وأكدت مصادر سياسية يمنية في صنعاء لـ”العربي الجديد” أن العديد من الوزراء المعينين بالحكومة الانقلابية، بدأوا منذ أيام، ممارسة مهامهم في الوزارات، وتسلموا الوثائق والأغراض المتعلقة بالوزراء مما كان يسمى بـ”المشرفين”، التابعين لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، والذين كانوا يمسكون بالوزارات منذ اجتياح الجماعة للعاصمة في 21 سبتمبر/أيلول 2014، عبر ما يسمى “اللجان الثورية”، بما في ذلك “أختام الوزير”.
ووفقاً لمصادر مطلعة في صنعاء، فقد شهدت بعض الوزارات احتكاكات بين المشرفين التابعين للحوثيين وبين الوزراء المعينين في الحكومة الانقلابية.
وفيما كانت أنباء تتحدث عن أن مصر تقدمت بمشروع بيان في المجلس يدين خطوات الانقلابيين، من المتوقع أن تتردد في ذلك، بعد أن جرى اعتقال 49 من مواطنيها في مدينة الحديدة غربي اليمن، ونقلهم إلى السجن الاحتياطي في صنعاء، وأعقب ذلك جهود دبلوماسية من قبل القاهرة التي تجري تواصلاً مع مختلف الأطراف وتسعى للتوسط لدى الانقلابيين، للإفراج عن المعتقلين، في وقت لم يصدر عن الانقلابيين أي تصريح حول أسباب اعتقالهم.ومن بين الوزارات التي شهدت احتكاكات وزارة الداخلية التي تناقلت وسائل الإعلام أنباءً عن صدور توجيهات فيها بانسحاب “اللجان الثورية” من مقار الوزارة والنقاط الأمنية، إلا أن مكتب الوزير المعين وهو اللواء محمد عبدالله القوسي، سارع لنفي هذه الأنباء، مشيراً إلى وجود خطة سيتم تطبيقها باستيعاب هذه اللجان، بما من شأنه أن يمنع أي صدامات.
وكانت حكومة الانقلابيين برئاسة محافظ عدن السابق عبد العزيز بن حبتور قد عقدت العديد من الاجتماعات في مقر الحكومة والقصر الجمهوري، ووصفت نفسها بأنها “حكومة انتقالية” من مرحلة “الثورية” (أي مرحلة سيطرة الحوثيين) إلى مرحلة “دستورية”. واتخذت حكومة الانقلابيين حزمة من القرارات والإجراءات التي من شأنها توحيد موارد الدولة إلى جهة وحيدة وهي البنك المركزي اليمني (بنسخته في صنعاء)، وكل ذلك، يأتي على حساب اللجان الإشرافية التابعة للحوثيين، والتي كان القائمون عليها يتصرفون بصفة “ثورية”، ويرى معارضوهم أنهم أسهموا بإخفاء جزء من موارد الدولة أو توجيهها لجهات خارج المصرف المركزي، الذي وصل إلى حافة الإفلاس.
كما قدمت حكومة الانقلابيين أمس الثلاثاء برنامجها للبرلمان، في جلسة عُقدت في العاصمة صنعاء. ويتضمن البرنامج عدداً من التعهدات في الجانب الاقتصادي والأمني والسياسي، ومنها التحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية بنهاية العام 2017، إلى جانب “وضع السياسات والبرامج المنفذة لتوجيهات وقرارات المجلس السياسي الأعلى بشأن العفو العام والمصالحة الوطنية”. وفي الجانب الاقتصادي، اتخاذ تدابير في مواجهة أزمة السيولة وتعزيز دور البنك المركزي اليمني، وكذلك “الوقف النهائي للتوظيف الجديد والتوظيف بالبدل عن متقاعدين أو مفصولين أو منقطعين تحت أي مبرر تنفيذاً للقانون، وإلغاء أي إجراءات توظيف تمت بالمخالفة لذلك خلال الفترة السابقة”.
وعلى الرغم من أنها حكومة انقلابية وتشكلت في ظل حرب، بدا واضحاً خلال أكثر من أسبوع، أن تأليفها لم يشكل تصعيداً عسكرياً، كما كان البعض يتوقع. وعوضاً عن ذلك، يعقد الوزراء اجتماعاتهم في العاصمة صنعاء، من دون أن يسفر ذلك عن تصعيد للعمليات العسكرية الجوية للتحالف، كما كان يحدث في العادة مع أي خطوة تصعيدية منذ بدء الحرب. ومن زاوية أخرى، بدت ردود الأفعال الإقليمية والدولية الرافضة لخطوة الانقلابيين بتشكيل “حكومة”، أقل مما كان متوقعاً.
وبين حكومة انقلابية في صنعاء تعمل من مقار مؤسسات الدولة الأساسية في ظل حصار دولي مطبق على مناطق سيطرتها، وحكومة شرعية يمد الإقليم والعالم يده لدعمها لكنها تواجه تحديات كبيرة في الواقع العملي، بات اليمن بين حكومتين، في صورة تعزز انقسام البلاد عملياً وقد تستمر إلى حين، ما لم تطرأ تغيرات في الفترة القليلة المقبلة، تؤدي إلى اتفاق سياسي على حكومة وحدة أو حسم عسكري لصالح طرف من الأطراف.(العربي الجديد)