بينما استمرت اشتباكات متقطعة في محافظات تعز ومأرب وشبوة وريف العاصمة صنعاء، عاد الهدوء الحذر الى باقي جبهات القتال في اليمن خلال الساعات الاخيرة.
مصادر إعلامية موالية للحكومة تحدثت عن إصابة 22 شخصا بينهم مدنيون بهجمات وقصف عشوائي على مواقع وأحياء سكنية خاضعة لحلفاء الحكومة في مدينة تعز، بينما اتهم الحوثيون القوات الحكومية بقصف مواقع الجماعة في مديرية ذو باب الاستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الاحمر.
واستمر تبادل القصف المدفعي والصاروخي والاشتباكات المتقطعة في مديريات صرواح غربي محافظة مأرب، ونهم شرقي العاصمة صنعاء، وعسيلان شمالي غرب محافظة شبوة . وتبادل الطرفان اتهامات بمواصلة إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية الى جبهتي صرواح ونهم.
الطيران الحربي واصل تحليقا مكثفا فوق اجواء العاصمة اليمنية ومحافظات تعز والحديدة وصعدة وحجة والجوف ومأرب والبيضاء وعمران، لكنه لم يعلن عن تسجيل أي غارات جديدة خلال الساعات الاخيرة.
وكان الطيران الحربي صعّد من ضرباته الجوية في الايام الماضية على نحو غير مسبوق منذ اعلان اتفاق التهدئة العسكرية في العاشر من أبريل الماضي، مستهدفا بسلسلة غارات عنيفة مواقع للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق في محافظات صنعاء وعمران والجوف ومأرب والحديدة وصعدة.
سياسيا، واصل مبعوث الامم المتحدة اجتماعات منفصلة ومشتركة مع الوفود المتفاوضة في مسعى لتقريب وجهات النظر حول خارطة طريق أممية مدعومة من المجتمع الدولي.
المبعوث الأممي الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد قال إن النقاش “لا يزال جاريا حول الطريقة الأفضل للتوصل الى مسار سلمي“.
وأكد ولد الشيخ في بيان صحفي الليلة الماضية ان الوفود تظهر تجاوبا من حيث المبدأ، لكنه دعا الطرفين الى التركيز على الاولويات. وقال ” هناك أرضية ممكن البناء عليها“، مضيفا “هذا ما نعمل عليه الآن.”
وكان المبعوث الأممي أعلن الاحد رسميا طرح الامم المتحدة أمام الاطراف اليمنية المتحاورة في الكويت “هيكلية عملية وإطار استراتيجي لإعادة اليمن إلى مسار الانتقال السياسي السلمي“.
وبعد يوم من طرح الخطة الاممية، ساد خطاب مشحون باتهامات متبادلة امتدت الى دور الوسيط الدولي اسماعيل ولد الشيخ احمد، الذي وضعه الطرفان معا في دائرة الانحياز ، كل من زاوية مختلفة.
وعاد المتحاورون أمس الاثنين في جلسات منفصلة لعرض تحفظاتهم حول ترتيب القضايا الاولى بالتنفيذ ضمن المسارين العسكري والسياسي، بينما تعثر انعقاد جلسة مسائية كانت مقررة لتبادل معايير وبيانات الاسرى والمعتقلين المقترح الافراج عنهم قبل شهر رمضان المقبل.
وتشمل الوثيقة الاممية التي كشف عنها الوسيط الدولي في مؤتمر صحفي الاحد، “مبادىء إطارية“ تستوعب مخاوف الأطراف والضمانات اللازمة لإنهاء أزمة الثقة العميقة بين المتحاربين اليمنيين، حسب ما افادت مصادر قريبة من المفاوضات.
كما تتضمن الوثيقة الأممية تدابير واليات لانسحاب المليشيات وتسليم السلاح، واستعادة مؤسسات الدولة، والهيئات المشرفة على تنفيذ هذه التدابير، فضلا عن دور الامم المتحدة والمجتمع الدولي في تقديم الدعم اللازم للمرحلة الانتقالية وفي المقدمة إعادة الاعمار ومكافحة الارهاب.
وتؤكد الخطة الالتزام بوحدة اليمن واستقراره، والشروع في حوار سياسي جامع وفقا للمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الامن، ومقررات مؤتمر الحوار الوطني.
ورغم التعتيم الذي احيط بتفاصيل الخطة، الا ان مصادر قريبة من وفد الحوثيين وحلفائهم قالت إن بنودا بشأن السلطة التنفيذية “تتبنى مطلب وفد حلفاء الرياض” في عودة “حكومة الرئيس هادي الى صنعاء وممارسة كامل صلاحياتها لمدة 90 يوماً، يعقب ذلك تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية بقرار رئاسي والدخول في مفاوضات سياسية“، وهو ما يرفضه الحوثيون وحلفاؤهم في حزب المؤتمر الذين يتمسكون بأولوية التوافق على سلطة تشاركية انتقالية جديدة تتولى تنفيذ النقاط الخمس الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي.
الوسيط الاممي اسماعيل ولد الشيخ، أكد “التوافق على نقاط محددة “، لكنه قال ” ان التطبيق يتطلب الكثير من التمعن والتخطيط“.
وحسب المصادر، جدد الحوثيون وحلفاؤهم خلال لقائهم المبعوث الأممي تمسكهم بمبدأ “التوافق السياسي كمدخل أساس لضمان نجاح أي تسوية سياسية“، كما طالبوا باعتماد اتفاق السلم والشراكة الذي أبرمته القوى السياسية غداة اجتياح الجماعة للعاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014 ضمن العملية الانتقالية في اليمن.
المصادر ذاتها تحدثت عن تداول مقترحات وأفكار من جانب الحوثيين لتجاوز عقدة الشرعية بينها “فرضية استمرار الرئيس هادي على رأس السلطة مقابل نقل صلاحياته الى حكومة توافقية“.
الى ذلك بدا رئيس الوفد الحكومي، وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي، محبطا وأكثر تشاؤما بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على انطلاق محادثات السلام اليمنية في الكويت دون إحراز أي تقدم.
وقال في تغريدات على تويتر، إن حكومته حرصت” على مشاورات مع جماعة لا تبالي بمصالح الشعب اليمني، وكل همها السلطة“، على حد تعبيره.
واتهم المخلافي الحوثيين وحلفاءهم ” بإهدار الموارد والاحتياطي النقدي ما “يهدد بكارثة“ قائلاً “لم يتبق من الاحتياطي سوى 100 مليون دولار الى جانب الوديعة السعودية” التي تبلغ مليار دولار.
وواصلت أسعار العملة المحلية اليوم الثلاثاء تراجعها أمام الدولار الى أدنى مستوى لها على الاطلاق.
وسجل الريال اليمني في تعاملاته انهيارا غير مسبوق، من 250 مقابل الدولار الاسبوع الماضي الى 320 ريال، ما أثار مخاوف السكان الذين توافدوا الى محطات تعبئة الوقود وأسواق السلع الغذائية، في طوابير طويلة تعكس المخاوف من أزمة تموينية خانقة.
مصادر اقتصادية ردّت أزمة النقد الأجنبي الى زيادة الطلب على العملات قبل شهر رمضان، بينما أعاد مراقبون أزمة المحروقات الى سيطرة القوات الحكومية على موانئ محافظة حضرموت، بعد أن تحولت الى مرفأ لاستقبال الشاحنات النفطية وإعادة تسويقها في المحافظات الشمالية خلال سيطرة تنظيم القاعدة على الموانئ التجارية في المحافظات الشرقية.