الصراع اليمني من معركة «الحزم» إلى أرض «الحوار»

بلقيس احمد18 أبريل 2016
الصراع اليمني من معركة «الحزم» إلى أرض «الحوار»

أطراف «القصة» اليمنية تجتمع في «حوار الكويت» اليوم، محادثات وصفت بـ«الفرصة التاريخية» تتم برعاية الأمم المتحدة، وقد مضى عامٌ وأكثر على الصراع العسكري بين فريقين: الشرعية اليمنية المدعومة من تحالف عسكري دولي مقابل جماعة الحوثي وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وبالتحري التاريخي لأحداث ذلك الصراع الذي بدأ بأحداث ومواجهات سياسية ما لبثت أن تحولت إلى مناوشات عسكرية وتحركات إقصائية أوصلت إلى تدشين «عاصفة الحزم» ومن ثم «إعادة الأمل»، وصولا إلى المحطة الاخيرة في أرض الحوار، تظهر أبرز محطات ذلك الصراع وما صاحبه من تفاعلات دولية استشرافا لنقاط الضوء التي أفرزتها الرغبة الكويتية الصادقة في رأب الصدع بين اليمنيين باستضافة حوار يجمعهم على كلمة سواء.

وقد انفتحت أبواب القضية اليمنية التي تتوقف اليوم في محطة جديدة مع دخول جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) إلى العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر من عام 2014 على خلفية احتجاجات على سياسات حكومية، ولكن الاشتباك العسكري بدأ فعلاً بدخول قوات موالية لعلي عبدالله صالح إلى مطار عدن الدولي ومناطق في المدينة في أواخر مارس من العام 2015. وحذرت المملكة العربية السعودية التي وصل المتمردون على الشرعية إلى حدها الجنوبي من عاقبة الاقتراب من عدن قبل أن تدخل عسكرياً إلى الميدان اليمني فجر يوم 26 مارس بإطلاق غارات جوية استهدفت معسكرات قوات الحرس الجمهوري الخاضع لسيطرة قوات علي عبدالله صالح وحلفائه من جماعة الحوثيين في صنعاء لتبدأ عمليات عسكريّة تحت اسم «عاصفة الحزم».

وضم التحالف الذي قام بعمليات «عاصفة الحزم» دولا عشرة هي السعودية والإمارات والبحرين، وقطر، والأردن، ومصر، والسودان، إضافة إلى الكويت، وبدأ تحركه في 26 مارس 2015، سبقه سلسلة من التحولات في المسألة اليمنية أبرزها التصعيد الذي قامت به جماعة الحوثي ضد المملكة بعد خطاب ألقاه عبد الملك الحوثي في 26 فبراير 2015، خصص معظمه للهجوم على السعودية، وأعقب ذلك قيام مسلحي جماعة الحوثي بإجراء مناورات عسكرية بمعدات ثقيلة قرب الحدود السعودية، فيما صرحت قيادات حوثية بأن الجماعة ستحرر نجد والحجاز، وأن قواتها العسكرية لن تتوقف إلا في الرياض.

لكن العنصر الفارق في قرار الحرب كان الطلب الذي تقدم به الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي في 24 مارس 2015 مناشداً دول مجلس التعاون مساندة الشعب اليمني وحمايته من الأعمال العدوانية التي ارتكبتها القوات الحوثية وحلفاؤها.

وطلب الرئيس هادي تدخل الدول الخليجية جاء مستنداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس الذي نصت عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة إضافة إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك.

وتقدمت اليمن ممثلة بوزير خارجيتها وقتذاك رياض ياسين بطلب إلى جامعة الدول العربية تطلب منها التدخل عسكرياً في اليمن ليأتي بعدها بيان لـ5 دول من دول مجلس التعاون وهي السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت ليقرر «الاستجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية لحماية اليمن وشعبه العزيز من عدوان الميليشيات الحوثية التي كانت ولا تزال أداة في يد قوى خارجية لم تكف عن العبث بأمن واستقرار اليمن الشقيق».

وفي عملية عاصفة الحزم، تمت السيطرة على أجواء اليمن وتدمير الدفاعات الجوية للمتمردين على الشرعية، وأعلنت السعودية الأجواء اليمنية منطقةً محظورة فيما تقدمت على الأرض قوّات مساندة للشرعية اليمنية تمثلت في المقاتلين التابعين للجيش الوطني ومتطوعين وفصائل قبلية موالية للشرعية.

وفي يوم 21 أبريل 2015 أعلنت قيادة عمليات عاصفة الحزم توقف العملية لتبدأ مرحلة أخرى بعنوان «إعادة الأمل»، بعد تدمير الصواريخ البالستية والسلاح الثقيل الذي كان لدى الحوثيين والقوات التابعة لعلي عبدالله صالح وبعد إزالة جميع مظاهر التهديد لأمن السعودية والدول المجاورة لها، كما أعلنت وزارة الدفاع السعودية وقتها.

ودعم التحالف الدولي الذي قادته المملكة الشرعية اليمنية حتى صارت المقاومة والجيش الوطني اليمني مسيطرين على نحو 80 في المئة من الأراضي اليمنية، مع اقتراب موعد «الحسم» بتحرير صنعاء كما يعد المسؤولون اليمنيون.

وفيما دمرت القوات الداعمة للشرعية معظم القوة الصاروخية والجوية والأسلحة البرية الثقيلة لمليشيات الحوثيين وجماعة الرئيس السابق علي عبدالله صالح نجحت في تأمين مضيق باب المندب المهم كما المناطق النفطية والحيوية.

وشهد منتصف يونيو 2015، انطلاق أول المساعي الدولية لحل الأزمة اليمنية في العاصمة السويسرية جنيف ليفتتح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون محادثات السلام غير المباشرة بين الفصائل اليمنية بوقف لإطلاق النار، لكن القرار الدولي 2216 الذي صدر عن الأمم المتحدة وارتكزت عليه المباحثات لم يكن ممكنا تطبيقه لينتهي، الفصل الأول من المباحثات دون اتفاق بين اليمنيين.

ورأت الجولة الثانية من الحوار اليمني النور في منطقة بال بسويسرا في 15 ديسمبر 2015 بمشاورات أعلن عنها بين وفدي الحكومة اليمنية الشرعية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، عبد الملك المخلافي من جهة، ومليشيا الحوثي وعلي عبدالله صالح من جهة أخرى، برعاية الأمم المتحدة، تطبيقاً لاستحقاقات قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.

ومعرباً عن «القلق البالغ إزاء الوضع في اليمن والوضع الأمني المتدهور»، دعا مجلس الأمن عبر قرارٍ دولي أول في الشأن اليمني صادر في 21 أكتوبر 2011 بإجماع الأعضاء إلى زيادة الدعم الإنساني من المجتمع الدولي، بينما تحدث عن وضع حد للعنف في الأراضي اليمنية وسط موجة ما عرف بالربيع العربي، وذلك خوفاً من ارتباط الحركة الاحتجاجية بتعاظم محتمل لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

كما دعا القرار أيضا الرئيس علي عبدالله صالح إلى قبول المبادرة الخليجية التي تنقل بموجبها السلطة مع وقف «كامل لإطلاق نار» بين الفريقين إضافة إلى الدعوة لإجراء تحقيق مستقل في الأحداث التي أدت إلى أعمال العنف مع المطالبة بالامتناع عن استخدام العنف لبلوغ أهداف سياسية، وأكد كذلك على رأيه الداعم للقيام في أسرع وقت ممكن بالتوقيع على اتفاق تسوية قائم على مبادرة مجلس التعاون الخليجي، كما قام القرار على دعم مبادرة مجلس التعاون الخليجي في الموضوع اليمني وعلى المرسوم الذي اصدره رئيس مجلس الأمن والمؤرخ بـ12 ديسمبر 2011. وأعاد قرار مجلس الأمن 2051 الصادر في عام 2015 التأكيد على ضرورة التنفيذ الكامل لمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، تطبيقاً للقرار السابق برقم 2014 الصادر في عام 2011، كما دعا الفصائل اليمنية فوراً إلى الامتناع عن استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية، مشدداً على أهمية اجراء مؤتمر حوار وطني شامل، يشارك فيه الجميع وشفاف وذي معنى، يضم مجموعات الشباب والنساء ويدعو كل اصحاب المصلحة في اليمن للمشاركة بشكل فعال وبناء.

وطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أن يواصل تنسيق المساعدة المقدمة من المجتمع الدولي لدعم الحوار الوطني وعملية الانتقال، كما هو منصوص عليه في آلية تنفيذ مبادرة مجلس التعاون الخليجي.

وشدد على انه تجب محاسبة كل المسؤولين عن انتهاكات وجرائم حقوق الإنسان، وعلى ضرورة اجراء تحقيق شامل ومستقل طبقاً للمعايير الدولية في اتهامات مخالفات لحقوق الإنسان، منعاً للإفلات من العقاب.

وعبر مجلس الأمن عن القلق بالاستمرار في عملية تجنيد الاطفال واستخدامهم من قبل مجموعات المسلحة، ودعا إلى تكثيف الجهود الوطنية لمواجهة استغلال وتجنيد الطفال، كما نبه الحكومة اليمنية والاطراف كافة إلى ضرورة الاسراع في إطلاق سراح المتظاهرين الذين اعتقلوا بطرق غير قانونية وشرعية خلال الازمة، وحث الحكومة اليمنية على تمرير تشريع العدالة الانتقالية لدعم المصالحة بشكل سريع ودون أي تأخير، مع دعوة كل الاطراف للامتثال للقانون الدولي الواجب التطبيق بما في ذلك القانون الإنساني الدولي.

وشجع المجلس المجتمع الدولي على توفير مساعدات إنسانية لليمن، داعياً للتمويل الكامل لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2012، وفي هذا الخصوص يطالب كل الأطراف في اليمن بتسهيل الوصول الامن والسلس للمساعدات الإنسانية لضمان توصيل المساعدات للسكان.

ونوه بأهمية إنجاز حكومة الوحدة الوطنية واتفاقها على خطة التنمية للعامين بُغية تحديد مجالات أولوية السياسية وطرق التمويل، إلى جانب تحديد المجالات الرئيسية للإصلاح، طالبا من المانحين دعم خطط التنمية من خلال تأسيس طرق التمويل والمساهمة في مؤتمر للمانحين.

المجلس أيضاً أعرب عن قلقه إزاء ارتفاع عدد الهجمات التي تمت وتبناها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، معبراً عن إصراره على معالجة هذه المخاطر وفقاً لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي بما في ذلك قوانين حقوق الإنسان واللاجئين.

وطلب من الأمين العام مواصلة مساعيه الحميدة، بما في ذلك، من خلال جهود المستشار الخاص، ويؤكد على اهمية التنسيق الوثيق مع الشركاء الدوليين من أجل المساهمة الفعالة في إنجاح الانتقال في اليمن، ويرحب، في هذا الصدد، بالمشاركة السياسية للامم المتحدة من خلال تواجد بسيط في اليمن يضم فريق خبراء لدعم تنفيذ خطوات العملية الانتقالية، ولتقديم النصح للأطراف وبالتنسيق مع الحكومة اليمنية، خاصةً في دعم عملية الحوار الوطني.

في 15 فبراير 2015 صوت مجلس الأمن على مشروع قرار يطلب من جماعة الحوثي اتخاذ إجراءات منها الانسحاب من المدن والمؤسسات الحكومية، واعادة الوضع الأمني بالعاصمة والمحافظات لطبيعته، والإفراج عن الأشخاص المحتجزين والموضوعين قيد الإقامة الجبرية.

واستنكر المجلس الإجراءات التي اتخذتها جماعة الحوثي وحلّت بموجبها البرلمان وسيطرت على مؤسسات الدولة، ودعا إلى الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية واتفاق السلم والشراكة.

ويتضمن مشروع القرار كذلك تأكيد المجلس استعداده لاتخاذ خطوات إضافية في حال عدم الالتزام بتنفيذ بنود القرار من قبل أي طرف في اليمن.

وفي القرار الأممي 2140 الصادر في 26 فبراير 2012 جاء أن الحالة في اليمن تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين في المنطقة، مشيراً إلى التصرف بموجب الفصل السابع من الأمم المتحدة، مؤكداً الحاجة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل وفي الوقت المناسب في أعقاب مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وذلك تنفيذاً لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ووفقا للقرارين الأممين السابقين.

ورحب القرار بالتقدم المحرز في عملية الانتقال السياسي في اليمن، معرباً عن تأييده الشديد لاستكمال الخطوات التالية من عملية الانتقال، تماشيا مع آلية التنفيذ الخليجية، ومشيراً إلى الخطوات التي ستتخذها الحكومة اليمنية من أجل تنفيذ المرسوم الجمهوري رقم 140 لعام 2012 الذي ينص على إنشاء لجنة للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في عام 2011، وينص على وجوب أن تكون التحقيقات شفافة ومستقلة وملتزمة بالمعايير الدولية، وفقا لقرار لمجلس حقوق الإنسان.

ونبه القرار إلى أن جميع الأطراف في الصراع المسلح لا يزالون يجندون الأطفال متطلعاً إلى التعجيل باعتماد قانون في شأن العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية يكون متوافقا مع واجبات اليمن وتعهداته الدولية وتتبع فيه أفضل الممارسات عند الاقتضاء، ويأخذ بعين الاعتبار في الوقت ذاته توصيات مؤتمر الحوار الوطني، مشدداً على ضرورة امتثال جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان المعمول بهما، حسب الاقتضاء.

وأصدر مجلس الأمن قراره الرابع في الشأن اليمني في 14 ابريل 2015، مؤكداً الحاجة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل، كما أن القرار الذي صدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يفرض الحظر على السلاح المقدم للحوثيين وأنصار علي عبدالله صالح ويدعو الحوثيين إلى الخروج من المدن والمناطق التي استولوا عليها بما فيها العاصمة صنعاء.

وحظي القرار بموافقة 14 دولة، ولم يعارضه أحد مع تسجيل امتناع عن التصويت لروسيا، وقضى بوقف العنف من جانب الحوثيين، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها في وقت سابق، بما في ذلك العاصمة صنعاء، والكف عن أعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة اليمنية الشرعية، والامتناع عن أي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، بما في ذلك الاستيلاء على صواريخ ومخازن أسلحة تقع في مناطق محاذية للحدود أو داخل أراضي دولة مجاورة، والافراج عن وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفياً، والكف عن تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال في صفوف قوات الحوثيين.

وطالب القرار جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات الضرورية للحيلولة دون توريد أي أسلحة مباشرة أو غير مباشرة لمصلحة علي عبدالله صالح وعبدالخالق الحوثي وعبدالله يحيى الحكيم وعبدالملك الحوثي وأحمد علي عبدالله صالح، وجميع الأطراف التي تعمل لصالحهم.

وطالب القرار الدول المجاورة بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن في حال ورود اشتباه بوجود أسلحة فيها، ويمنح تلك الدول الحق في مصادرة أي مادة من المواد المحظورة في حال العثور عليها داخل الشحنات.

وأكد مجلس الأمن في قراره على تمسكه بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، مجدداً دعمه لمجلس التعاون الخليجي في ما يخص عملية الانتقال السياسية في اليمن، ودان الخطوات الأحادية التي يقدم عليها الحوثيون وعدم تنفيذهم متطلبات القرار رقم 2140، ودعاهم إلى سحب قواتهم من مقرات مؤسسات الدولة، بما في ذلك صنعاء وتطبيع الوضع الأمني في العاصمة ومناطق البلاد الأخرى.

كذلك أعرب عن قلقه من الخطوات «التي تزعزع الاستقرار» من قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بما في ذلك دعمه للحوثيين، مرحباً بنية مجلس التعاون الخليجي عقد مؤتمر في الرياض لدعم العملية السياسية، تلبية لدعوة الرئيس اليمني، وداعيا كل الأطراف اليمنية إلى الاستجابة لدعوة الرئيس لحضور المؤتمر، كما دعا كل الدول إلى المساهمة في العمليات التي تجريها الدول المعنية والمنظمات الدولية لإجلاء المدنيين من اليمن.

No more posts

No more posts

Breaking News
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept