أكمل الحظر المفروض من قبل التحالف العربي، بقيادة السعودية، على جميع منافذ اليمن، أسبوعه الأول، وسط تدهور حاد غير مسبوق في الخدمات وانعدام للوقود والسلع، ما فاقم من تردي الوضع الإنساني، الذي يشهدا في الأساس انهياراً، منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين ونصف.
وقرر التحالف، في 6 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الجاري، إغلاق كافة المنافذ اليمنية البرية والبحرية والجوية، بعد يومين من إطلاق جماعة “أنصار الله” (الحوثي) صاروخاً باليستياً صوب العاصمة السعودية الرياض، بهدف الحد من تهريب الأسلحة والصواريخ، التي يتهم التحالف إيران بتزويد الحوثيين بها.
وبشكل فوري، انعكس قرار الإغلاق على الوضع الإنساني في اليمن، الذي يعتمد 7 ملايين نسمة فيه (من أصل قرابة 27.4 مليون نسمة) على المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية، والتي حذرت على الفور من “مجاعة”، ودعت إلى إنهاء الإغلاق فوراً.
** غلاء السلع واختفاء الوقود
وقال سكان محليون للأناضول إن أسعار السلع الأساسية ارتفعت إلى الضعف، فيما اختفى الوقود من جميع محطات العاصمة صنعاء، وارتفع سعر الجالون سعة 20 لتراً من 5500 ريال إلى 10 آلاف ريال (حوالي 30 دولارا أمريكياً بسعر الصرف الرسمي).
وفي ظل عشرات النداءات التي أطلقتها منظمات إغاثية دولية ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي للتحالف العربي، بضرورة رفع الحظر، لإيصال المساعدات، وتفادي التهديد المتنامي للمجاعة، وعدت السعودية بانفراجة قريبة.
وأعلنت البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، مساء أمس، أن التحالف العربي سيعيد، خلال الـ24 ساعة القادمة، فتح جميع الموانئ في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، ومنها مدن عدن (جنوب) والمكلا (جنوب) والمخا (جنوب غرب)، أمام الشحنات الإنسانية والتجارية، للتخفيف من معاناة الشعب اليمني.
بينما أعادت الأمم المتحدة، أمس، إصدار التصاريح للسفن التجارية والإغاثية لدخول ميناء الحُديدة (غرب)، بحسب مصدر ملاحي في الميناء الخاضع لسيطرة الحوثيين.
ما علق عليه يحيى شرف الدين، نائب مدير مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية (يسيطر عليها الحوثيون)، المشغّلة للميناء، بقوله للأناضول، مساء أمس، إن المؤسسة تلقت تأكيدات أممية بإعادة فتح الميناء، وعودة السفن، لكن حتى اللحظة لم تدخل أي سفينة.
فيما قال مصدر أممي للأناضول إن التحالف وعد برفع الحظر عن الرحلات الجوية الإنسانية إلى مطار صنعاء الدولي، والسماح لشحنات المنظمات المتواجدة في جيبوتي بدخول اليمن.
وبناء على اتصالات مع سلطات التحالف العربي، تراجعت حدة لهجة منظمات الأمم المتحدة، خلال اليومين الماضيين، من أجل إفساح المجال أمام الوساطات الأوروبية والأمريكية لرفع الحظر، وتتنفيذ الوعود الأخيرة بفتح مطار صنعاء وميناء الحُديدة أمام الشحنات الإغاثية.
وحذرت الأمم المتحدة و22 منظمة دولية عاملة في اليمن من نفاد المساعدات التي يعتمد عليها 7 ملايين يمني للبقاء على قيد الحياة، وقالت إنها ستنفد خلال ستة أسابيع ما لم يتم السماح بإدخال المعونات.
وسمح التحالف العربي للسفن الإغاثية بالوصول إلى ميناءي عدن (جنوب) والمكلا (شرق)، لكن المنظمات الدولية تطالب برفع الحظر عن ميناء الحُديدة، نظرًا لكونه يخدم ثلثي سكان اليمن.
** “حصار” ومعاناة
جوياً، أخفقت الخطوط الجوية اليمنية في تسيير أولى رحلاتها من مطاري عدن وسيئون، أول أمس الأحد؛ بسبب امتناع التحالف العربي عن منحها تصاريح الاستئناف، رغم وعود مسبقة.
وشن مسؤول حكومي يمني هجوماً هو الأول من نوعه على التحالف العربي والحكومة اليمنية الشرعية، جراء إغلاق كافة المنافذ، واعتبره “حصاراً غير مبرر لشعب يعاني كل صنوف المعاناة”.
وقال نائب وزير النقل اليمني، ناصر أحمد شريف، في بيان على صفحته بموقع “فيسبوك”، مساء الأحد: “إغلاق الرحلات الجوية إلى المطارات اليمنيه يعد حصار غير مبرر لشعب يعاني كل صنوف المعاناة، وعلى الحكومة اليمنية الشرعية تحّمل مسؤوليتها في التوضيح”.
وتابع شريف: “كنّا نعول أنهم (التحالف) أتوا لمساعدة الناس، وليس لجعل اليمن سجن كبير وسلب سيادته وقراره الوطني السيادي على أرضه وبحره وأجوائه”.
ولم يصدر أي تعليق من الحكومة الشرعية اليمنية ولا التحالف العربي الداعم لها، رداً على انتقادات المسؤول الحكومي غير المسبوقة.
** هجوم من الحوثي وصالح
على الجانب الآخر، يشن الحوثيون وحليفهم الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح (1978-2012)، هجوماً مشتركاً على التحالف العربي؛ جراء الحظر المفروض على كافة المنافذ، وذلك للمرة الأولى منذ الخلافات التي نشبت بين الحليفين بشأن تنظيم كل منهما مهرجانات شعبية منفردة في صنعاء، يوم 24 أغسطس/ آب الماضي.
وترافق الحظر على منافذ اليمن مع تصعيد عسكري كبير من التحالف العربي، فطيلة الأيام الماضية، تعرضت صنعاء ومواقع للحوثيين في عدد من المحافظات، لغارات جوية من التحالف العربي، رداً على إطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا صوب مطار الرياض، في 4 نوفمبر/ شترين ثانٍ الجاري.
وتدور حرب في اليمن منذ 26 مارس/ آذار 2015 بين القوات الحكومية، مدعومة من التحالف العربي، ومسلحي الحوثي وصالح، المتهمين بتلقي دعم عسكري إيراني، والذين يسيطرون على محافظات يمنية، منها صنعاء منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.