يكاد المتتبع لتصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يجزم بأن شيئا ما أصاب الدبلوماسي المحنك الذي عينّته الأمم المتحدة لحل ملف يعد من أكثر الملفات تعقيدا بالمنطقة، بعد فشل المبعوث السابق جمال بنعمر.
وليس على المتتبع لتلك التصريحات سوى انتظار ساعات، ليخرج ولد الشيخ بتصريح ينسف سابقه، لينتقل بين مساحات من الأمل تارة والتشاؤم تارة أخرى، كما هو انتقاله بين الكويت التي تحتضن حاليا المشاورات اليمنية، ومقر الأمم المتحدة، لعرض نتائج ما توصلت إليه المباحثات في مجلس الأمن.
ويبدو أن طريقة تعاطي وفد الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، مع المباحثات، بالتزامن مع انتهاكات حوثية صريحة للهدنة على الأرض، كان لها الدور الأبرز في تبدل ملامح تصريحات ولد الشيخ، فبينما أدلى ولد الشيخ الأحد بتصريح متفائل أكد فيه قرب توصل الأطراف المشاركة بالمشاورات في الكويت لاتفاق سياسي ينهي الأزمة، خرج ولد الشيخ الإثنين بتصريح ينسف سابقه ويتحدث عن “شد حبال” بين الأطراف المتحاورة وانسداد في الملفات السياسية والأمنية ستزيد الأمور تعقيدا.
ومنذ بدء المحادثات اليمنية في الكويت التي تقترب من إنهاء أسبوعها السادس دون أي اختراق في جدار الأزمة، تلقىالمبعوث الأممي تعهدات من قبل وفد الحوثي وصالح بالالتزام بالنقاط الست التي بدأت المفاوضات على أساسها وأبرزها وقف إطلاق النار وتطبيق القرارات الأممية المتعلقة باليمن والتي تلزم الحوثيين بتسليم السلاح والانسحاب من المدن والانخراط في عملية سياسية تفضي إلى حل عادل للأزمة.
ولكن على أرض الواقع، كانت أفعال ميليشيات الحوثي تتعارض مع تلك التعهدات، وهو ما أوقع المبعوث الأممي بالحرج، حيث كان يتعجّل بإبداء تفاؤله من التزامات قيلت في ليل ومحاها النهار.
مؤازرة دولية لجهوده، جعلت ولد الشيخ يتحدث عن فرصة تاريخية لحل الأزمة اليمنية على المتحاورين اغتنامها، لكن صاروخا حوثيا كان كفيلا بتعقيد المشهد من جديد، ليعود المبعوث الأممي للحديث عن تعقيدات تحتاج وقتا طويلا للحل.
وعندما تجرأ ولد الشيخ متفائلا وتحدث عن مفاجآت وشيكة بالمحادثات، سارع الحوثيون باليوم التالي للتصعيد العسكري في تعز وقصفوا المناطق السكنية واقتحموا معسكر العملاقة، لتكون المفاجأة تعليق الوفد الحكومي لمشاركته بالمحادثات.
وعلى النقيض من طريقة وفد المتمردين بالتعاطي مع المحادثات، تمسك الوفد الحكومي بموقفه وبالتزاماته، وهو ما دعى المبعوث الأممي للتأكيد على أن الوفد الحكومي قدم خلال المشاورات عرضا يعكس تصوره بوضوح للمرحلة المقبلة على الصعيدين الأمني والسياسي، في الوقت الذي استمر به الحوثيون منذ بدء المحادثات بإلقاء الاتهامات وبوضع الشروط للانخراط بالعملية السياسية أبرزها استبعاد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، إلا أن ذلك لم يمنع ولد الشيخ من إدلاء تصريحات تصف وفد الحوثيين أحيانا بـ”المتجاوب”، ولكن من باب “التقية السياسية”.
(ارم نيوز)