“عربي21” تكشف أسباب تعثر الجيش اليمني في ميدي وحرض‎

بلقيس احمد13 نوفمبر 2016
Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2016-11-13 07:35:11Z | | ÿ
Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2016-11-13 07:35:11Z | | ÿ

يبحث اليمنيون عن إجابات حقيقية لتعثر قوات الجيش اليمني في محوري حرض وميدي الحدوديين مع السعودية، في ظل غموض يلف الانتكاسات المتكررة لقوات المنطقة العسكرية الخامسة المسؤولة عن إدارة العمليات الحربية في هاتين الجبهتين الاستراتيجيتين ضد المتمردين الحوثيين وكتائب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الموالية لهم.

مصادر قريبة من قيادة المنطقة، أماطت اللثام لـ”عربي21“، عن جانب من أسرار تعثر وتراجع الشرعية في حرض وميدي التابعتين لمحافظة حجة شمال البلاد التي تشترك بحدود برية وبحرية مع المملكة العربية السعودية، ودور القيادة الغارقة في وحل الفساد، وموقف التحالف العربي، لا سيما أن الجبهتين تحولتا إلى ميدان لاستنزاف القوة البشرية للقوات الحكومية لصالح الحوثيين وحلفائهم.

وقالت المصادر التي اشترطت عدم كشف هويتها لحساسية الموضوع لـ”عربي21“، إن ذاكرة المقاتلين من منتسبي الجيش الوطني في ميدي وحرض، تختزن أحداثا موجعة، كانت كلفتها أرواحهم بعدما زج بهم في معارك يغيب عنها تماما “التخطيط الاستراتيجي العسكري”، تسببت في سقوط مئات القتلى والجرحى دون تحقيق أي مكاسب على الأرض.

وأضافت أنه في تاريخ 18 تموز/ يوليو الماضي، اجتمع ضباط من قيادة المنطقة لوضع خطة للتقدم وتحرير حرض الحدودية مع عسير السعودية، كان الهدف من الخطة في الحقيقة ليست تحرير حرض بأكملها كما أشيع، بل إنه الوصول إلى “جمرك حرض القديم” والسيطرة عليه.

وعقب وضع الخطة بثلاثة أيام، وتحديدا في اليوم الحادي والعشرين من الشهر ذاته، وفقا للمصادر، فقد أعلنت قيادة المنطقة العسكرية الخامسة، إطلاق عملية واسعة لتحرير المدينة، في ثالث هجوم فاشل، لم يسفر عن تحقيق أي مكاسب نوعية، سوى السيطرة على منطقة الجمرك القديم.

وأشارت إلى أن الهجوم تم دون أي حسابات للكلفة البشرية للجنود، رغم خطورة مسرح العملية المليء بالألغام، ومع ذلك فقد بدأ الهجوم بلا كاسحات ألغام أو غطاء جوي لطيران التحالف العربي، وبـ”أفراد” من قوات المشاة الذين وقعوا في مصيدة ألغام الحوثيين المزروعة، وقناصيهم المتمركزين بالفنادق القريبة من جمرك حرض القديم.

ونقلت المصادر عن مدير عام مستشفى الملك فهد في جازان، اندهاشه من حجم الخسائر المأهولة في صفوف جيش الشرعية. ففي يوم 21 تموز/ يوليو ـ تاريخ انطلاق عملية استعادة حرض ـ استقبلت مستشفيات إمارة جازان 213 بين قتيل وجريح.

وبحسب المصادر، فإن الجيش خسر في هجوم سابق قرابة الـ70 قتيلا والـ15 جريحا، مع السيطرة على مساحة تقدر بـ”عشرات الأمتار” في حرض.. لافتا إلى أن حرض يحيط بها أكثر من 15 ألف لغم، وعلى أطرافها تتواجد قوات الشرعية دون أن تمتلك “كاسحة ألغام واحدة”.

المسرح العملياتي للمنطقة

وتعد المنطقة الخامسة، إحدى المناطق التابعة للجيش اليمني وتنتشر في محافظتي الحديدة وحجة (غرب وشمال البلاد) ومركز قيادتها  مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ أكثر من عام ونصف.
لكنها تدير عملياتها الحربية من الأجزاء الخاضعة لسيطرة الشرعية في مدينتي ميدي وحرض، بالإضافة إلى غرفة العمليات المشتركة المكونة من التحالف والشرعية في جازان.

وتتكون المنطقة من خمسة ألوية عسكرية، بينما يجري حاليا تشكيل لواء عسكري سادس، وقد تناوب على قيادتها أربعة قادة: الأول اللواء الركن محمد راجح لبوزة، والثاني اللواء عادل القميري الذي تمت إقالته في ظروف غامضة، واللواء علي حميد القشيبي، واللواء توفيق القيز.

حجم الخسائر للشرعية

وكشفت المصادر القريبة من قيادة الجيش في محوري حرض وميدي عن حجم الخسائر البشرية في صفوفها، والتي بلغت نحو “600 قتيل و1200 جريح”.

محسوبية وتآمر

وأفصحت المصادر اليمنية عن تنامي مظاهر المحسوبية داخل ألوية الجيش المرابطة في ميدي وحرض، ومنح الألوية لأقارب القادة دون غيرهم، وإبعاد أقوى التشكيلات العسكرية من أهم مناطق الاشتباك مع قوات الحوثي وصالح في ميدي، كأحد خطط التآمر على قادتها المعروفين بكفاءتهم وحنكتهم ميدانيا.

ولعل أبرزها “نقل كتيبتين عسكريتين من اللواء الثاني حرس حدود، الذي يقوده العميد منصور الزافني، والذي يرابط في ميدي الساحلية، إلى مدينة حرض، بعد حصوله على وعود بتسليم إدارة الجمرك فيها، لشقيق الزافني، لإدارته”، بحسب المصادر.

وذكرت أن إجراء الزافني تسبب في تشتت قوات الكتيبتين فضلا عن تلاشي كتيبة “الفاروق” أقوى كتيبة في اللواء الثاني حرس حدود، وكان يقودها العقيد أنور الشراعي، إلى جانب الخلافات التي نسبت بين الشراعي والزافني بسبب هجوم فاشل على الحوثيين في ميدي، لم يحقق أي تقدم على الأرض، بل إنه تسبب في فقدان كتيبة” الفاروق” أفضل المقاتلين من ضباط وجنود، منهم “أحمد المحفلي، ونوار الشريف، وعبد المجيد معيض، وعصام الزبيدي”.

وكان الجيش الوطني قد أعلن في شباط/ فبراير مطلع العام الجاري، مديرية ميدي منطقة محررة بالكامل، إلا أن هجمات مسلحي الحوثي المدعومين بقوات صالح المتتالية، قلصت من سيطرة الأول على المديرية الساحلية.

وقالت المصادر إنه بعد الهجوم الذي حدث قبل أكثر  خمسة أشهر على مدينة ميدي المطلة على البحر الأحمر، بهدف انتزاع السيطرة عليها، وبينما كان يتساقط الجنود بين قتلى وجرحى في تلك الصحارى والقفار، ودماؤهم تسكب في جبهات ومواقع القتال، فقد كان اللواء علي حميد القشيبي، قائد المنطقة الخامسة السابق “سيئ الصيت” ـوفق تعبيرهاـ يقيم عرسا صاخبا لنجله الذي تزوج من ابنة العميد منصور الزافني، قائد اللواء الثاني حرس حدود.

وتحدثت المصادر ذاتها، والألم يعتصرها قائلة: “دماء جنودهم لم تجف من على أرض المعركة، بل إن بعض جثثهم ظلت مرمية هناك، دون أن يتمكن أحد من انتشالها، وأبرزها جثة العقيد الطميرة، قائد الكتيبة الثانية باللواء العاشر”.

وأطاح الرئيس اليمني بقائد المنطقة اللواء علي القشيبي، وقام بتعيين اللواء القيز خلفا له في نهاية آب/ أغسطس الماضي.

مظاهر الفساد

وسردت المصادر في حديثها الخاص لـ”عربي21“، أبرز مظاهر الفساد والتآمر التي يقف خلفها طابور من الضباط والقادة في هذا التشكيل المتخم ماليا، الميت عسكريا، وهي على النحو الآتي:

1ـ الاختلاسات ونهب الاعتمادات المالية للألوية التابعة للمنطقة الخامسة العسكرية، حيث يقدر المخصص الشهري لكل لواء بـ80 ألف ريال سعودي (ما يساوي 6 ملايين وأربعة آلاف ريال يمني)، بينما يصل راتب قائد كل لواء إلى ستة آلاف ريال سعودي، (ما يعادل أربعمائة وثمانين ألف ريال يمني)، بعلاوة قدرها 25 ألف ريال سعودي (ما يساوي مليوني ريال يمني).

2ـ نهب وبيع المعدات والتغذية التابعة لمنتسبي المنطقة.

3ـ التآمر على القادة والضباط الوطنيين، الذين تعرض البعض منهم لمحاولات تصفية، والبعض الآخر لفقت تهم ضدهم ومن ثم تم ترحيلهم.

4ـ غض الطرف عن تسيب عشرات الجنود في حضور المعسكرات، وذلك مقابل مبالغ مالية تخصم من المستحقات الشهرية لهم.

التسليح ودور التحالف

وتشير المصادر إلى أن تسليح القوات اليمنية في حرض وميدي، ضعيف جدا، حيث إنها لا تمتلك حتى دبابة واحدة، بينما المدرعات غير جاهزة وأغلبها معطلة.

وبخصوص موقف التحالف العربي، فقد أكدت المصادر أن طيران التحالف لم يقم بواجبه المطلوب خلال العمليات التي شنها الجيش في حرض وميدي، بل إن المعارك التي دارت طيلة تسعة أشهر، لم يكن للطيران أي حضور فيها.

وبينت أن المعطيات تفيد بأن التحالف الذي تقوده السعودية، جعل من هذه المنطقة التي يشكل أنصار حزب الإصلاح أغلب المنتسبين لتشكيلاتها العسكرية، بؤرة لاستنزافهم في معارك غير مخطط لها مع مسلحي الحوثي وكتائب صالح.

خارطة تمركز قوات الشرعية

تسيطر قوات الجيش الوطني على منفذ الطوال البري بين حرض وعسير السعودية، وتتواجد على أطراف مدينة حرض وعلى بعد 20 كيلومترا من الأسوار الموجودة على الشريط الحدودي مع المملكة وعلى بعد سبعة كيلومترات من الجمرك القديم الذي يبعد عن حرض المدينة 12 كيلومترا، وهي خاضعة لسيطرة الحوثيين.

وفي ميدي استعاد الحوثيون السيطرة عليها بعد تراجع القوات الحكومية، بينما تتواجد أغلب قواتها في ميناء يحمل اسم المدينة نفسه.

ولم يتسن لـ”عربي21” التواصل مع القادة العسكريين في المنطقة العسكرية الخامسة للجيش اليمني، لا سيما من وردت أسماؤهم في التقرير، والذين يتواجد أغلبهم في السعودية وهو ما يجعل التواصل معهم صعبا للغاية.

 

No more posts

No more posts

Breaking News
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept