ما بعد المخا: حسم عسكري أم حل سياسي باليمن؟

مدير التحرير29 يناير 2017
ما بعد المخا: حسم عسكري أم حل سياسي باليمن؟
بعد تأكيد دخول قوات الشرعية اليمنية المدعومة من “التحالف العربي” بقيادة السعودية، إلى مدينة المخا في الساحل الغربي لمحافظة تعز، جنوبي اليمن، تدخل الحرب في البلاد منعطفاً جديداً. ومن شأن هذا التطور أن يضع اليمن أمام احتمالين، إما نجاح الحسم العسكري الذي تسعى إليه قوات الشرعية، وإما أن يتحول هذا الوضع الجديد قرب باب المندب، إلى ورقة ضغط تدفع بالجهود السياسية إلى الأمام، بعدما تمكن “التحالف” من تأمين أبرز نقطة استراتيجية في اليمن.
 
وأكدت قوات الشرعية رسمياً دخولها إلى مدينة المخا، بعدما كانت قد أعلنت منذ أيام سيطرتها على المدينة. ولم تكن قد دخلت فعلياً حتى يوم الجمعة الماضي، في وقت تتواصل فيه معارك عنيفة في أجزاء من المدينة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، والتي تسعى الشرعية لاستكمال السيطرة عليها بغطاء جوي من مقاتلات “التحالف العربي”.
 
في موازاة ذلك، كان لافتاً إعلان قائد عسكري يمني أن مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، تمكنت، أمس السبت، من تدمير طائرة عسكرية بدون طيار، شمال مدينة المخا، في محافظة تعز، جنوبي اليمن، وذلك قبل إطلاقها من منصة متنقلة لاستهداف قوات الشرعية التي شاركت بالعمليات في المنطقة. ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن نائب رئس أركان الجيش اليمني، اللواء ركن أحمد سيف اليافعي، قوله إن “القوات اليمنية، أثناء استطلاعها منطقة شمال المخا، رصدت الاستعداد لإطلاق الطائرة من فوق آلية نقل خفيفة، وقد تم التنسيق والتواصل مع القوات الجوية الإماراتية العاملة في اليمن، والتي قامت بدورها بالتعامل مع الطائرة، إذ تم تدميرها من خلال صاروخ جو أرض”. وأضاف أن “المليشيات الانقلابية وبعد تضييق الخناق عليها بدأت باستخدام أسلحة تم تهريبها إليها من إيران، ومنها هذا النوع من الطائرات التي يتم تهريبها إلى اليمن”. 
 
واعترفت مصادر تابعة لجماعة أنصارالله (الحوثيين) وحلفائهم الموالين للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، لأول مرة، أمس السبت، بدخول قوات الشرعية إلى مدينة المخا. وأشارت إلى كثافة الضربات الجوية التي نفذتها مقاتلات “التحالف”، وهو ما شكل عاملاً حاسماً في دفع قوات الانقلابيين إلى التراجع، بعدما عمدت مختلف الوسائل الإعلامية التابعة لهم طوال الأسابيع الماضية، إلى إنكار تحقيق قوات الشرعية أي تقدم في الساحل الغربي.
 
وفي الوقت الذي تعالت فيه دعوات من مناصرين للحوثيين على مواقع التواصل الاجتماعي، للتصعيد العسكري والدفع بتعزيزات تمكن من استعادة المواقع التي فقدوها، أكدت مصادر ميدانية في قوات الشرعية لـ”العربي الجديد” احتدام المعارك في منطقة الوازعية في اليومين الماضيين، وهي إحدى المديريات القريبة من الساحل الغربي لتعز. وتوقعت المصادر أن تشتد المعارك خلال الأيام المقبلة في المناطق الغربية لتعز، مع توقعات بسعي الانقلابيين لاستعادة بعض المناطق التي خسروها، أو على الأقل، منع قوات الشرعية من مواصلة تقدمها نحو مناطق جديدة.
 
ووفقاً لآخر التطورات في الساحل اليمني، باتت منطقتا ذوباب والمخا، القريبتان من مضيق باب المندب، تحت سيطرة قوات الشرعية و”التحالف العربي”، ما يحد من إمكانية تهديد الملاحة الدولية في باب المندب، من قبل الحوثيين وحلفائهم. ولم تكن المعركة سهلة. وسبقت الهجوم العسكري الحاسم ضربات لـ”التحالف”، بدأ بشنها منذ الأشهر الأولى لانطلاق عملياته بقيادة السعودية في 26 مارس/آذار 2015. وكانت المواقع العسكرية وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين تتعرض لضربات جوية متجددة. كذلك، كانت المعارك في منطقة ذوباب تدور بشكل متقطع منذ ما يزيد عن عام.
 
ومن زاوية أخرى، يعتبر دخول المخا وذوباب أهم عملية عسكرية نفذها “التحالف” في الفترة الأخيرة، محققاً قسماً مهماً من أهدافه في اليمن، مع تأمين السيطرة على منطقة باب المندب. وبذلك تبرز تساؤلات عن الخطوة المقبلة، ما بعد هذا الانتصار، وما إذا كانت قوات الشرعية ستواصل عملياتها في الساحل الغربي باتجاه محافظة الحديدة، كما يقول العديد من المسؤولين في الحكومة الشرعية ووسائل الإعلام القريبة من التحالف. لكن في المقابل، من غير المستبعد أن تتوقف عملية الزحف في الساحل، مؤقتاً على الأقل، إلى حين إعطاء فرصة للجهود السياسية أو تأمين المناطق التي نجحت قوات الشرعية بالتقدم إليها.
 
 يشار إلى أن قوات الشرعية باتت عملياً على بعد عشرات الكيلومترات من صنعاء، بعدما تقدمت في مديرية نِهم منذ ما يزيد من عام. وإذا ما تواصل التصعيد العسكري في الفترة المقبلة، ستكون بالتالي جبهة شرق صنعاء من أبرز الجبهات المرشحة للتصعيد بعد جبهة الساحل الغربي، مع بروز احتمال ثالث، وهو أن تدفع التطورات العسكرية الأخيرة بالانقلابيين لتقديم تنازلات تدفع بجهود الحل السياسي مجدداً، أو بما من شأنه إقرار تهدئة مؤقتة.
 
في غضون ذلك، خطفت عناصر مسلحة من قبائل منطقة الصبيحة التابعة لمحافظة لحج جنوبي اليمن، رئيس جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) في تعز، العميد عبدالواحد سرحان، الأمر الذي أثار غضب مجموعات مسلحة تابعة لقائد “اللواء 22 ميكا” العميد صادق سرحان، والتي قطعت شارع جمال عبدالناصر وسط مدينة تعز جنوب اليمن، عصر أمس السبت. وخطف سرحان على الطريق الذي يوصل بين مدينتي تعز وعدن (جنوباً)، حين كان سرحان في طريقه إلى العاصمة المؤقتة، عدن. وأكدت مصادر خاصة لـ”العربي الجديد” أن المسلحين خطفوا قائد محور تعز، اللواء خالد فاضل، ومعه سرحان، مشيراً إلى أنه تم الإفراج عن فاضل بعد تدخل قيادة “التحالف العربي” في محافظة عدن، فيما تم احتجاز سرحان لدى قبائل الصبيحة. وأوضحت المصادر أن عملية الاختطاف تأتي للاحتجاج على قيام السلطات الأمنية بمحافظة تعز بتهريب أحد السجناء من داخل السجن والموقوف بتهمة قتل أحد أبناء منطقة الصبيحة. وأضافت أن الخاطفين يشترطون على قيادة السلطات المحلية والأمنية في تعز تسليم المتهم بعملية القتل حتى يتم الإفراج عن العميد سرحان. 

No more posts

No more posts

Breaking News
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept