20 رمضان ذكرى مذبحة العبر.. أول طعنة في قلب الجيش الوطني!

- ‎فيكتابات

كتب/ عبدالعزيز غالب الابارة /

لا يزال السؤال الأكبر والاهم حتى اليوم.. كيف ولماذا تم استهداف المركز المتقدم لوزارة الدفاع التابعة للحكومة الشرعية في مقر اللواء 23 ميكا في منطقة العبر بمحافظة حضرموت مساء 20 رمضان 1436 هجرية بثلاث طلعات جوية متتالية؟!

الإجابة الشافية ما زالت رهن ادراج التحالف ومن يدور في فلكه، وقلة من القيادات العسكرية اليمنية هم من يملكون معلومات عن تفاصيل هذه العملية الخطيرة التي مثلت اول طعنة غادرة في قلب الجيش الوطني الناشئ في صحراء حضرموت وعلى مقربة من حدود مأرب التي تقاوم اليوم بكل بسالة جحافل مليشيات الحوثي ومن ورائها إيران المجوسية.

لا تفاصيل جديدة عن تلك المأساة المروعة والجريمة التي أطاحت بحلم اليمنيين في استعادة دولتهم المغتصبة والحفاظ على ما تبقى من جمهوريتهم عدا انه في اليوم الأول للضربة توجهت كتيبة بكامل جاهزيتها مدعومة بـ 5 دبابات وعربتين بي ام بي وحوالي 20 طقماً ومكونة من 500 جندي وضابط بينهم قيادات كبيرة ابرزهم العميد الشهيد أحمد يحيى الابارة الى منطقة العقلة التي تبعد عن مقر اللواء حوالي 100 كيلومتر لصد تقدم الحوثيين من هناك حيث انكسرت المليشيات الحوثية وعادت الكتيبة والضباط الى المعسكر منتصرين فيما فرت المليشيات تجر اذيال الخيبة والهزيمة.

ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻭﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺮ لوجبة الإفطار وﺍﻟﻌﺸﺎﺀ كانت الفاجعة وفقاً لمصدر من داخل المعسكر روى جزء من تفاصيل الضربة حيث قال: “ﺗﻔاﺟﺌﻨﺎ ﺑﻀﺮﺏ ﻃﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻟﻤﺒﻨﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺑﺼﺎﺭﻭﺧﻴﻦ ﻭﻣﺒﻨﻰ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺎﺕ ﺑﺼﺎﺭﻭﺥ ﻭﻣﺒﻨﻰ ﺍﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﺑﺼﺎﺭﻭﺥ”، لا يهم الترتيب في الضربات ولكن الأهم في الموضوع أن مبنى القيادة تم استهدافه بصاروخين بمعنى أنه كان لابد من القضاء على القيادات التي كانت داخل المبنى وعدم السماح بنجاة أي منهم على الاطلاق.

كان مبنى قيادة الجيش هناك على شكل حرف (L) حيث تتواجد فيه مكاتب وزارة الدفاع ورئيس هيئة الأركان وبقية الدوائر وفي نهاية المبنى يوجد “الميز” الخاص بالطعام حيث يجتمع الضباط هناك لتناول طعام الإفطار وهو الجزء الذي تم تسويته بالأرض ولم ينج أي فرد كان في ذلك الجزء من المبنى.

ذكر ذات مرة الكاتب اليمني الشهير مروان الغفوري في منشور له عن فاجعة العبر انه التقى بأحد مسؤولي الحكومة الشرعية الذي وصفه بـ “الكبير” وأخبره ان ضربة العبر كبدت الجيش الوطني أكثر من 85 ضابطاً من أكفئ ضباط الجيش اليمني وأنها كانت الضربة التي بددت امال اليمنيين بتأسيس جيش وطني.

المهم فيما بعد برر التحالف قصفه لقيادات الجيش آنذاك بالضربة الخاطئة، لكن ما وصفها بالضربة الخاطئة تحولت خلال السنوات التالية لتدخل التحالف إلى سياسة ممنهجة تكررت فيها عشرات الحوادث في مختلف مواقع الجيش الوطني مثل حادثة معسكر كوفل، وجبل المنارة، وجريمة نقطة العلم الشهيرة، وكلها حوادث اثبتت فرضية الاستهداف المتعمد للجيش الوطني تحت مبرر الضربات الخاطئة.

وبالرغم من عدم وجود معلومات دقيقة ومؤكدة حول الجهة التي نفذت عملية الهجوم حينها واستهدفت المعسكر أو الجهة التي اعطت التوجيهات بقتل مئات الجنود والضباط اليمنيين الذي شكلوا النواة الأولى للجيش الوطني في منطقة العبر إلا أن الشواهد كلها تشير إلى مؤامرة كبيرة تستهدف اليمن بشكل عام وجيشه بصورة خاصة وتسعى الى عدم تحقيق أي تقدم باتجاه القضاء على الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة، فأيٍ كانت الجهة التي تقف وراء هذه الجريمة إلا أن الجيش الوطني بات امام تحديات كبيرة مع عدوين أحدهما ظاهر وهو الحوثي والأخر خفي وهو لوبي خطير داخل التحالف وربما في أروقة الشرعية ذاتها.

ربما نقول ان الصورة اتضحت أكثر وأن المؤامرة باتت مكشوفة عندما أغارت الطائرات الإماراتية على كتائب من الجيش الوطني عند مداخل مدينة عدن ومديريات أبين، ما تسبب بتراجعه بعد أن كان على وشك دخول العاصمة المؤقتة عدن لإنهاء التمرد هناك، وسقط خلال تلك الغارة نحو 300 جندي وصف بين قتيل وجريح، واعترفت يومها أبوظبي بمسؤوليتها عن القصف، وبررت هجومها على الجيش الوطني بأنه استهداف لعناصر من تنظيم القاعدة حسب زعمها.

بقراءة بسيطة وبنظرة تحليلية نرى أنه كلما تقدم الجيش الوطني وحقق تقدما في سبيل القضاء على الانقلاب وطي ملف الحرب الذي طال أمده، تزداد العمليات العسكرية ضد الجيش الوطني وقياداته المخلصة من قبل جهات مجهولة وتزداد عمليات القصف والاستهداف الممنهج لمواقع تمركز قوات الجيش الوطني في مختلف مناطق المواجهات.

وبالعودة الى ملف جريمة معسكر العبر الذي ما زال يكتنفه الغموض حتى اللحظة برغم الوعود التي أطلقها رئيس هيئة الأركان العامة حينها -وزير الدفاع الحالي- الفريق الركن محمد علي المقدشي بإجراء تحقيق شفاف ومحاسبة المتسببين بهذه الجريمة يكشف نجل الشهيد العميد الابارة معلومات تفيد بان والده وقبل استهدافه، “التقى بقادة سعوديين وإماراتيين لبحث خطة تفعيل الجيش الوطني، وبحث خطة عسكرية لتحرير صنعاء، وقدم لهم على ضوء ذلك خطة ورؤية، إلا أنه بعد ثلاثة أيام من هذا اللقاء تم استهدافه”.

وأضاف نجل الشهيد الابارة في تصريحات إعلامية ان “مركز السيطرة المتقدم في العبر الذي تم استهدافه كان بمثابة مقر لوزارة الدفاع، وبالتالي لا يمكن القول إن استهداف وزارة الدفاع بثلاث غارات جوية كان بشكل خاطئ، بل كان بشكل متعمد ومقصود”.

أسر الضحايا بدورها أصدرت بيانات تلو البيانات طالبت خلالها قيادة التحالف والجيش الوطني بتنفيذ وعودها بإجراء تحقيق شفاف في الحادثة وانصاف أهالي المغدور بهم إلا ان هذه الأصوات لم تلقى لها اذانا وهو ما ضاعف معاناتهم فهناك أسر لا زالت إلى الآن لا تعلم عن مصير أبنائها برغم مرور أكثر من ست سنوات على الفاجعة التي هزت اليمن بطوله وعرضه.