قبل أمس اكملت غارات التحالف العربي عامها الأولىـ بعد أن بدات يوم 26 مارس 2015، لإخراج مليشيات الحوثي من صنعاء وغيرها من المدن اليمنية التي دخلها بقوة السلاح، وإعادة الشرعية إلى قصر الستين في العاصمة صنعاء.
وقبل عاصفة الحزم وبعدها وخلال أكثر من عام كامل، ومنذ دخول الحوثيين صنعاء في سبتمبر 2015، تعمل جماعة الحوثي على إحداث تغيير جذري في ثقافة اليمنيين وتوجهاتهم الدينية والفكرية.
واحد من أهم ميادينها في هذا الشأن هو الحقل التعليمين بمستوياته المختلفة.
ففي الجانب التعليمي ومنذ وصولها للحكم وحتى اللحظة عمدت هذه الجماعة وبشكل حثيث على تطعيم وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بمن ينتسبون اليها دون مراعاة للمعايير المهنية والاكاديمية، وسعت إلى تغيير المناهج تحت ذرائع شتى منها ان المناهج لا تتضمن مقررات في التربية الوطنية والصراع العربي الاسرائيلي.
وفي سياق تجيير التعليم لاهداف الجماعة اعلنت وزارة التربية والتعليم انها بصدد اعداد حملة لمحو الامية. ورغم التكلفة العالية والظروف الغير مهيأة إلا ان المعنيين مصرون على انفاذها في وقتها والهدف ليس ما يعلن ولكنه وكما يراه كثير من الاكاديميين خطوة في طريق اعادة تشكيل وعي المجتمع اليمني بما يتماشى مع رؤى الحوثي وتوجهاته غير آبهين بمآلات الحرب ونتائجها.
وفي جانب التعليم العالي تمكنت الجماعة من السيطرة على مراكز القرار وجعلت للجانها الثورية اليد الطولى بحيث لا يقطع رؤساء الجامعات وعمداء الكليات امرا دون الرجوع اليها.
وتحت مسمى الثورة عمدت هذه الجماعة إلى استبدال المعارضين، وتعيين الموالين، ومعيارهم في ذلك الولاء قبل الكفاءة مما حدا بالكثيرين ممن يتولون مناصب قيادية في الجامعات إلى مسايرتهم وتنفيذ سياساتهم لابقائهم في مناصبهم وكان اولئك اكثر حرصا على تنفيذ سياسة الجماعة داخل الجامعات لاظهار الولاء. لا يبالغ المرء ان قال ان تدميرا ممنهجا لهذه المؤسسات وان تطهيرا غير مهنيا ولا اكاديميا يتم داخلها لصالح فئة الانصار او انصار الانصار نصرة لفكر الحوثي وفكرته، وليس بناء على أسس وطنية.
وتحدث مختصون في الشأن التربوي اليمني عن نية إقدام جماعة الحوثي على تغيير بعض المناهج الدراسية بما يتفق وتوجهاتها الطائفية والمذهبية، وبما يتواءم مع طروحاتها السياسية، ونظرتها الآيديولوجية.
وهناك في بعض المناهج تمجيد واضح لحسين الحوثي مؤسس الجماعة وشقيق زعيمها الحالي عبدالملك الحوثي. كما حفلت المناهج الجديدة بمصطلحات تمجد الحرب، وتذكر أسماء الأسلحة المختلفة، الأمر الذي حدا ببعض المراقبين إلى تسمية المناهج الجديدة، بأنها تمثل دورات عسكرية للأطفال.
وفوق ذلك قامت جماعة الحوثي بتحويل الكثير من المدارس إلى ثكنات عسكرية، ومخازن أسلحة، وقامت بتجنيد آلاف الطلبة من منتسبي المدارس الابتدائية الذين لم تتجاوز أعمر الكثير منهم الثانية عشرة، حسب تقارير منظمات دولية ومحاية.
يؤكد سمير الحاج الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني في اليمن على أن الكثير من المدارس حولت إلى ثكنات عسكرية بعد أن تم إفراغها من الطلبة، وهو الأمر الذي عرضها لقصف قوات التحالف العربي بعد أن أصبحت أماكن عسكرية غير مدنية.
ومعضلة أخرى تتمثل في قطع جماعة الحوثي للمستحقات المالية لعدد كبير من الطلبة اليمنيين الدارسين في الخارج، الأمر الذي جعلهم يعيشون ظروفاً صعبة أدت إلى حرمان الكثير منهم من مقاعدهم الدراسية في الجامعات المختلفة بسبب عدم ايفائهم بالتزاماتهم تجاه الرسوم الدراسية ومتطلبات المعيشة، فيما تتعلل جماعة الحوثي بأن المجهود الحربي يتطلب مثل تلك القطعيات التي جنت على الكثير من الطلبة الدارسين في الخارج.
وتجلت قمة الإساءة للعملية التعليمية في البلاد في اعتقال الجماعة لوزير التعليم المهني والفني عبدالرزاق الأشول، الذي استمر اعتقاله شهوراً طويلة قبل أن يتم الإفراج عنه بعد زيارة قام بها المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ إلى صنعاء قبل أسابيع.