لا يضع مسؤولون في الأمم المتحدة في دعواتهم إعادة الشرعية إلى اليمن أو تجنيب المدنيين المزيد من الدمار والقتل عندما ينظرون إلى الوضع في البلاد من زاوية إنقاذ الحوثيين ومنع خسارتهم للحرب خاصة بعد أن نجح التحالف العربي وقوى المقاومة المحلية في هزيمة المتمردين في عدن ومنعهم من التحرك بحرية عبر باب المندب.
في المقابل، يتواصل الدعم العربي للشرعية اليمنية، وذلك ما عكسه اللقاء الذي جمع مؤخرا في العاصمة الإماراتية ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي .
وكلما ضيق التحالف الخناق على المتمردين إلا وتحرك المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد أو مسؤول أممي آخر للحديث عن مبادرة حوار وتفاوض على أمل وقف المعارك وتمكين الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من وقت كاف للمناورة وإعادة تنظيم أنفسهم.
ولا يتوانى المسؤولون الأمميون في التذرع بالأزمة الإنسانية أو بالتخويف من صعود القاعدة لتبرير رغبتهم في الوصول إلى حل، غير آبهين إلى أن القرار 2216 الذي تبناه مجلس الأمن يحمل أسس الحل.
وعبر نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون عن أمله في إجراء محادثات سلام بشأن اليمن بحلول نهاية أكتوبر الجاري.
ودعا إلياسون، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي في جنيف بعد محادثات في السعودية والإمارات وإيران كلا من الحوثيين وحكومة الرئيس هادي للمشاركة في محادثات سلام بلا شروط مسبقة.
وذكر إلياسون أن الأمم المتحدة تجري محادثات لإنهاء الحصار الذي تقوده السعودية وفتح المزيد من الموانئ للسماح بتوصيل إمدادات الطاقة وغيرها من الإمدادات.
وواضح هنا أن الأمم المتحدة لا تضع في حسابها إعادة الشرعية إلى اليمن، أو تجنيب المدنيين المزيد من الدمار والقتل، وإنما تفكر في كيفية فك الحصار المفروض على المتمردين، وفتح الموانئ أمامهم ليس فقط للحصول على إمدادات الطاقة، وإنما تمكينهم من مقومات الاستمرار في المعركة.
ويمنع طيران التحالف العربي على السفن الاقتراب من الموانئ اليمنية قبل تفتيشها لمنع وصول أسلحة إيرانية للحوثيين، ونجح هذا الخيار في إرباكهم ودفعهم إلى التراجع على أكثر من جبهة.
ووصف مسؤول في الحكومة اليمنية في تصريح لـ”العرب” جولات الحوار التي ترعاها الأمم المتحدة في مسقط على وجه التحديد بأنها لا تلبي المعايير الأساسية والمتطلبات السياسية للجانب الشرعي في الصراع وأنها تستند في مجملها على وعود والتزامات من الانقلابيين الذين ثبت عدم جديتهم في كل مراحل الحوار السابقة.
ووفقا لمصادر “العرب” يواصل المبعوث الدولي إلى اليمن ضغوطه على الحكومة اليمنية لدفعها إلى الجلوس مع الحوثيين والرئيس السابق على طاولة واحدة، الأمر الذي ترفضه الحكومة اليمنية معتبرة أن الحوار يجب أن يكون فقط حول آلية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216 دون أي تحفظات أو اشتراطات فيما يحاول الحوثيون وصالح إدخال تغييرات على جوهر القرار.
وكان هادي دعا الحوثيين، الأربعاء، إلى “الجنوح للسلام والإعلان بقبول تنفيذ القرار الأممي 2216 لحقن دماء الأبرياء، دون قيد أو شرط أو تسويف أو مماطلة”، مطالبا في لقاء مع سفراء دول مجموعة الـ18، المجتمع الدوليبـ”الضغط في هذا الاتجاه”.
واعتبر محللون سياسيون دعوات ولد الشيخ المتكررة للحوار وتحديده مواعيد دون التشاور مع الحكومة اليمنية بأنها جزء من سياسة الضغط التي دأبت عليها المنظمة الدولية للحصول على تنازلات من الرئيس هادي وحكومته، وهي الضغوطات التي وصفت بأنها تستند على معلومات مضللة من طرف يستخدم المفاوضات وسيلة للمراوغة.
وتحرص الأمم المتحدة بين وقت وآخر على فتح الملف الإنساني في اليمن، وهو الأمر الذي قالت مصادر “العرب” إن هادي شرح تعقيداته أثناء لقائه بالسفراء، لافتا إلى أن الحوثيين هم من يقفون أمام تدفق السلع الأساسية والمشتقات النفطية عبر الموانئ في محاولة لتوظيف الملف سياسيا.
وبالتوازي مع أسلوب تهويل الأزمة الإنسانية التي لا تراها الأمم المتحدة في أماكن أخرى أشد معاناة مثل سوريا، بدأ مسؤولون في المنظمة استثمار المخاوف من تمدد تنظيم “القاعدة” في اليمن.
وقال إلياسون إن تنظيم القاعدة حقق مكاسب على الأرض وعزز نفوذه في اليمن وإن هذا “سبب قوي” لاستئناف المحادثات بشأن وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.
من جهة أخرى، اقترب انطلاق معركة تحرير محافظة الجوف الاستراتيجية.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب اللندنية” أن آلاف المقاتلين التابعين للجيش الوطني والمقاومة الشعبية ينتظرون ساعة الصفر للبدء في عملية واسعة لتحرير المحافظة التي تتصل جغرافيا بالحدود السعودية من جهة وبمحافظات صعدة وعمران وصنعاء من جهة أخرى والتي سيساهم تحريرها في تضييق الخناق على ميليشيا الحوثيين وسيفتح الباب أمام تحرير محافظات أخرى مثل عمران وصنعاء.