لا يجب الاكتراث لصراع الحوثيين مع المخلوع صالح، فالطرفان يشتركان معاً في جريمة موت كل إنسان يمني، ويتشاركان في معاناة كل جريح، وفي ألم كل امرأة مصابة بفواجع متوالية من فقدان زوج وابن وأخ، حالة اليمن لم تعد تستحق البحث في ماهية الصراعات السياسية بين مجرمين تقاسموا ظلم الإنسان وجعلوه يموت إما في جبهات الحرب أو في بيته جائعاً مريضاً.
منذ 1962م لم تحظ اليمن بفرصة للحياة ظل صراع الإمامة والجمهورية يقتات من جسد المواطن اليمني، فما زال اليمن يحتل المراتب المتأخرة في كل تصنيفات الأمم، لم تستطع اليمن الفوز في تصنيف واحد، التعليم متأخر، الصحة متأخرة، التنمية مفقودة، الشفافية غير موجودة، انعدام كامل لكل مؤشرات الكرامة والعدالة والمساواة، وطن مختطف بجاهلية الصراعات التي ما زال الكهنوتيون يحاربون من أجل أن يبقى السيد حاكماً للبلاد والعباد، وما زال الجمهوريون يعيشون على عبث المصطلحات كالديمقراطية والانتخابات والأحزاب فكل تلك المصطلحات هي منافذ لبيع الفساد لأفواه لم تُغلق يوماً، بل ما زالت فاغرة تريد المزيد.
نصف قرن من هذا القهر وما زال اليمنيون شماليين وجنوبيين يشعرون بأنهم محكوم عليهم لنصف قرن آخر من تكرار صراعات الإمامة التي وجدت في عمائم طهران ما يعيدها إلى ما كانت عليه في حكم اليمن، تحولت الزيدية إلى إثنى عشرية، سقط كل ذلك الميراث العريق من اليمن الفقيه، من إرث الشوكاني العظيم، لترتد الطعنة في ظهر الأمة كلها، الزيدية تتلاشى وتكشف وجهاً آخر لاستخدام المذهب كحصان طروادة للحصول على المنصب السياسي.
عبدالملك الحوثي وجه عبوس جاء لليمن بالعمامة وبشّرهم بالإمامة فحصلوا على القمامة، تساوت بيروت وصنعاء في تكدس الشوارع بما وعدهم خامنئي فوجدت المدينتين العربيتين أطناناً من القمامة تُلخص سياسة الارتماء في أحضان إيران.
حسن نصر الله وعبدالملك الحوثي وجهان لا يختلفان أبداً، كلاهما يرى أنه السيد، وكلاهما يغدق على الشعب بالكذب والتدليس، وكلاهما أوصلا بلديهما ليكونا عنواناً يتصدر نشرات الأخبار ليس بإقامة مهرجانات عالمية أو استضافة قمم دولية بل بجمع القمامة في كل شارع بصنعاء وبيروت.