ذكر مسؤولون أمريكيون لوكالة رويترز ان الامارات تقدمت بطلبا الى الولايات المتحدة الامريكية بتقديم حملة عسكرية ضد القاعدة في اليمن وان الامريكان يدرسون طلب الامارات.
الغريب في الامر ان دولة الامارات قامت مؤخرا بسحب قواتها المتواجدة ضمن قوات التحالف العربي في مارب والجوف موجهة بذلك طعنة في ظهر التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية في اليمن مما اضطر بالمملكة العربية السعودية الى سد هذه الفجوة التي احدثها انسحاب الامارات من خلال الاتفاق مع الاردن لدعم قوات التحالف العربي في اليمن.
الامارات التي كانت تعد اجندة خفية في اليمن وكأنها تنتهج “سياسة اللعب على كل الحبال”.. “حيث تستهدف الإمساك بجميع أوراق اللعبة السياسية والاقتصادية والعسكرية داخل هذا البلد الاستراتيجي ما يجعلها أحيانا تبدو وكأنها تلعب مع الجميع وضد الجميع”.
زمام المبادرة في الداخل اليمني
بعد احساس الامارات بانها فقدت زمام المبادرة داخل اليمن وبالتحديد عدم قدرتها على اتخاذ أي قرار مصيري متعلق بحل الأزمة وشعورها بتفرد الرياض بذلك الأمر وحدها ، بدأت بتغيير اجندتها السياسية والعسكرية “فالإمارات لا تريد حلًا للأزمة يُعارض خط سياستها الخارجية العام خاصة مع ارتفاع تكلفة مشاركتها في الحرب، فلم تبعد عين الإمارات كثيرًا في اليمن عن هدفها العام في القضاء على تيارات الإسلام السياسي، فهي تحاول أثناء الحرب تحويل بوصلتها تجاه عداء حزب التجمع اليمني للإصلاح باعتباره الفرع اليمني لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين”.
الأهمية الاستراتيجية لليمن بالنسبة للمملكة
يرى مراقبون ان معركة اليمن الحالية لها أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للملكة العربية السعودية، وبالتالي يمكننا فهم مشاركتها في الحرب فالسعودية لا تريد يمنًا تحكمه مليشيات مسلحة كجماعة الحوثي لها ارتباطات خارجية مع ايران وتحالفات داخلية مع الرئيس المخلوع عبد الله صالح، الذي حكم اليمن حكمًا اشبه بالحكم الاسري لفترة دامت 33 عامًا قبل أن تطيح به الثورة الشعبية الشبابية السلمية العام 2011 لان حكم الحوثي يعني ان خصمهم الإقليمي إيران قد وضع قدمًا راسخة في شبه الجزيرة العربية وغدى خنجرا في خاصرة الخليج العربي.
فشل خيار بحاح
وبحسب ما يطرحه بعض الخبراء في الشؤون الاستراتيجية فإن الإمارات بدأت تخط طريقا لتأسيس مراكز نفوذ لها في اليمن بعد فشل خيار بحاح والنظام السابق، ولذلك استضافت عددا من القيادات الجنوبية من الداعين لانفصال الجنوب عن الشمال، الخيار الذي يبدو أن الامارات تتبناه في الوقت الراهن
لكن لماذا دخلت الإمارات الحرب في اليمن؟
تحتل عدن موقع استراتيجي عالمي وميناء له اهمية بالغة على طريق التجارة العالمية فبعيداً عن الاجندة السياسية والأبعاد الاستراتيجية الداعية لإصرار الامارات على خوض غمار المعركة في اليمن، فإنها ترى الحق في الدفاع عن مصالحها الاقتصادية كمبرر وذريعة لوجودها في اليمن وكذا السيطرة على مضيق باب المندب تأميناً لمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية مع تعاون مصري يرى ايضا في حال سيطر الحوثيون على مضيق باب المندب فإن شريان التجارة الذي يصل إلى قناة السويس سوف يتضرر كثيرا.
اذن فعين الإمارات لطالما كانت على عدن ومضيق باب المندب بصفتيهما “امتداد طبيعي لموانئ دبي يمثّل طريقًا سهلًا للمحيط الهندي، وبديلًا لمضيق هرمز الذي تتشاركه دول الخليج، على مضض، مع إيران”.
قرارات هادي الأخيرة
الامارات الشريك الفعلي في التحالف العربي والشريك الاستراتيجي للدفاع المشترك مع السعودية يبدو انها تريد خلط الاوراق في المنطقة فقرارات هادي الاخيرة اربكت المشهد على الخط الاماراتي فساعرت الى تبديل خططها واعادة ترتيب اوراقها من جديد فالإمارات لا يهمها من ينتصر في اليمن بقدر ما يهمها تامين مصالحها في اقصى الجنوب.
اشار كثير من المراقبين الى غرابة طلب الامارات التدخل العسكري ضد القاعدة وفي نفس الوقت تسحب قواتها من جبهات القتال مع مليشيا الحوثي في مناطق الشمال الشئ الذي يعزز قناعة المراقبين ان الهدف هو تامين اكبر مساحة ممكنة من عدن وايجاد منطقة خلفية امنة لميناء عدن بقوات عسكرية اماراتية –احتلال ممنهج- بشرعية امريكية.
الإمارات وتعزيز فكرة الانفصال في جنوب اليمن
الصخب الاعلامي المصاحب للعمال التي تنفذها الامارات في عدن في مجال البنية التحتية وتأجيج ودعم الشارع الجنوبي بشكل عام على التفكك الوحدوي وتعزيز فكرة الانفصال يجعل الدور الاماراتي اكثر عرضة للاشتباه في توفير مناخ ملائم للتوجه نحو فصل جنوب اليمن عن شماله وبسط نفوذها عليه ولم تحاول الإمارات مطلقاً توضيح موقفها الرسمي من تبنيها تقسيم جنوب اليمن ،خصوصاً بعد تصريحات لمسئولين قريبين منها حول الانفصال وإعلان الجنوب دوله مستقله وعودة الأمور لما كانت علية قبل الوحدة اليمنية 1990م ،ولا يستطيع أحد تبرأة الامارات من الدور الخبيث الذي تلعبه في المنطقة. حيث يرى محللون أن اندفاع الإمارات باتجاه السيطرة عسكريا على المشهد في عدن وحضرموت والمهرة وشبوه وباقي محافظات الجنوب، وامتناعها عن التوجه إلى تعز القريبة من عدن، يكشف عن رغبة إماراتية في تقسيم اليمن بحيث تصبح جنوبا وشمالا.
وما يمكن ملاحظته أيضا تكريس وسائل الإعلام الإماراتية تغطيتها عن اليمن لإبراز قضية الانفصال والتعامل معها كأمر واقع، في خطوة تدل على محاولة إقناع الرأي العام بأن اليمن ذاهب إلى الانفصال الوشيك، وهو ما لا يتطابق مع رؤية قائدة التحالف المملكة العربية السعودية وجميع أعضاء التحالف الخليجيين العرب، وحتى المجتمع الدولي.
الملف الإعلامي اليمني في القنوات التي توجهها الإمارات بات معروفا أنه يطرح تقسيم الجنوب في أولوياته، وقد أفصح عن ذلك نائب شرطة دبي في إحدى تغريداته ، عندما اقترح أن يقسم اليمن إلى تقسيم ثلاثي الأبعاد: اليمن الجنوبي، واليمن الأوسط، واليمن الشمالي.. قائلا إن ذلك يكفل التوازن.
وفي الجانب الآخر يرى محللون ان هذا الاتجاه قد يفشل لإن السعودية التي تقود العمليات في اليمن لا تفكر حاليا ولا مستقبلا بتقسيم البلاد حفاظا على أمنها الاستراتيجي، خاصة أن حدودها شمالا وشرقا وجنوبا على التماس مع الأراضي اليمنية، وهي تعلم أن أي انقسام في اليمن يعود بالخطر عليها.