وتتضمن الوثيقة ابتكار أنظمة مستقلة أو شبه مستقلة تتطلب الحد الأدنى من التدخل البشري وتتمتع بقابلية للتعلم الذاتي والقدرة على اتخاذ القرارات السريعة في الحالات الحرجة، ومن المفترض أن تعطيها هذه القابليات إمكانيات حشد آليات تعمل بالتحكم عن بعد مثل السيارات الذاتية القيادة والطائرات المسيرة بدون طيار، وتشكيلها في فرق عمل لأغراض الجهد الاستخباري.
ويقول تقرير عن الوثيقة نشر في موقع “سمول وورز” المتخصص في الشؤون العسكرية، إن المفاهيم التي تحتويها الوثيقة ستلعب دورا حيويا في تحديد إستراتيجيات ومفاهيم تشغيل الوحدات الاستخبارية عام 2025 وما بعده، في أجواء معقدة مثل المدن العملاقة والمدن ذات الكثافة السكانية الهائلة.
لكن التقرير الذي أعده خمسة من الباحثين المتخصصين في الشؤون العسكرية، قال إن الرؤية التي قدمتها الوثيقة قد أحجمت عن توضيح مدى واقعية تلك التصورات وإلى أي مدى يمكن أن تطبق بشكل ناجح.
ويقول التقرير إن الأنظمة التي تشغل عن بعد في الوقت الحاضر، المثبتة في سيارات وطائرات مسيرة عن بعد، تعتمد بشكل رئيسي على أنظمة مستقلة لكل وحدة تنسق بدورها مع منظومة عقول إلكترونية.
يطمح الجيش الأميركي إلى الاستفادة من قدرات الذكاء الصناعي الحالي لبناء أنظمة أكثر تطورا مستقبلا (الأوروبية) |
المنطقي والقدرة على الاستشعار والتحليل والتواصل والتخطيط واتخاذ القرار والتنفيذ الفعلي. كما تذهب إلى أبعد من ذلك في الطموح إلى إضافة خاصية تقرير الخطوات المناسبة بعد كل قرار والتحرك من مرحلة إلى أخرى ضمن تنفيذ المهام وصولا إلى إتمامها التام.
لكن الفجوة التي لم يتمكن العاملون في مجال الاستخبارات الإلكترونية من سدها إلى الآن، هي قدرة الآلات المسيرة عن بعد على الرجوع إلى كم المعلومات الهائل المتوفر في منظومات التخزين السحابية، وبناء تصور كامل للعالم الواقعي وتحليل معطيات معينة من ضمنها المعلومات المتوفرة على منصات التواصل الاجتماعي وبالتالي الاستجابة لأي ظرف طارئ في وقت مناسب، وكل ما تقدم لا يمكن تنفيذه حتى الآن إلا بتدخل بشري على مستويات مختلفة.
من جهة أخرى، ستواجه هذه التقنيات مشكلة أزلية وهي الأجوبة المعلبة المبنية على قوالب معدة سلفا تفتقر إلى قدرة العقل البشري على التحليل واستخلاص السياق المناسب، وبالتالي فإن الاستعانة بالأنظمة الإلكترونية المستقلة عن التدخل البشري سوف تعطي في الغالب أجوبة متشابهة وفي كثير من الأحيان خاطئة، وهي مشكلة أخرى لم يستطع العلماء والخبراء التقنيون حلها بشكل جذري حتى اليوم، حيث يحتاج الأمر إلى قدرة على تحليل البيانات الداخلة والواردة واستخلاص حلقة الربط المناسبة بينها لإنتاج البيانات الصحيحة اللازمة.
وينصح كاتبو التقرير بضرورة تفعيل تقنية “التعلم العميق” وتفوق القدرة الحاسوبية وتكيّف الأنظمة، وهي جميعها أساليب تستخدمها شركات التقنية الكبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وفيسبوك وآي بي أم، ويمكن أن يتم الاستعانة بها لمواجهة التحديات التي قد تعترض أنظمة المعلومات المستقلة أو الروبوت في المجال العسكري.
ويسرد التقرير مثالا على ذلك بانفجار الوضع السياسي في بلد ما حيث ستزدحم مواقع التواصل الاجتماعي في مثل هذه الحالات بالمعلومات والنقاشات حول تطورات الوضع، وتلك المعلومات يجب أن تكون في متناول العقول الإلكترونية لأغراض التحليل وبناء تصور واقعي ودقيق حول الوضع الميداني والظروف التي من الممكن أن تواجهها، وهو أمر حيوي إذا أريد للآلات المسيرة عن بعد أو المسيرة تلقائيا أن تتكيف مع الواقع.