الإنترنت هو عصب الحياة العصرية بلا شك، لكن هناك من استغل هذا المجال الحيوي وحوّله إلى فخ بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
موقع النسخة الإسبانية من هيئة الإذاعة البريطانية BBC Mundo نشر تقريراً مفصلا عما أطلق عليه “تقنيات التلاعب النفسي” التي يجيد مجرمو الإنترنت استخدامها لنصب “الفخاخ” لمستخدمي الإنترنت العاديين، بهدف الحصول على معلومات شخصية أو الحصول على وثائق معينة بشكل غير قانوني.
وجاء في تقرير لموقع “الأهرام” المصرية أن هناك من استغل بيانات لباحثين عن العمل، قاموا بمشاركة معلومات كالتي نضعها في سيرنا الذاتية، لاتي النتيجة كارثية، إذ روى أحد من قابلتهم الصحيفة أنه تلقى رسالة من موقع توظيف إلكتروني، في إحدى الشركات الأجنبية تفيد قبوله لديها مع منحه امتيازات وراتب مغرى وقاموا بإرسال صورة من العقد بشرط تقديم جميع المستندات الخاصة بمؤهلاته ومصوغات التعيين، ثم طالبوه بتحويل مبلغ نحو 2500 دولار من حسابه الشخصى في البنك لحسابهم مقابل مصاريف إدارية خاصة بالتعيين، حيث اكتشف أنها مافيا للنصب على الشباب بحجة التوظيف.
1. مبدأ العاطفة
من خلال مراقبة ما تقوم به عند تصفح الشبكة أو المعلومات التي تم نشرها عنك، يمكن للمحتالين جمع الكثير من البيانات، من عنوان البريد الإلكتروني الخاص بك إلى رقم الهاتف الخاص بك، والاسم المفضل لديك ومكان إقامتك.
الحصول على البيانات يمكن أن يكون أسهل بكثير مما نعتقد. اسأل نفسك، كم معلومة يمكن لأشخاص غرباء معرفتها عنك من خلال حساباتك على الشبكات الاجتماعية؟
التلاعب يأتي في وقت لاحق: يمكن للقراصنة استخدام تلك المعلومات لكسب ثقتك والتظاهر بمعرفتك والاحتيال عليك.
في كتابه “التأثير: علم النفس من الإقناع”، 1984، يقول الكاتب وعالم النفس الأميركي روبرت سيالديني “إن مبدأ التعاطف، الذي يترجم أيضاً على أنه إقبال أو إعجاب أو انجذاب، يجعل الأشياء تبدو لنا للوهلة الأولى بسيطة؛ نحن مثلاً أكثر استعداداً لأن نتأثر بالأشخاص الذين يستطيعون أن يجعلونا نحبهم، أقل من الذين يرفضوننا”.
أفضل نصيحة تختص بهذا الأمر، هو أن تتجنب إعطاء الكثير من المعلومات عن نفسك لشخص لا تعرفه، لأننا، بدون قصد، نميل إلى الثقة بالغرباء بصورة أكبر عندما نتصفح الإنترنت.
هنا تذكر ان الوقاية خير من العلاج وهذه النصيحة يمكن أن تنطبق كذلك على الوثائق التي تحتفظ بها على حاسوبك الشخصي، لذلك، كلما قل عدد المعلومات التي تحتفظ بها على سطح المكتب، كان ذلك أفضل.
وإذا كنت لا ترغب في مشاركة الكثير من المعلومات عن نفسك على شبكة الإنترنت، قم بتعطيل خاصية تحديد الموقع الجغرافي بحيث لا يتمكن مستخدمو الإنترنت الآخرين من معرفة مكان تواجدك.
ومن المستحسن أيضاً التحقق من ملفك الشخصي واستخدام اسمك للتحقق من نتائج البحث على الإنترنت التي يمكن للآخرين العثور عليها.
2. مبدأ الندرة
“فرصة حصرية”، “لا تفوتوا هذا العرض”، “اتصل الآن”.. والكثير من هذه الروابط التي نجدها أثناء تصفح المواقع والشبكات الاجتماعية، ما هي إلا واحدة من التقنيات الأكثر شيوعاً التي يستخدمها مجرمو الإنترنت كوسيلة غير مباشرة للضغط على المستخدمين لتحقيق أهدافهم.
وهذا الإلحاح يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يعرف في علم النفس بـ”مبدأ الندرة”، الأمر الذي يجعلنا أكثر استعداداً للاستجابة لشيء ما إذا لاحظنا أنه نادر أو يصعب تحقيقه.
3. مبدأ السلطة
وغالباً ما يأتي التهديد مصحوباً بضرورة فعل شيء ما على وجه السرعة.
على سبيل المثال: “ضروري، إذا لم تقم بتغيير كلمة المرور الخاصة بك الآن، فسوف تفقد حسابك إلى الأبد، وهذا ما يعرف بمبدأ السلطة”.
وكما يوضح سيالديني، “نحن أكثر استعداداً لأن نترك أنفسنا متأثرين عندما نجد أنفسنا مدفوعين من قبل سلطة ما”.
لا يتعلق الأمر بالإكراه أو التسلط، بل بـ”هالة المصداقية التي تدعيها هذه السلطة”.
يقول عالم النفس الأميركي في كتابه “نحن نميل إلى الاعتقاد بأن أولئك الذين يشغلون مناصب قيادية لديهم معرفة أو خبرة أو حق أكثر في إبداء الرأي”.
لذا، يحاول القراصنة في كثير من الأحيان أن يتظاهروا بكونهم كياناً ذا سلطة ما أو شخص محل ثقة من الضحية، وتعرف هذه التقنية بالتصيد الاحتيالي (phishing).
4. مبدأ المعاملة بالمثل- المنفعة المتبادلة-
من خلال سلسلة من الأسئلة ذات الطابع الشخصي، يتمكن المحتالون من تطوير ملامح ضحاياهم، ومن ثم، يقومون بإنشاء روابط لتحديد الموضوعات التي يمكن أن يتفاعل معها الشخص المستهدف.
في كثير من الأحيان، يستخدمون ملفات شخصية وهمية لخداع الضحية، وتستخدم هذه الأنواع من الروابط أيضاً للابتزاز.
من خلال هذه الاستراتيجيات، يطبق المحتالون ما يعرف في علم النفس باسم “مبدأ المعاملة بالمثل”، الذي ينص على أننا نميل إلى معاملة الآخرين بنفس الطريقة التي يعاملوننا بها.
على سبيل المثال، إذا تلقينا هدية أو خدمة ما، سوف نشعر بالحاجة إلى “رد الجميل”.
هذه الطريقة النفسية تحقق نجاحاً أكبر عندما تبدو هذه الهدية “شخصية”.
نفس الشيء يحدث عندما يخبرنا أحدهم بشيء خاص أو سر حميم، من المرجح جداً حينذاك أننا نود تلقائياً أن نشارك أيضاً شيئاً خاصاً.
نصيحة: لا تُنشئ محادثات مع الغرباء حول حياتك الشخصية، بدلاً من إعطاء معلومات شخصية استخدم عبارات مثل “لماذا تسأل الكثير من الأسئلة؟”، ” لماذا تحتاج إلى معرفة كل تلك المعلومات؟”.
5 – مبدأ الالتزام والاتساق
بمعرفة السلوك السابق الخاص بك ومعرفة الكثير عنك، يتمكن المحتالون من لفت انتباهك.
على سبيل المثال، إذا كان المحتال يرغب في دفعك لاتخاذ قرار متسرع، سيكون تحقيق ذلك أسهل عند معرفة هذا الشخص، وتفضيلاته، وكيف يعرّف نفسه.
وبالإضافة إلى ذلك، ينص هذا المبدأ على أنه عندما يلتزم الشخص بشيء ما، فإنه على الأرجح قد يفي بالتزامه، حتى عندما يختفي دافعه الأصلي.
لذلك يستخدم المحتالون أحياناً النماذج والأسئلة الرئيسية التي تجبرك على الالتزام بشيء محدد.
6. الموافقة الاجتماعية
هذا المبدأ، الذي يسمى أيضاً “الإجماع” أو “اتباع القطيع”، ينص على أننا نميل إلى استيعاب ما يعتقده معظم الناس.
وهذا يعني أنه إذا كان كثيرٌ من الناس يقبلون أمراً، ربما نميل إلى ذلك أيضاً، والعكس بالعكس.
يحاول المحتالون إقناعنا بأن بعض برامج مكافحة الفيروسات (التي هي في الواقع برامج ضارة يحاولون بيعها في النوافذ المنبثقة) هي تلك التي يستخدمها الجميع.. وهذا هو السبب في أننا “بحاجة” لتثبيتها أيضاً، أو أن العديد من الناس قد شاركوا في هذا السحب فلماذا “لا تجرب ذلك أيضاً!”