آخر رسالة إلى علي عبدالله صالح

تهامة برس16 فبراير 2017
آخر رسالة إلى علي عبدالله صالح
أ.د / فؤاد البعداني

علي عبدالله صالح: ربما تتذكرني وربما ﻻتعرفني فأنا أكاديمي يمني سبق لي أن خاطبتك قبل عدة سنوات ناصحاً لك ببعض المقالات الصحفية التي قرأت بعضها حينها وأنت رئيساً لليمن.
منها مقالاً مهماً قبل ما يقرب من 10سنوات أسميته (حكماء اليمن) استعرضت فيه كل حكماء اليمنن عبر التاريخ ثم ختمته برسالة لك أطالبك فيها أن تنظم إلى صفوف حكماء اليمن؛ بأن تصلح ما يمكنك إصلاحه من أوضاع اليمن حينها وأن تنحاز للوطن بكل صدق وإخلاص وتعمل على بناء اليمن وتضميد جراحه، لكنك لم تسمع خطابي ولم تقبل نصحي لك وأبيت أن تكون حكيما.
وأنا صاحب المقال المعنون ب: (الرئيس واعظاً) والذي قيل لي من مصدر أنك قرأته.
وأنا صاحب المقال الطويل المعنون ب: (قصة مستبد) والذي سردت فيه شخصيتك سرداً رمزياً منذذ طفولتك وتوقعت فيه أن تنهي حياتك السياسية بتدمير اليمن وها قد تحقق توقعي وصدق حدسي ولم يخب ظني السيء فيك، والعالم كله يشهد اليوم تدميرك لليمن.
علي عبد الله صالح .. سأخاطبك هكذا بدون أوصاف التفخيم والتعظيم التي تسمعها من أتباعكك ومحبيك ومنافقيك وبدون أوصاف الشتم والإهانات التي تنالها من خصومك ومناوئيك ومظلوميك.
علي عبدالله صالح .. اسمعها مني واقرأ كلامي بتمعن، دعك من الغرور والأنا والذات المتضخمة وجنونن العظمة والزعامة الزائلة، وعد إلى نفسك إلى ذاتك الطبيعية، وانظر في حالك ومآلك، واستحضر ماضيك وضع أمام ناظريك مستقبلك الحقيقي.
علي عبد الله صالح .. ها قد أمضيت من عمرك ما يقرب من خمس وسبعين عاما،ً وقضيت في السلطةة زهاء 35 سنة معضمها في حروب وصراعات سياسية، استخدمت فيها كل الأساليب والطرق والحيل والتفريخ والتفريق والتمزيق و اﻹنهاك وامتصاص خيرات اليمن، ورقصت فيها على رؤوس الثعابين وكنت خﻻلها رأس اﻷفعي.
ثم ثار عليك بعض شعبك وطالبوا بإنهاء حكمك لليمن بعد أن طفح بهم الكيل، ربما أصابوا وربماا أخطأوا ليس هذا موضوعنا اﻵن.
وتدخل كثيرون من أجلك ﻻ سيما اﻷشقاء القادة في السعودية والخليج وتم تأمين خروج مناسب لكك من السلطة، خرجت منها بعهد واتفاق وميثاق وتوقيع وحصانة، خرحت منها بمليارات من الدوﻻرات لايملكها الكثير من زعماء العالم وحصون وقﻻع وقصور فارهة.
وفوق هذا كله أنقذك الله من حريق مؤكد وموت محقق، وقامت الشقيقة الكبرى السعودية كما كنتت تسميها سابقاً بعلاجك، ووفرت لك أكفاء الأطباء وأمهر الجراحين فانتشلتك من كومة جراحك وحروقك وكومة أشلائك وأعادت إليك بفضل الله تعالى عليك نبض الحياة وبهاء الصورة ونظارة الوجه من جديد.
بعدها كان جدير بك أن تتوقف عن كل شيء وأن تتناسى كل شيء وأن تغلق جميع الصفحات وتكرهه الكرسي، وتبدأ صفحة حياة جديدة مختلفة تنهي فيها ما تبقى من حياتك وعمرك.
كان بإمكانك أن تعيش ملكاً معززاً في قصورك الفارهة وتتنعم بملياراتك وبساتينك وحدائقكك وشاليهاتك وتذوق طعم الحياة الحرة الآمنة بدون سلطة وبدون صراع، صدقني يا علي أني حينها شعرت أن الله ترك لك فرصة ثمينة لتعيش حياة أخرى بعيداً عن السياسة والحكم، كانت لك فرصة العمر أن تتفرغ فيها لأهلك وأحفادك وأن تجوب أقطار العالم معهم جوا وبحرا وأن تلهو مع أحفادك في كل مكان جميل.
كنت ستخرج من السلطة زعيماً حقيقياً، كنت ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، كان الشعب كله بلل العالم كله سيحترمك، كنت ستصبح اسماً ورمزا ًفي كتب التاريخ السياسي، كنت ستذوق طعم الحياة الهادئة بعيداً عن اﻷضواء.
كان بإمكانك أن تطلق السياسة وتنسى السلطة وتتخلى عن الكرسي، وتدعم السلطة الشرعية، وتقدمم النصائح الثمينة إلى الحكومة المتخبطة حينها، كنت تستطيع أن تزود الحكومة بنصائحك وتوجيهاتك وفق خبرتك المتراكمة وحنكتك السياسية وتصبح سنداً للرئيس عبد ربه منصور هادي وناصحا أمينا لرئيس الوزراء حينها محمد سالم باسندوه وأبا روحيا لحزب المؤتمر الشعبي العام.
وفوق هذا كله كان بإمكانك الدفع بنجلك أحمد للترشح في الانتخابات الرئاسية، وأجزم لك أنه كانن سيفوز فيها؛ ﻷن محبيك سيكافأونك بانتخاب نجلك، وداعموك من الأشقاء في دول الخليج سيعوضونك عن تخليك عن السلطة بدعم ترشيح نجلك أحمد.
آه منك يا علي .. أقسم لك بالله أنك ضيعت فرصة ثمينة وزهدت عن حياة كريمة وفقدت مكافآتت كبيرة، ولا أدري ماذا جرى لك وماذا حل بعقلك!! وأنت الرجل الذكي وأنت الذي تجيد السياسة وتمتلك الكياسة وتفهم الواقع، وتدرك تماما ماذا صنع لك الاشقاء في المملكة العربية السعودية والخليج من أجلك ومن أجل اليمن.
لكن .. اسمح لي أن أقول لك: لقد أحبط الله عملك ولم يرد بك خيراً ولم يكتب لك التوفيق والسداد فيي الرأي والموقف والتصرف؛ ربما ﻷن نواياك لم تكن حسنة، والله أعلم بما في من نفسك.
والآن يا علي قل لي بربك ماذا استفدت من كل الذي فعلته؟!
نعم لقد اقتصيت لنفسك من كل الذين ثارو عليك وأسهمو في إسقاطك من كرسي الحكم، وأخذتت بثأرك من الشعب كله ومن اليمن بأكمله.
نعم يا علي لقد أتقنت الدور ونجحت في المهمة وتمكنت من تدمير اليمن وإفساد كل شيء جميلل فيها، وهاهي اليمن اليوم مليئة بالجراحات والآلام وتنزف فيها الدماء البريئة كل يوم، وهاهو الجيش قد تعرض لأقسى تدمير عرفته الجيوش اليوم وتحول نصفه إلى مليشيات ﻻشرعية لها بفضل قيادتك ونجلك له، وهاهي بيوت اليمن تئن من كثرة الدموع وأعداد المفقودين والجرحى والقتلى، ﻻفرق بين بيوت معارضيك ومحبيك، الكل تضرر والكل يتألم والكل يشكو والكل يعاني من سوء أوضاع اليمن حتى أهلك وبناتك وأحفادك.
بل لقد أصبحت الحياة في اليمن نكد في نكد ومعاناة في معاناة الكل يعاني الكبير والصغير والذكرر والأنثى ﻻفرق، بل حتى مقاتيلك يئنون من الجراح التي أثخنتهم.
واﻵن يا علي .. لم يتبق أمامك إلا خيط رفيع أخير، لا أدري هل تستطيع التقاطه واستخدامه لتنجوو وتنقذ من معك واليمن أم ﻻ !؟؟ ومع هذا حاول التقاطه، إنها الفرصة الأخيرة، ربما تفلح ربما تنجح ربما تستطيع، الحق ماتبقى إنه المشهد الأخير لك ولنا ولليمن كلها، فإن عجزت فتأكد أن الله لا يريد بك خيراً ، وأجزم لك أن نهايتك ستكون وخيمة، وأن دمار اليمن في ذمتك وهو دمار لك ولن تنجو أبداً ﻻدنيا وﻻ آخرة.
وستتذكر كلامي هذا لكن بعد فوات الأوان، في وقت تعجز فيه عن الدفع عن نفسك ولو بكلمة، إنهه الموت يا علي، مثلما خطف آلاف اليمنيين بسببك فإنه سيخطفك مثلهم ولن تنجو منه، بل وﻻ أظن مطلقاً أنك ستموت ميتةً طبيعية، إن نهايتك ستكون مؤلمة ﻷهلك. لعلك فهمتني أو ستفهمني لاحقاً، وها أنا ذا نصحتك مع أني أحد خصمائك بين يدي الله تعالى.

No more posts

No more posts

Breaking News
نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept