لقطات من سوريا قبل الحرب والدمار الذي خلفته المعارك، والحياة القاسية في مخيمات اللجوء، وخطورة البحر في رحلة الهرب إلى أوروبا، وشيء من الأمل في الغد، كلها قصص مكثفة في لوحات لفنانين سوريين من مخيم الزعتري للاجئين.
مؤسسة “سوريات عبر الحدود” التي استضافت في مقرها بالعاصمة الأردنية عمان معرض “أحلام الياسمين”، حرصت على أن تفتح المجال للرسامين السوريين للتعبير عن مشكلاتهم وهواجسهم التي يعيشونها يوميا في رحلة اللجوء الطويلة والقاسية.
وشارك في معرض أحلام الياسمين سبعة رسامين سوريين يعيشون في مخيم الزعتري، هم محمد عوض وعماد الكفري ومحمد جوخدار ويوسف الشولي ومحمود المصري وإبراهيم أو زايد ومحمد العماري.
هدم للإنسان
محمد العماري أحد الفنانين المشاركين في المعرض قال إنه “ركز على الأطفال في لوحاته التي بلغ عددها اثنتي عشرة لوحة لأنهم الأكثر تأثُرا بالحرب”.
وأضاف للجزيرة نت أنه حرص على رسم الأطفال بطريقة تجريدية على شكل قطع الدمار التي تكسرت من الأبنية والجدران، معتبرا أن الإنسان السوري يتعرض للهدم تماما كما يحدث لبلده وتتكسر أحلامه وتدفن تحت ركام البيوت.
ورغم أن لوحات العماري عرضت في مجموعة من المعارض بأميركا وعدة بلدان عربية، فإنه لا يزال قيد الإقامة في مخيم الزعتري، ملخصا حلمه الوحيد بالخروج من الزعتري إلى عالم أفضل يعيش فيه طفله حياة كريمة، ولا ينسى الرغبة الملحة في العودة إلى بلده.
دعم مادي
من جانبه أكد المسؤول الإعلامي في مؤسسة “سوريات عبر الحدود” إياد الأيوبي أن الهدف من تنظيم هذا المعرض كان تعريف الناس بإبداع هؤلاء الشباب الذين يعيشون في المخيم ضمن ظروف صعبة، ومحاولة الترويج للوحاتهم وبيعها، الأمر الذي يمثل دعما ماديا ومعنويا لهم.
وقال الأيوبي للجزيرة نت إن مؤسستهم قدمت لهم المكان للعرض وكذلك أمنت لهم بعض المستلزمات لحثهم على إنتاج عدد أكبر من اللوحات، ووجهت الدعوات للعديد من المنظمات والوفود الأجنبية والسفارات لإيصال الرسالة إلى أبعد ما يمكن.
وأشار الأيوبي إلى أن الفنان محمد عوض تمسك بإحدى لوحاته ورفض بيعها رغم أن أكثر من زائر طلب شراءها، لأنه أحضرها معه من سوريا، معربا عن رضاه بحجم إقبال الزوار على شراء اللوحات.
إقبال كبير
بدورها أكدت أمية الزعيم، وهي مهتمة بالفن التشكيلي، أنها سعيدة لأنها اشترت العديد من اللوحات لفناني الزعتري.
أما زين جبيلي -وهي إحدى زائرات المعرض- فقالت للجزيرة نت إنها اشترت لوحة خط عليها “سأعود يوما”، وعبرت عن سعادتها باقتنائها، لأنها مرسومة على قماش خيمة، وتعتقد أن تلك اللوحة هي الشيء الوحيد الذي تريد أن تأخذه معها إلى سوريا عند عودتها.
وأضافت أنها تفاجأت من مستوى الاحتراف في رسم اللوحات، الأمر الذي لم تكن تتوقعه، وأنها شعرت بالحماس تجاهها فأرسلت بصورها لأصدقائها خارج الأردن ووالدتها داخل سوريا، فقرروا الشراء عبر الإنترنت.
وتابعت أنها كانت متشوقة لمقابلة الفنانين أصحاب اللوحات شخصيا، لكن ظروفهم في المخيم لم تسمح بحصولهم على تصاريح لحضور الافتتاح، معربة عن أملها بأن يتمكنوا من ذلك في الأيام الأخيرة.