قال محللون اقتصاديون في اليمن لـ “العربي الجديد”، إن قرار المصرف المركزي اليمني رفع سعر الدولار إلى 250 ريالاً يشرعن السوق السوداء ويرفع معدلات التضخم.
وأقر البنك المركزي اليمني، أول من أمس الاثنين، رفع سعر الدولار مقابل الريال اليمني رسميا من 215 ريالاً إلى 250 ريالاً للدولار الواحد، ورفع سعر الريال السعودي من 57 ريالا إلى 65 ريالا يمنيا للريال السعودي.
وجاء قرار المركزي اليمني في ظل تهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منذ منتصف فبراير/شباط الماضي، حيث سجل أدنى مستوى له في السوق السوداء وتراجع في العاصمة اليمنية صنعاء إلى 280 ريالاً أمام الدولار، كما تراجع إلى 270 ريالا في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب).
وفي خطوة لمعالجة تداعيات القرار برفع سعر الدولار أمام الريال، أقر المركزي اليمني، أمس الثلاثاء، إلغاء قرار سابق أصدره بداية الحرب بشأن تسليم الحوالات الواردة بالعملة المحلية، ونص قرار البنك على إلزام البنوك وشركات الصرافة بتسليم الحوالات الواردة من الخارج بعملة التحويل دون إرغام المستفيد على استلامها بالعملة المحلية.
وأوضح شماخ أن القرار سيرفع التضخم وأسعار السلع حوالى 30%، وهذا سيؤدي إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي في ظل ضعف دخول المواطنين وتدني القوة الشرائية.وأكد المحلل الاقتصادي أحمد شماخ لـ “العربي الجديد” أن قرار البنك المركزي خفض سعر الريال أمام الدولار الأميركي إلى 250 ريالاً للدولار الواحد، يبرهن عجز البنك المركزي عن السيطرة على سوق الصرف وخضوعه لإرادة تجار السوق السوداء.
ويرى شماخ، أن هناك العديد من العوامل التي أدت إلى تراجع قيمة العملة اليمنية، أبرزها الخلافات السياسية والحرب الدائرة، وهذه العوامل أدت إلى تراجع قيمة العملة المحلية ووضعت المالية العامة على حافة الانهيار، لأن الصادرات لا تغطي الواردات بسبب توقف إنتاج وتصدير النفط والغاز منذ نهاية الربع الأول من 2015.
واعتبر أن من العوامل، توقف ترحيل فائض السيولة إلى الخارج وفرض تحويلات معقدة على التحويلات من الخارج وفرضها بالريال اليمني، رغم الفارق الكبير بين سعر البنك المركزي وسعر السوق السوداء.
وأكد شماخ أنه ينبغي على البنك المركزي وقد خفّض سعر الريال، أن يقوم بتفعيل أدوات السياسة النقدية وضخ كميات من العملات الصعبة وبشكل منتظم إلى السوق المحلية. وفقد اليمن أكثر مصادره درّا للنقد الأجنبي والمتمثلة في النفط، إذ تعثرت صادراته من الذهب الأسود بفعل التوترات الأمنية التي تعيشها البلاد منذ اندلاع ثورة الشباب في فبراير/شباط 2011.
من جانبه، وصف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، قرار البنك المركزي اليمني خفض سعر الريال اليمني رسميا بأنه شرعنة لسعر صرف السوق السوداء.
وأوضح المركز، في بيان أمس الثلاثاء، أن القرار الذي اتخذه البنك أخيرا، يعكس حجم الأزمة التي تعانيها اليمن في الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، وعجز البنك المركزي عن الوفاء بمتطلبات السوق من النقد الأجنبي.
وقال المركز إن هذا القرار قد يتسبب في انخفاض السعر غير الرسمي للعملة المحلية ليتخطى 300 ريال للدولار الواحد، في حال لم تتزامن قرارات البنك المركزي مع حزمة من القرارات والإجراءات لإصلاح السياسة النقدية والمالية، وأهمها العمل على توفير متطلبات السوق من العملة الصعبة ووقف نزيف احتياطي النقد الأجنبي الموجود لدى البنك المركزي؛ من جراء القرارات العشوائية والارتجالية التي تم اتخاذها خلال الأشهر الماضية.
وحذر المركز، البنك المركزي من الوقوع في مأزق محاولة اللحاق بسعر الصرف غير الرسمي.
وكشف المركز بأن القرارات السابقة التي اتخذها البنك المركزي بصرف الحوالات الخارجية بالعملة المحلية الريال خلقت شبكة من مافيا الاتجار بالعملة الصعبة في السوق السوداء، تورطت فيها بعض البنوك والعاملين فيها، مرحبا بالقرار الجديد الذي أكد ضرورة صرف الحوالات الخارجية بالعملة التي وصلت بها.
كما شدد المركز على ضرورة التزام البنك المركزي بتوفير العملة الصعبة لموردي المشتقات النفطية من القطاع الخاص بالتزامن مع رقابة شديدة على تكلفة الشراء والنقل والبيع في الأسواق المحلية، إذ إن الأسعار الحالية للمشتقات النفطية في الأسواق تصل إلى ضعف الأسعار العالمية.
ويعاني القطاع التجاري في اليمن، منذ أغسطس/آب الماضي، من أزمة في ترحيل فائض السيولة المتاحة بالنقد الأجنبي لدى البنوك المحلية، إلى الخارج.