مليشيات الحوثيين ومحاولة تغيير خارطة الهوية اليمنية

مدير التحرير19 يونيو 2016
مليشيات الحوثيين ومحاولة تغيير خارطة الهوية اليمنية

وتعمد مليشيات الحوثيين والموالون لطهران إلى محاولة فرض واقع سياسي مختلف بقوة السلاح والعنف، من خلال القمع الوحشي للمعارضين السياسيين بالاختطافات والإخفاء القسري والاغتيالات، بالتوازي مع محاولاتها المستميتة لتغيير الخارطة الديموغرافية لليمن بالتهجير القسري والممارسات الطائفية والمذهبية، وتغيير الخارطة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية من خلال التعيينات السلالية وتوزيع الاراضي لأنصارهم، وكذلك إعادة تشكيل الخارطة الدينية والتعليمية والثقافية والاكاديمية من خلال نشر خرافات الملازم وثقافتهم الهمجية مقابل التضييق على المساجد والعلماء وتغيير مناهج التعليم.

كما تعمد المليشيات الحوثية إلى إعادة رسم الخارطة الإعلامية والمدنية من خلال قمع الصحافة والاعلام المستقل والاهلي ومصادرة الاعلام الرسمي ومحاولة إنتاج طابور من أدعياء الحياد والمناضلين على الطريقة الحوثية الناعمة.

بالإضافة إلى ذلك، تحاول هذه المليشيات فرض خارطة اقتصادية جديدة من خلال صناعة طبقة تجار من سماسرة السوق السوداء التي ازدهرت في عهد هذه المليشيات الكارثية.

 طائفية بلبوس السلالة

وفي هذا السياق يقول الباحث والمحلل العسكري اليمني عبدالعزيز الهداشي، في تصريح لموقع “الاسلام اليوم“، بأنه “عندما بدأت عاصفة الحزم كان يفترض بالحوثي تقديم تنازلات للداخل لمواجهة الخارج ولو من باب التقية ولكن بدلا من ذلك استمر في مشروعه الطائفي المبني على كهنوت السلالة المقدسة، حيث سعى الحوثي لاجراء جميع التغييرات التي تجعل سلالته هي المسيطرة على جميع مفاصل الدولة الأمنية والعسكرية، ولم يكتف بذلك بل سعى الى السيطرة على قطاعات التربية والتعليم والتعليم العالي وقطاع الصحة والادارة المحلية وتعدى ذلك لمحاولة التغيير الديموغرافي في حزام المدن الكبرى عسكريا وأمنيا”.

وأضاف الهداشي: “لم يكتف الحوثي بتعيين أبناء عمومته الهاشميين في المراكز العليا للقطاعين الامني والعسكري، بل وصل الامر الى المراكز الدنيا عبر تغيير قادة الالوية ومن لم يغيره أبقاه من باب ذر الرماد على العيون، ووصل الأمر لتعيين قادة الكتائب وقادة الفصائل والسرايا، وهي الوحدات الاصغر المكونة للألوية، ما يجعل الجيش باكمله مواليا له وتحت سيطرته، هذا في القطاع العسكري أما القطاع الأمني فقد قام بتعيين الكثير من العرق السلالي مدراء عموم للأمن في كثير من المحافظات الذين قاموا بدورهم بتعيين مدراء اقسام الشرطة من اقاربهم، وكذلك فان الادارات في وزارة الداخلية اصبحت تحت سيطرتهم، هذا في القطاع الامني”.

أما في مجال التربية والتعليم والتعليم العالي فيقول الهداشي: “حدث ولا حرج، حيث بدأ الحوثي بتعيين نفس العرق في المناصب المفصلية في الجامعات، كذلك قام بفصل وتوقيف الكثير من الكادر الاكاديمي في الجامعات، كما قام بتعيين مدراء عموم التربية من نفس العرق المقدس، ومن لم يقم بتغييره فقد اصبح فاقد الصلاحية، بينما يكون مندوب اللجنة الثورية هو العنصر الفاعل، وبدورها بدأ مدراء عموم التربية المعينيين بتغيير مدراء المدارس واستبدالهم من نفس السلالة، ولولا ظروف الحرب لبدأوا بتغيير اسماء المدارس التي تحمل اسماء بعض الصحابة مثل عمر وابو بكر واسماء وعائشة وغيرها وهم الان بصدد تغيير المناهج الدراسية وحتى قيامهم بذلك تراهم يقوموا بزيارات المدارس وإلقاء محاضرات للطلاب ما ذكرناه سابقا ينطبق على كافة قطاعات الدولة على سبيل المثال لا الحصر اصبح مدير عام صندوق النظافة في المحويت رجلا شبه امي ولكن مؤهله الوحيد لقبه السلالي”.

وعلى صعيد التغيير الديموغرافي، يشير الهداشي على سبيل المثال لا الحصر إلى أمانة العاصمة “فقد قام الحوثي بتوزيع مئات الألاف من اللبن من أراضي وعقارات الدولة على اقاربه وسلالته في محيط العاصمة صنعاء بغرض حمايتها مستقبلا من تحريرها وكذلك محاصرتها في حال رغب باسقاطها “.

وخلص الهداشي إلى القول بأن “ما حدث يجعل من تطبيق أي اتفاق في الكويت ضربا من الخيال، وكلما مر الوقت والحوثي في الحكم سيستمر في تعميق دولته التي يصعب استئصالها”.

فرض أمر واقع

من جهته، يؤكد رئيس الدائرة السياسية في حزب الرشاد اليمني جلال عبدالقدوس الجلال، في تصريح لموقع “الإسلام اليوم“، بأن “حركة الحوثي تعمل بوتيرة عالية لتغيير الخارطة السياسية بقوة السلاح وتتخذ منه وسيلة وحيدة لذلك ولا تدخل في أي اتفاق إلا لشرعنة ما يريدونه عير سياسة فرض الأمر الواقع”.

مضيفا بأن “الحوثيين يعتبرون أي أرض ليست تحت سيطرتهم أرضا داعشية وكذلك سكانها فضلاً عن اعتبار مخالفيهم دواعش وارهابيين”.

وتابع الجلال: “تمثل الخارطة الفكرية التي يعتقدونها ويستمدونها من ملازم الحوثي هي المصدر للتعامل مع الآخر والنظر إليه وعبرها يريدون أن يكون التعليم الرسمي في مناطقهم وفقها ويريدون ويهدفون الى تغيير الخارطة الذهنية للشعب والخارطة السياسية في الدولة ليكون القرار السياسي إما بأيديهم أو ثلث معطل لأي قرار أو تحرك سياسي، وعبر سياسة التغلغل في أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والإدارية يحركون مخططاتهم الخاصة ويعرقلون القوى السياسية الوطنية في المستقبل فلو عادوا بأي تسوية سياسية عن الانقلاب فهو عبارة عن عودة صورية وشرعنة لهم في نفس الوقت وماكينة الانقلاب قد تغلغلت في جسد الدولة، وهذا ما يتوافق مع  المقاربات الدولية في علاج هذا النمط من الأزمات ومنها اليمن وهو النظر للمعادلة العسكرية على الأرض ومواقع الأطراف فيها، ثم بعد ذلك الانطلاق مما تسميه أمرا واقعا لبناء الحلول، دون الاهتمام كيف جرت صناعة هذا الأمر الواقع وما إذا كان فعلا يعكس الحقائق الموضوعية على الأرض مثل علاقة القوى المسيطرة بالجزء أو الأجزاء التي تسيطر عليها ومدى شرعية تلك السيطرة”.

ويضيف الجلال قائلا: “الأمر الثاني النظر لخريطة القوى والمكونات التي تشكلها بالمنظار نفسه بمعنى أنه يجري احتسابها على أنها أطراف متساوية في المسؤولية والحقوق، وأن التسوية بينها تجري على أساس القبول والتنازلات المتساوية، وهذا الأمر يستدعي إسقاط الحق في المطالبة بالمحاكمة على الجرائم التي تمت لتغيير الوقائع الديمغرافية والجغرافية والتي أوصلت الأمور إلى وضعية الأمر الواقع التي يتم اتخاذها كأساس للمفاوضات والتسويات!”.

ويبقى السؤال إلى أي مدى ستنجح مليشيات الحوثيين بالفعل في إنجاز إعادة رسم الهوية اليمنية، وما دور المجتمع اليمني وقواه السياسية والثقافية للتصدي لهذا العبث الخطير؟!.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

الاخبار العاجلة
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق