدامها كمطية وقناع: وهذا يعني في الحالة إلحاق “الجمهورية” ب”الولاية”.
■ إذا لم تكن الجمهورية فكرة بديلة للحكم الديني والسلالي، وإذا لم تكن مضادة لخرافة “الولاية” و”الحق الإلهي”، فلا كانت جمهورية ولا تستحق أن تحمل إسمها، وبالذات في بلد متنوع مثل اليمن.
■ من السهل الإدعاء بأنك “جمهوري”.
لكن عندما لا تكون أدبياتك جمهورية، ولا خطابك جمهوري، ولا رموزك ومناسباتك جمهورية، ولا نشاطك جمهوري، وتستدعي في برنامجك الأفكار والمرجعيات السابقة لجمهورية 26 سبتمبر 1962.. فما هو العنصر الذي بقي لك لكي تستدل به على كونك جمهوري؟
■ الحوثيون يقولون انظروا كم نحن جمهوريون، وهاكم الدليل: إنه صالح الصماد. يشيرون الى وجود هذا الرجل في رئاسة “المجلس السياسي” الذي يعد نظريا أعلى هيئة تنفيذية في سلطة الامر الواقع المتوافق عليها مع حزب المؤتمر.
إلا أن الشواهد تقول أن الصماد ليس سوى موظف لدى سلطة الكهنوت العليا ممثلة في عبدالملك الحوثي وأقاربه.
ثم إن وجود الصماد في منصب كهذا لا ينفي عنكم كهنوتيتكم ولا سلاليتكم، لسبب بسيط يمكن طرحه عبر هذا السؤال: هل الامام يحيى حميد الدين كان جمهوريا لمجرد انه أبقى على كبار موظفي الادارة العثمانية الأتراك في ولاية اليمن واستخدمهم في دولته وزراء ومستشارين وقادة عسكريين وخبراء وما الى ذلك؟.
■ الأنظمة الملكية التقليدية يمكن أن تحتوي على سمات تجعلها أقل طغيانا من الانظمة الدينية اللاهوتية.
أما الامامة كنموذج للحكم الديني فإنها نظرية تعطي “الإمام” سلطة مطلقة لا يقيدها شيء تجمع بين الولاية الدينية والروحية والسلطة الزمنية.
في شمال اليمن قامت الجمهورية ضد نظام الإمامة في الوقت الذي كان قد شرع في التحول تدريجيا إلى نوع من الملكيات الوراثية في الدولة المجاورة.
وفي اللغة السياسية الشائعة في اليمن كثيرا ما يتم استخدام مصطلحي “الملكية” و”الامامة” بنفس المعنى تقريبا. فقط في الدراسات الاكاديمية والبحوث والتحليلات التاريخية يجري التمييز بين المفهومين.