غالباً يسألني اصدقائي ويظنون انني خارج اليمن ولكنني اجيبهم بقولي: انا في مثلث برمودا ! فيقهقون بالضحك يظنون انني لااريد ان احدثهم عن مكاني لاسباب خاصة بي ولكنني اجيبهم انني بالفعل في هذا المكان ، فيصمتون ويمتنعون عن الخوض في هذا المجال ، وهكذا حالي مع اصدقاءي الذين يسألوني عن مكاني ماعدا صديق واحد قلت له اني في “جحر الحمار الداخلي” ! وفي ليلة امس قال لي احد اصدقاءي : اكيد ان مثلث برمودا لها قصة عندك فاستحلفك بالله ان تحدثني عن ماذا تقصد بها ! فقلت له سأحدثك غداً وها أنا أفي بوعدي واحدث صديقي في هذا المقال بطريقة عامة مختلفة عن سؤاله وطلبه الذي قام به بالطريقة الخاصة عبر المراسلة في الواتس آب وموقع الفيس بوك .
ياصديقي العزيز: قبل ان تسألني وتقول لي “اين انت” ، لقد سألت نفسي عدة مرات وقلت لها “اين انا”، فقالت لي: انت في اليمن ! ولكني استطلعت احاديث النبي عليه الصلاة والسلام التي تتحدث عن فضل اهل اليمن ولم اجد منها اثراً على الواقع ولم اجد حكمة ولا ايمان ولاقلوب رقيقة وافئدة لينة ، فأرد على نفسي واقول لها لا لا لا انا لست في اليمن ، فتقول لي :انت في موطن العرب ! ولكنني استطلع التأريخ الذي يحدثني ان اليمن اصل العروبة ومنبع القبائل العربية ، ولم اجد لذلك علامات في اليمن الان ، حيث اصبحت اليمن كأنها موطن قبائل الفرس واول من آمنوا بنار المجوس ، فارد على نفسي واقول لا لا لا انا لست في ارض العروبة فتقول لي : قد ربما مايحدث الان جعلك تشعر بغربة وانت في وطنك ، ولكنني عندما ارى حال الغرباء خارج اليمن في كل دول الشرق والغرب لم يشعرون بما اشعر به ، حتى ولو كنت في الصومال لم يكن حالي كهذا الحال الذي انا به في اليمن ،، فأرد على نفسي واقول لها لا لا لا انت لست في غريب في وطني ،،، ولم اجد جواباً يجعلني اقتنع عن مااشعر به الا ان اقول انا في “مثلث برمودا”.
ياصديقي : عندما تريد ان تعيش وطنياً من اجل الوطن ، ويمنياً من آل اليمن ، ستجد ان الوطن هو المواطن ، وهو حزب الاحزاب ، وهو التقدم والرخاء والولاء والمواقف والارض والانسان والشموخ والفخر العزة والكرامة والحرية والعدالة ،، ولكن عندما تريد ان تعيش في الوطن من اجل اشخاص ، ستجد ان الوطن هو الزعامات والعوائل والعصابات والسلالة ، وهنا اما ان تكون مؤتمري تجعل الوطن هو آل عفاش ، او اصلاحي تجعل الوطن هو آل الاحمر ، او سيد سلالي تجعل الوطن هو آل الحوثي ، وهنا سيصبح الوطن مثلث برمودا تحتله الشياطين ويحيا فيه المضلين .
ايها الصديق : ان الوطن لم يعد هو الوطن واليمن لم يعد اليمن ، وانما اصبح ساحة صراع لمثلث عائلي وصارت فيه العائلة هي الحكم وهي السلطة والجمهورية والدولة والنظام والديمقراطية والحزب والشعب ، حتى اصبح الوطن ثالث ثلاثة وصار في نظر المؤتمريين المتحوثين هو عائلة عفاش المكونة من علي عبدالله صالح واحمد ويحيى وطارق وعمار ، واصبح في نظر حزب الاصلاح هو عائلة آل الاحمر المكونة من الشيخ صادق وحميد وحمير وهاشم وحسين ومذحج ، وصار في نظر جماعة انصار الله هو عائلة آل الحوثي المكونة من السيد عبدالملك ومحمد الحوثي وحمزة وكل من ينتمي لسلالة من يسمون انفسهم آل البيت ، وهنا صار الوطن ضحية بين هؤلاء وساحة صراع لهم .
ياصديقي العزيز : مشكلة اليمن التأريخية ناتجة عن الانظمة العائلية ، فالعائلة هي سبب تخلف اليمن قبل قيام ثورة ٢٦ سبتمبر ، وبعد الثورة السبتمبرية بفترة بسيطة استقرت اليمن في ظل نظام عائلي يرتدي لباس الجمهورية مكون من عائلة آل الاحمر المحتوية لآل عفاش وال الاحمر باعتبارهم قبيلة حاشد ، فكانت العائلة هي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب والجيش والثروة ، وكان رئيس الجمهورية هو رئيس شيخ القبيلة ، وشيخ القبيلة هو شيخ رئيس الجمهورية ، وهكذا اصبحت اليمن تحت حكم العائلة لمدة ٣٣ سنة .
ياصديقي : ماحدث في اليمن هو اختلاف داخل العائلة “آل الاحمر” وهذا ماجعل العائلة الواحدة تنقسم إلى عائلتين هما آل الاحمر وآل عفاش ، ونتائج ذلك الخلاف جعل العائلة تتبرء من العائلة ، والعائلة تقوم بثورة ضد العائلة ، فثورة فبراير العائلية تصدرتها عائلة آل الاحمر لاسقاط النظام العائلي آل عفاش ، والجيش العائلي بقيادة علي محسن الاحمر انضم لحماية الثورة العائلية من الجيش العائلي التابع لنظام آل عفاش ، وعائلة آل الاحمر تدعي ان كل الفساد والمشاكل وضعف التنمية في اليمن سببها عائلة عفاش ، وعائلة آل عفاش تدعي ان كل مايحدث من قبل سببه عائلة آل الاحمر ، وهكذا اتفقت واختلفت العائلة التي كانت في اتفاقها تتقاسم الحكم والثروة والجيش، وفي اختلافها تتقاسم الفوضى والازمة ، فأثرت على الوطن في اتفاقها وفي اختلافها.
ايها الصديق : تحالفت عائلة آل الاحمر مع عائلة آل الحوثي من اجل اسقاط عائلة آل عفاش واتحدوا في ساحة ثورة فبراير وذهب الشيخ صادق الاحمر لتحكيم السيد واعترف بأنهم اخطأوا عليه ، وبعد اسقاط عائلة آل عفاش تحالفت العائلة العفاشية مع عائلة آل الحوثي من اجل القضاء على عائلة آل الاحمر ، والآن تقف تلك العائلتان في صف الانقلاب بينما تقف عائلة الاحمر بصف المقاومة وبدأت بالتلميح بعودتها إلى صنعاء عند القضاء على تلك العائلتين ، وهكذا يدور الصراع العائلي الثلاثي الذي يدل على ان مصائب اليمن ناتجة من تلك العوائل الثلاث .
صديقي العزيز : عائلة عفاش وآل الاحمر كانت تعتبر عائلة واحدة وقبيلة واحدة هي قبيلة حاشد ، وعندما اختلفت تبرءت من بعضهما البعض لتظهر تلك العائلة اخيراً انها ليست من قبيلة حاشد وليست يمنية اطلاقاً.فعفاش قال انه حميري ومراجع قبائل حمير تقول ان عفاش اسم حصن وليس اسم شخص، ولوكانت عائلة عفاش حميرية لما كانت تساند جماعة الحوثي في قتال ابناء قبيلة حمير في إب وتعز ، والحقيقة ان عائلة آل الاحمر ظهرت اصولهم من الالبان وال الحوثي من قريش أو من ايران وآل عفاش يعلم الله من وين ، فهذه الثلاث العوائل اصولها من غير اليمن واني لاظن انها قد جاءت وطننا من مثلث برمودا.
ياصديقي : ان حزب الاصلاح يعتبر عائلة عفاش شياطين ولكنه يعتبر عائلة الاحمر من طيور الجنة ، وايضاً انصار المؤتمر المتحوث يعتبرون عائلة الاحمر رموز شر بينما يعتبرون عائلة عفاش رموز الوطن ، وكذالك الحال مع انصار آل الحوثي ، فمايدور في اليمن هو صراع عائلي ثلاثي أبى انصار ذلك الصراع ان لايتنازلوا عن التمسك بالشخصيات ويعودوا إلى التمسك بالوطن .
ياصديقي : عندما تنظر إلى آل سعود وآل نهيان وآل مكتوم كيف بنوا اوطانهم ستجد ان تلك العوائل تحمل الوطنية الحقيقية لأنها نبتت من تراب ارضها فخدمت وطنها وشعبها ،، ولكن عندما تنظر إلى آل عفاش وآل الاحمر وآل الحوثي ستجد انها لم تقدم لليمن شئ ، بل انها سبب الصراع الدائر فيه ، وهذا ماسيجعلك تعتقد ان تلك العوائل جاءت من مثلث برمودا وليست من اليمن.
صديقي : انا في وطن بلا وطن ، اعيش في مكان انام فيه جائع ، واجلس فيه خائف ، الميليشيات الانقلابية تطاردني ، واحبابي ورفاقي خذلوني ، ومديري فصلني من عملي ، خالفت مؤتمر آل عفاش فقالوا عني “خائن”، وانتقدت اصلاح آل الاحمر فقالوا عني جاسوس، ورفضت انصار آل الحوثي فقالوا عني “عميل”، والحقيقة انني لم اكن كماقالوا ولكنني كفرت بعوائلهم وكل مايدعون ، وجعلت حزبي هو “الوطن” ووقفت مع عائلة “آل اليمن”.