كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن قاسم سليماني، قائد فيلق “القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، قتل في ساعة مبكرة من صباح الجمعة في غارة بطائرة مسيرة في مطار بغداد الدولي بتفويض من الرئيس دونالد ترامب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين (لم تحدد هويتهم) قولهم إن سليماني قتل مع عدد من المسؤولين من المليشيات العراقية المدعومة من طهران عندما أطلقت طائرة أمريكية مسيرة من طراز “إم كيو-9 ريبر” (MQ-9 Reaper) صواريخ على موكب كان يغادر المطار.
وأشارت إلى سليماني مهندس كل العمليات المهمة تقريبا التي نفذتها الاستخبارات والقوات العسكرية الإيرانية على مدار العقدين الماضيين، ومقتله يمثل ضربة قوية لإيران في وقت صراع جيوسياسي شامل.
واعتبرت أن الضربة الأمريكية تمثل أيضا تصعيدا خطيرا للمواجهة المتزايدة بين ترامب مع طهران التي بدأت بمقتل مقاول أمريكي في العراق في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن المسؤولين بالولايات المتحدة استعدوا لهجمات انتقامية إيرانية محتملة، بما في ذلك هجمات عبر الإنترنت وعمليات إرهابية تستهدف مصالح أمريكا وحلفائها.
ويتهم المسؤولون الأمريكيون سليماني بالتسبب في مقتل مئات الجنود خلال حرب العراق، عندما زود المتطرفين العراقيين بمعدات متقدمة لصنع القنابل والتدريب.
ويقولون أيضا إنه دبر الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار التي تستمر في جميع أنحاء الشرق الأوسط وتستهدف الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وقال البنتاجون في بيان: “سليماني كان يعمل بنشاط على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين الأمريكيين وأفراد الخدمة في العراق وجميع أنحاء المنطقة”.
وأضاف البيان: “كان سليماني وقواته في فيلق القدس مسؤولين عن مقتل المئات من أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف وإصابة الآلاف غيرهم”، دون تفاصيل إضافية حول المعلومات الاستخباراتية المحددة التي قادت إلى تنفيذ عملية مقتل سليماني.
وقال مسؤول أمريكي رفيع: “إن المهمة المصنّفة فائقة السرية، بدأت بعد مقتل المقاول الأمريكي في 27 ديسمبر/كانون الأول أثناء هجوم صاروخي شنته مليشيا تدعمها إيران”.
وبقتل سليماني، اتخذ ترامب إجراء رفضه الرئيسان السابقان جورج بوش وباراك أوباما، خشية أن يؤدي ذلك إلى حرب بين الولايات المتحدة وإيران.
بينما حذر محللون إقليميون أنه من المرجح أن ترد إيران بقوة شديدة، طرح مسؤولون في الولايات المتحدة ومستشارون في الإدارة سيناريو أقل حدة.
وقال المسؤولون: “إن إظهار القوة ربما يقنع طهران بأن أعمالها العدوانية ضد المصالح الأمريكية وحلفائها قد أصبحت خطيرة للغاية، وأن الرئيس ترامب الذي ربما يعتقد الإيرانيون أنه يتجنب المجازفة أصبح في الواقع مستعدا للتصعيد”.
وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة: “إن كبار مستشاري الرئيس الأمريكي شعروا بالقلق من أن ترامب أرسل الكثير من الإشارات – بما في ذلك عندما ألغى ضربة صاروخية مخططة في أواخر يونيو/حزيران الماضي – أنه لا يريد حربا مع إيران”.
ولفتت الصحيفة إلى أن تتبع موقع سليماني في جميع الأوقات كان أولوية منذ فترة طويلة لأجهزة الاستخبارات والجيشين الأمريكي والإسرائيلي.
وقال قادة أمريكيون حاليون وسابقون ومسؤولو استخبارات: “إن الهجوم الذي وقع مساء الخميس، على وجه التحديد، استند إلى مجموعة من المعلومات السرية للغاية من مقدمي معلومات، وعمليات اعتراض إلكتروني، وطائرات استطلاع وعمليات مراقبة أخرى”.
وأسفرت الضربة عن مقتل 5 أشخاص، بمن فيهم أبومهدي المهندس، قائد مليشيا كتائب “حزب الله” العراقية الموالية لإيران، ومدير علاقات هيئة الحشد الشعبي محمد رضا الجابري، وفق ما أفاد به التلفزيون العراقي وتأكيد مسؤولي المليشيات.
وقال مسؤولون أمريكيون: “إن عدة صواريخ أصابت القافلة في ضربة نفذتها قيادة العمليات الخاصة المشتركة”.
فيما قال مسؤولون عسكريون أمريكيون إنهم كانوا على دراية برد فعل عنيف محتمل من إيران وعملائها، وكانوا يتخذون خطوات رفضوا تحديدها لحماية الأفراد الأمريكيين في الشرق الأوسط وأماكن أخرى حول العالم.
وقال جنرال عراقي في القيادة المشتركة في بغداد، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن سليماني ورضا الجابري وصلا بالطائرة إلى مطار بغداد الدولي قادمين من سوريا.
وأضاف: “توقفت سيارتان أسفل درج الطائرة وأقلتهما، وكان أبومهدي المهندس في إحدى السيارات، وعندما غادرت السيارات المطار، استهدفتها الغارة، وكان سليماني في سيارة أصابها صاروخان عندما خرج موكبه من المطار”.
وقال مسؤول أمني كبير كان على دراية بتفاصيل العملية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن سليماني قد انزعج بشكل خاص من موجة المظاهرات المناهضة لإيران في العراق، وقد سافر جوا لحث قوات المليشيات المحلية للحد من الاحتجاجات بالقوة.
وشُن هجوم سابق، في وقت متأخر، الخميس، بثلاثة صواريخ لا يبدو أنها تسببت في أي إصابات.
وتأتي هذه الضربات بعد أيام من قصف القوات الأمريكية لثلاثة مواقع تابعة لكتائب “حزب الله”، وهي مليشيا تدعمها إيران في العراق وسوريا، ردا على مقتل مقاول أمريكي في هجوم صاروخي الأسبوع الماضي بالقرب من مدينة كركوك العراقية.
وفي الأشهر القليلة الماضية، صعدت المليشيات التي تدعمها إيران من هجماتها الصاروخية على قواعد تضم القوات الأمريكية.
وأرسلت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” أكثر من 14 ألف جندي إلى المنطقة منذ مايو/أيار الماضي.
ووفقا للصحيفة، فإن الحكومة العراقية العالقة في الوسط أضعف من أن تبسط أي سلطة عسكرية على بعض المليشيات الشيعية الراسخة التي تدعمها إيران.
وكان سليماني، الذي يقود فيلق “القدس”، وهي وحدة القوات الخاصة في “الحرس الثوري” المسؤولة عن العمليات الإيرانية خارج حدود إيران، موضع اهتمام كبير منذ فترة طويلة.
ولم يكن مسؤولا فقط عن جمع المعلومات الاستخباراتية الإيرانية والعمليات العسكرية السرية، بل كان أيضا مقربا للغاية من المرشد الإيراني علي خامنئي، وكان يُنظر إليه قائدا محتملا لإيران في المستقبل.
ووصف اللواء سليماني نفسه ذات مرة لمسؤول استخبارات عراقي كبير بأنه “السلطة الوحيدة للأعمال الإيرانية في العراق”، وفقا لما أخبر به هذا المسؤول العراقي المسؤولين الأمريكيين في بغداد لاحقا.
وقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مع نائب قائد مليشيا الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في ضربة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي الجمعة.
وقاسم سليماني هو قائد فيلق القدس، منذ عام 1998، وهي فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني والمسؤولة عن العمليات العسكرية والعمليات السرية خارج الحدود الإقليمية لإيران ويبلغ من العمر 62 عاما.
وأبومهدي المهندس هو جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، ويتولى منصب نائب رئيس الحشد الشعبي في العراق ويبلغ من العمر 66 عاما.
وكانت عناصر من مليشيا كتائب حزب الله العراقي الموالية لإيران اقتحمت، الثلاثاء، مقر السفارة الأمريكية في العاصمة بغداد، بعد مقتل عشرات المسلحين بينهم قياديون، في ضربات جوية استهدفت منشآت تابعة للمليشيا التابعة لإيران.