الحديدة التي نُحب

- ‎فيكتابات

لم تعد الحديدة التي نعرف ولم يعد ذلك الزحام المعهود أمام الدوائر الحكومية والمرافق الخدمية كما كان ، ولم يعد للنهار فيها من حياة ولا للمساء من ألق .

مرافق حكومية كثيرة أصبحت خاوية ومكاتب يقعد على كراسيها ماتبقى من وجوه عابسة تصارع البقاء كي لاتموت من الجوع ، لاراتب يدفعهم للهمة ولا العمل بنشوة “الشاقي بعرق جبينه” ، مدينة سطى عليها الأوباش فحولوها لأشباح.

مُروا على ماتبقى من مسميات “كمرفق خدمي مثالاً” وشاهدوا حجم العبث الذي طرأ عليه ومن تبقى من موظفي ذلك المرفق وحجم القهر الذي يعيشوه من إمتهان وإجبار على الحضور بلا مقابل ولاهدف ولامعنى ، لامؤسسية ولاهرمية فكل شيء هناك يدار بالملشنة ، ومن صمد حفاظاً على مسماه الوظيفي من السطو ومنحه لحاشيتهم أصبح يحرص على تسجيل حضور المسيرات والفعاليات وحمل اللافتات أكثر من حضوره للدوام حتى لايُصنف بقائمة العدوان.

مُروا على المدارس ، على تلك الفصول التي سقتنا العلم وشاهدوا ماتبقى من طباشير ينكسر عودها حين تلامس السبورة نتيجة رعشة أيادي المعلمين وضغوطهم النفسية ووضعهم المعيشي وصراعهم مع البقاء وإيصال رسالتهم رغم الألم والوجع.

فلم يعد اليوم المعلم رسولا ، ولم يقم له أحداً تبجيلا.

مروا على المستشفيات وأسمعوا أنين الوجع ، وصرخات الألم ومن تبقى من ملائكة الرحمة وهم يصارعون محيطهم الملغم بالموت ويجتهدون لإبقاء من كُتبت له الحياة.

مروا على الطرقات والشوارع والأسواق وأنظروا في وجوه البائسين وأقرأو ملامحهم ، لن تجدوا للحياة أثر ولا السعادة وجود ، يعيشون على أمل البقاء ولايخشون الموت وهو أرحم لهم في قناعتهم.

كل شيء تبدل بشعارات زائفة لاتمت للحقيقة بصلة ، المرافق والشوارع والمدارس تغيرت ملامحها لشيء لايشبهنا ، اختفت معالم الجمهورية بل اختفت اليمن برمتها .

بسيم الجناني