صعدت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح من عملياتها العسكرية في محافظة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، وذلك منذ بدء سريان الهدنة التي بدأت في 10 أبريل (نيسان) الماضي.<br>وشهدت جبهات القتال في تعز، مواجهات عنيفة بين قوات الشرعية، والجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، بالإضافة إلى مواجهات عنيفة دارت في مناطق باب المندب، جنوب غربي مدينة تعز، إثر مهاجمة الميليشيات الانقلابية مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
وقال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري في محافظة تعز، إن «المعلومات تفيد بوجود تعزيزات كبيره تمتد من محافظة الحديدة الساحلية وتتجه إلى منطقة ذباب، وشوهدت الشاحنات وهي محملة بالمسلحين من الميليشيات الانقلابية ومتجهين من المخأ إلى خط الدباب».
وأضاف، في صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أن «الميليشيات الانقلابية تعزز مواقعها في المخا وتنقل ألغامًا كبيرة ومتفجرات إلى جوار المدينة السكنية».
في المقابل، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن أبناء تعز «سطروا أروع الملاحم البطولية من خلال تصديهم وبشجاعة لا تلين لتلك الترسانة العسكرية التي نهبتها الميليشيات الانقلابية من مخازن ومعسكرات الجيش، وقاوموا وببسالة صلف وتمرد الانقلابيين وأعمالهم العدائية ضد المدنيين من خلال قصفهم العنيف للأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس ودور العبادات بطريقة همجية ومجردة من قيمنا الأخلاقية والإنسانية».
وأضاف أن أبناء تعز «سيظلون هم عنوان للمدنية ويحملون مشاعل الفكر والثقافة ومشاريع الحرية والسلام والوئام ويقفون صفًا واحدًا ضد المشاريع الصغيرة الهدامة، وضد الأفكار الدخيلة على مجتمعنا ومنطقتنا العربية».
وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس هادي بمحافظ تعز، علي المعمري، للاطلاع على أوضاع المحافظة في مختلف المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبا» قول الرئيس هادي إن الحكومة اليمنية تولي محافظة تعز اهتمامًا كبيرًا وبأنها ستعمل «جاهدة مع السلطة المحلية على إعادة الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة في مختلف مديرياتها واستئناف العمل في كل المؤسسات الحكومية، والبدء في إعادة إعمار ما خلفته الميليشيات من دمار وخراب في البنية التحتية».
كما ثمن التزام قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية للهدنة رغم الخروقات المتكررة التي قامت بها الميليشيات في محافظة تعز وغيرها من المحافظات التي تحاول من خلالها إعاقة مشاورات الكويت المرتكزة على القرار الأممي 2216، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وخطوات بناء الثقة المتمثلة في وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المدن والمحافظات، وتسليم الأسلحة للدولة، والإفراج عن المعتقلين، وفتح الممرات الآمنة أمام تدفق المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية إلى كل المدن، وخصوصًا مدينة تعز التي تعاني من حصار خانق منذ أكثر من عشرة أشهر.
ومن جانبه، قال المحافظ علي المعمري، إننا «في المحافظة نعمل وبشكل دائم مع قيادة محور تعز وقادة الألوية بمراقبة الخروقات التي ترتكبها الميليشيات الانقلابية ضد مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وضد الأحياء السكنية والمرافق والمؤسسات الحكومية».
على الصعيد ذاته، قال مدير العمليات بالمجلس العسكري في محافظة تعز، العميد عبد العزيز المجيدي، في تصريحات إعلامية له، إن الميليشيات الانقلابية تدفع بحشود عسكرية كبيرة إلى مدينة تعز وتحضر لما وصفها بمجزرة. مناشدًا في الوقت ذاته، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي بحسم الأمور عسكريًا وعدم الاستمرار في التفاوض، لأن الانقلابيين لا يفهمون إلا لغة السلاح.
وأكد العميد المجيدي أنهم ملتزمون بالهدنة وبأنهم يواجهون الميليشيات وفقًا لقواعد الاشتباك. ويأتي ذلك في الوقت الذي تواصل الميليشيات خروقاتها، وذلك من خلال التحشيد والدفع بتعزيزات عسكرية إلى محيط المدينة ومديرية الوازعية، والقصف بالأسلحة الثقيلة على أحياء مدينة تعز، خصوصًا الخاضعة لسيطرة المقاومة الشعبية، وكذلك قرى ميلات والكرساح في الضباب غرب مدينة تعز.
وقال مصدر في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات الانقلابية شنت منذ مساء الاثنين الماضي قصفها العنيف والهستيري على القرى والمدينة، بما فيها قصف مناطق الاقروض المحررة ومحيطها مثل منطقة الحصن وجبهة الشقب».
وأضاف أن المقاومة الشعبية والجيش الوطني تمكنا من صد هجمات الميليشيات في الجبهات الشرقية والغربية والشمالية، بما فيها مناطق النجادي والحجر التابعة لجبهة الاقروض بمديرية المسراخ، جنوب المدينة. وسقط في المواجهات قتلى وجرحى من الجانبين.
وأكد المصدر ذاته أن «قوات الجيش الوطني أفشلت محاولات الميليشيات الانقلابية التي دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى عدد من المناطق بما فيها محيط اللواء 35 مدرع، ومحاولاتها المستميتة في استعادة مقر اللواء 35 مدرع في المطار القديم، غرب مدينة تعز، الذي تمت استعادته في وقت سابق من قبل قوات الشرعية».
من جهة أخرى، طالب أهالي تعز، الحكومة الشرعية، بالانسحاب من المشاورات الحالية في دولة الكويت الشقيقة. وجاء ذلك خلال احتشاد المئات من أبناء تعز في شارع جمال، وسط المدينة، في وقفة احتجاجية تندد بالصمت الدولي إزاء ما تتعرض له تعز من حصار وقتل وتنكيل من قبل الميليشيات الانقلابية، في حين اعتبر المتظاهرون أن هذه المشاورات ما هي إلا محطة لميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح لترتب فيها أوضاعها العسكرية فقط وليس حوارًا حقيقيًا، كما طالبت الوقفة بسرعة فك الحصار عن المدينة وإيقاف القصف والقتل وإطلاق المعتقلين قبل أي مشاورات.
على الجانب الإنساني، وبينما تواصل الميليشيات الانقلابية حصارها المطبق على جميع منافذ المدينة، وتمنع دخول المواد الغذائية والدوائية والطبية والإغاثية وجميع المستلزمات بما فيها المشتقات النفطية، دشن ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، مشروع توزيع (13.500) سلة غذائية علی الأسر المتضررة في مديرية المسراخ، جنوب مدينة تعز، وذلك ضمن مشروع الـ100 ألف سلة غذائية المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
ومن جهته، أعرب رئيس لجنة ائتلاف الإغاثة بالمديرية، فؤاد محمد حزام الصبري، عن شكره وتقديره لمركز الملك سلمان. كما أشاد بأدوار المركز في مجال الإغاثة التي قال إنها «تلامس احتياجات المواطنين في اليمن وفي تعز خاصة، باعتبارها أكثر المحافظات تضررًا نتيجة الحصار المفروض عليها».
وأوضح الصبري أن هذه السلة سيتم توزيعها علی مستحقيها من المواطنين الأشد ضررًا وفق المسوح المستوحاة من الميدان وعبر مؤسسات ومبادرات ومندوبي العمل الطوعي في المديرية. مشيرًا إلى أن هذه المرحلة من التوزيع هي الثانية التي تستهدف مديرية المسراخ في ظل الأحداث الراهنة التي تمر بها اليمن.