وأرادت واشنطن من هذه الغارات أن تشكل مدخلاً لتفعيل حضورها في اليمن، ولأغراض أبعد من محاربة “القاعدة” في جنوب شبه الجزيرة العربية.
واضح من ذكر اليمن بالاسم دون سواها، أن الحرب والعامل الإيراني فيها، محور المحادثات. وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، زاد من هذا الوضوح، خلال مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي”، محملاً الدور الإيراني في المنطقة مسؤولية عدم الاستقرار السائدة في اليمن.
ويلتقي هذا التوصيف مع خطاب البيت الأبيض تجاه إيران، والذي كانت ذروته في التحذير القريب من الإنذار، الذي وجهه مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي، الجنرال مايكل فلين، قبل إقالته من منصبه. وعادت وتكررت هذه اللغة قبل أيام إثر محاولات القوارب الإيرانية “التحرش” ببارجة حربية أميركية في مياه الخليج.
الحديث الأميركي عن دور إيران في المنطقة يتقاطع مع التوصيف السعودي له، لكن ما ليس واضحاً ولا يزال موضع جدل داخل الإدارة، هو المدى الذي يمكن أن تصله إدارة ترامب في شجبها لهذا الدور، وربما كان أحد الأغراض الرئيسة لزيارة ولي ولي العهد السعودي هو استكشاف آفاق هذا المدى.
من هنا يأتي رفع درجة الحضور العسكري الأميركي في اليمن، بالترافق مع تزويد السعودية بالسلاح المتطور “الدقيق في الوصول لهدفه”، كمؤشر على توجه محتمل لإدارة ترامب، يرمي إلى شلّ الدور الإيراني في اليمن إن لم يكن لهزيمته.
غير أن الثبات على توجه معلن في المجال الخارجي، ليس من سمات الإدارة الأميركية الحالية، فمنذ انتخاب ترامب لم يسلم ملف من هذا النوع من قفزات مواقف الرئيس، إذ تبدّلت توجهاته وتقويماته أحياناً بين ليلة وضحاها، شمل ذلك الحليف والخصم؛ من الصين إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى الدولة الفلسطينية، مروراً بالمكسيك وأستراليا، وحدها روسيا بقي على إعجابه بها وبرئيسها فلاديمير بوتين، مع الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الإعجاب الذي قد تتوصل التحقيقات إلى سبر أغواره غير السارة. فهل يسلم الشرق الأوسط من زئبقية مواقف ترامب؟